بادر موقع «بارنز أند نوبل» الإلكتروني المتخصص إلى إجراء هذه المقابلة مع الكاتب الأميركي جون كلينش بمناسبة صدور روايته الأولى بعنوان«فين» التي تستمد إلهامها من رائعة مارك توين الشهيرة «مغامرات ها كليبري فين»، حيث أوضح أن روايته هي الأولى من حيث النشر فحسب، حيث يبلغ رصيد انجازاته خمس روايات تنتظر شق طريقها إلى الإصدار.

تناول جون كلينش الأعمال التي أثرت في كتاباته والطقوس التي اعتاد القيام بها لدى عكوفه على الكتابة، وأشار أخيراً إلى توقعه إنجاز عمل جديد له، هو عبارة عن تراجيديا تنعقد بطولتها للعلاقة بين الآباء والأبناء. وفيما يلي نص الحوار:

الكثير من الكتاب لا يمكن وصف قصص حياتهم بأنها نجاح تحقق بين عشية وضحاها. فكم من الوقت استغرقت للوصول إلى حيث تقف الآن في عالم الكتابة؟ وهل خضت غمار قصص رعب متعلقة برسائل الرفض من الناشرين؟ هل لديك قصص طريفة في هذا الصدد تلهم الكتاب الآخرين؟

عكفت على الكتابة بدأب وإصرار على امتداد عشر سنوات، أنجزت خلالها خمس روايات، قبل أن تهب عاصفة رواية «فين» على حياتي وتغير كل شيء. وقد كانت هذه السنوات بمثابة ممارسة هائلة بالنسبة لي، وأنا أعتبرها كذلك حتى ولو يقدر لأي من الروايات الخمس أن يرى النور.

وقد ساعد مرور الوقت في حد ذاته أيضاً، فأنا أعتقد حقاً أنه ما كان لي أن أكتب رواية »فين« وأنا أصغر سناً وأقل خبرة مما كنت عليه عندما قمت بتأليفها. وشخصية فين في هذه الرواية وأنا من عمر واحد تقريباً، وعلى الرغم من أن هذا هو من الناحية العملية كل ما يجمعنا، إلا أنني أعتقد أنه كاف تماماً.

ما الذي تشكله رواية «فين» بالنسبة لك؟ إنها رواية أولى لا ينقصها الطموح، ولا الجرأة، تستمد إلهامها من أشهر أعمال مارك توين، وهي تقطع الشوط كاملاً في تصوير حياة والد هاكليبري بكل عنفه وغرابة أطواره وقدرته على إثارة الجدل والانفعال من حوله.

هل لك طقوس خاصة متعلقة بالكتابة؟ على سبيل المثال ما الذي تضعه على مكتبك خلال عكوفك على الكتابة؟

القهوة، وعلى وجه التحديد قهوة ستاربكس. وعندما أفرغ من هذه القهوة فإنني أبادر إلى شرب المزيد من القهوة. وإذا نظرت للأمر جدياً، فإن الحياة التي أمضيتها في العمل في الصياغة الإبداعية للاعلانات كانت وراء تطويري لبعض العادات العملية المتعلقة بالكتابة، فأنا أجلس إلى مكتبي وأنجز ما يتعين عليّ انجازه.

ما الذي تعكف على انجازه الآن؟ أعكف على انجاز تراجيديا انتقام تدور حول العلاقات بين الأبناء والآباء.

ما هي النصائح التي توجهها للكتاب الذين لايزالون يشقون طريقهم نحو إمكانية اكتشاف دور النشر لهم؟

عليهم بقراءة الكتب العظيمة، فمن دون هذه الكتب ليس لديهم نموذج ينسجون على منواله. وعليهم الكتابة كل يوم. فإذا لم يكن بمقدورك إجبار نفسك على الكتابة بهذا الزخم فمعنى ذلك أنك تعمل في المهنة الخطأ. وأحرص على أن تكتب شيئاً تصدقه، وأنت لست مضطراً لكتابة ما تعرفه، ولا كتابة ما يعتقد أحدهم أنه شيء جيد، ولكن عليك أن تكتب شيئاً تعتقد من كل قلبك أنه مهم.

ما هي الكتب التي أثرت في مسار حياتك باعتبارك محترفاً للكتابة؟

هذا سؤال تسهل الإجابة عنه، فهناك كتاب جون جاردنر بعنوان «جريندل». وقد كنت على الدوام معجباً أشد الإعجاب بجاردنر، وهو صوت مثقف ومرن، ولديه استعداد مثير للإعجاب لتناول الموضوعات الكبرى، كما أن لديه الشجاعة لتحدي التفكير السائد في دوائر عصره الأدبية، وقد بدا ذلك من خلال كتابه «حول الرواية الأخلاقية» لكن تلك كما يقولون قصة أخرى. ويخطر ببالي الآن أنه حتى عنوان روايتي «فين» قد يكون مساهمة غير واعية في البساطة التي اعتمدها جاردنر وهو يقرر عنوان كتابه.

لو أنك كنت مشرفاً على ناد للكتاب، فما الذي كان أعضاء هذا النادي سيعكفون على قراءته؟

أعتقد أننا كنا سنقرأ عملاً كلاسيكياً صغيراً قمت بإعادة اكتشافه قبل سنوات قلائل وهو «السماء الرحبة» من تأليف إيه. بي. ونثري، وهو عمل يستخدم مواد بسيطة للغاية، حيث يقدم للقراء قصة رجل من سكان الجبال ونمط حياته، ليتناول من خلال هذا قضايا فلسفية كبرى حقاً، كما أن هذا العمل يعكس إحساساً رائعاً بالمكان أيضاً.

في ضوء الخيارات التي تقوم بها كمؤلف في رواية «فين» ما هي كتبك المفضلة؟ وما الذي يجعلها ذات أهمية خاصة بالنسبة لك؟

لقد لاحظت أن الكتب المفضلة لديّ تندرج في ثلاث فئات، وكل فئة منها تمثل شيئاً أعجب به في الأدب.

إنني أحب مجموعة «الجزيرة» لألستير ماكلويد ورواية «جسر سان لويس راي» لثورنتون وايلد وذلك لنقائهما العاطفي الكبير، وأنا لا أقرأ عادة بحثاً عن استجابة عاطفية، ولكن هذين الكتابين وصلا بي إلى مشارف البكاء.

والمجموعة التالية من الكتب يجمع بينها الاهتمام بها من الناحية الأسلوبية، فهي روايات لها رواة لا يعتمد عليهم يستخدمون ضمير المتكلم، وأعظم هذه الروايات، بالنسبة لي على الأقل، هي رواية «لوليتا» لفلاديمير نابوكوف. وبالمناسبة فقد كان شيئاً طريفاً بالنسبة لي أن أرصد استجابتي حيال هذه الرواية على مر السنين.

تعد رواية بول ثيرو «ساحل البعوض» مثالاً آخر بديعاً على القصة المأساوية التي يرويها راوية لا يمكننا أن نثق به، هو في هذه الحالة فتى مراهق دفع أبوه المجنون عائلته بأسرها إلى خطر محدق، والفتى تشارلي فوكس لا يستطيع إجبار نفسه على أن يحدثنا أي وحش كاسر هو أبوه، ولكن حقائق السرد واضحة بما فيه الكفاية بحيث لا تحتاج إلى تعليق مباشر، ومن الممتع أن نتابع أحداث الرواية وهي تتوالى.

لكن الروايات ذات الراوية الذي لا يمكننا الاعتماد عليه لا تحتاج بالضرورة إلى أن تكون رحلات إلى رحاب اليأس. ولنتأمل في هذا الصدد كتابين من أشد الكتب التي يمكنني التفكير فيها طرافة وقدرة على اجتذاب القارئ وهما «مذكرات من قضية أنتبروف» لمارك هلبرين و«دارس المصريات» لأرثر فيليبس، وهذه الرواية الأخيرة هي ممارسة لمدى قدرة المؤلف على المضي بموضوعه إلى نهاية المطاف، وهو ما يقوم به المؤلف بالفعل.

المؤلف في سطور

* عمل الكاتب والروائي الأميركي جون كلينش بالصياغة الإبداعية للإعلانات، وله وكالة متخصصة في الإعلانات في فيلادلفيا، لكنه انتزع من الوقت من عمله على امتداد عشر سنوات كاملة ما مكنه من تأليف خمس روايات، وتعتبر رواية «فين» الصادرة مؤخراً هي الرواية الأولى من بين الروايات الخمس التي تشق طريقها إلى النشر.

* يعكف كلينش في الوقت الراهن على انجاز روايته السادسة والتي ذكر أنها عمل تراجيدي يدور حول المدى الهائل الذي يمكن أن يصل إليه تعقد العلاقات بين الآباء والأبناء.

* نشر مقاطع من رواياته وقصصاً ومقالات متعددة في عدد من أبرز مجلات العالم، ومن بينها«النيويوركر» و«فيلج فويس».

* على الرغم من أن روايات كلينش لاتزال في مراحل مختلفة من الاعداد للنشر إلا أنه يلقى حماساً كبيراً من العديد من الدوائر في هوليوود التي تتفاوض معه حالياً على تقديم روايته «فين» على الشاشة الفضية.

منى مدكور