الأزمة المالية والاقتصادية التي تعيشها الولايات المتحدة والعالم بأسره، أثارت قلقاً عند الأميركيين على مستقبل الأجيال الأميركية الطالعة، وهل ستعيش حياة أفضل وأكثر استقراراً ورفاهاً من الأجيال التي سبقتها. وأثارت قلقاً أكبر، وجدلاً واسعاً حول ما إذا كانت الأزمة قد عصفت بـ «الحلم الأميركي» الذي يعد أفضل تحديد له، هو (إن كل جيل جديد سيعيش حياة أفضل من الجيل الذي سبقه).

الحلم الأميركي، في جوهره يقوم على العمل وتحقيق الثروة، وبناء حياة أفضل، واستخدام أحدث إنجازات العلم والتكنولوجيا في كافة مناحي الحياة. وهو حلم جذب الملايين من كافة اصقاع الدنيا إلى أميركا سعياً لتحقيقه، ولا يزال يجذب الملايين إليها سنوياً. كثير من الأميركيين، يعتقدون اليوم أن الحلم قد انتهى، أو تصدع. بعدما رأوا انهيار أكبر المؤسسات والبنوك المالية، والشركات الصناعية الكبرى، وازدياد البطالة والتضخم إلى معدلات غير مسبوقة، منذ عقود.

وما سيترتب على هذه الانهيارات من أثار على المدى البعيد، حيث تتجه الولايات المتحدة، وهي معقل الرأسمالية، وقلعة نظام السوق الحر، إلى التأميم والسيطرة الحكومية، بل يبالغ البعض بشكل غير واقعي، بالقول انها تتجه نحو نوع من الاشتراكية الأوروبية. ولذلك فان الحلم الأميركي قد انتهى، أو بات من الصعب جداً بلوغه وتحقيقه.

وعززت الأزمة المالية، التي تتجاوز خسائرها المتزايدة تريليونات الدولارات، اعتقاد أوساط من الأميركيين لا يستهان بها وبرأيها، أن الحكومة الأميركية، جمهورية كانت أم ديمقراطية، وبالتعاون والتواطؤ مع كبريات المؤسسات المصرفية والشركات الصناعية العملاقة وبتغطية من 90 في المئة من وسائل الإعلام المختلفة، وهي مملوكة للشركات الصناعية والاستثمارية والمالية الكبرى. تقوم «بحرب غير معلنة» ضد الطبقة الوسطى الأميركية التي تشكل 70 في المئة من الأميركيين.

وأن هذه الحرب مستمرة منذ سنوات، وان الأزمة التي تعصف بالولايات المتحدة نتيجة لها، وان ضحيتها الأولى هي الطبقة الوسطى، التي تعتبر مثل غيرها في أي بلد في العالم عماد الإنتاج القومي للبلاد. وعماد تقدمه وازدهاره. في استطلاع للرأي أجري مؤخراً حول هذا الموضوع، كان المشاركون فيه بين 20 ـ 25 سنة من العمر، قالت الأغلبية انه «لا أوهام لديهم، بان الحلم الأميركي قد تصدع، إن لم يكن قد انتهى» بينما الأقلية قالت إن الحلم لا يزال قائماً وان حياتهم ستكون أفضل من حياة آبائهم.

الخبراء والعلماء الاقتصاديون، يعتقدون انه وبرغم ارتفاع متوسط دخل العائلة من الطبقة الوسطى، وهو ارتفاع عائد لعمل المرأة إلى جانب الرجل، أكثر مما كان عليه في السنوات الثلاثين الماضية، فان من المحتمل أن يعيش الجيل حياة أفضل من الجيل الذي سبقه، نظراً لزيادة المتطلبات والنفقات، وأن الزيادة في الدخل، متوقع لها آن تنخفض مع نظام العولمة، الذي نقل شركات وقطاعات صناعية أميركية ضخمة، إلى بلدان أخرى في العالم، سعياً لجني أكبر الأرباح، حيث تتوافر المواد والأيدي العاملة الرخيصة.

ولخبراء التربية والتعليم الأميركيين رأيهم القائل أيضاً بان «الحلم الأميركي» قد تراجع كثيراً، وتغير مفهوم الأميركيين عنه، ولكنه لم ينته بشكل تام. وان كان هذا يبقى أمراً متوقعاً.وفي المقابل، يرى أميركيون، أن الأزمة المالية، ومهما كانت نتائجها، لن تقضي على «الحلم الأميركي». وإن لدى الولايات المتحدة، من القوة والقدرة والثروة ما يمكنها من التغلب على الأزمة، مهما طالت، لتعود قوية ومعها الإيمان باستمرار الحلم الأميركي؟!