عندما اعتلت الفنانة الإماراتية موزة المزروعي خشبة المسرح عام 1973، لم تكن أول إمارتية تقتحم هذا العالم الذي لطالما بقي حكراً على الرجال فحسب وذلك حين كان يلعب الممثلون دور الممثلات، بل إنها خطت بذلك خطوة تاريخية نحو انخراط المرأة الإماراتية في مسيرة مشاركة المرأة في تنمية المجتمع.

حول شعورها بشأن التكريم الذي حظيت به على هامش الدورة الرابعة من مهرجان دبي لمسرح الشباب 2010، وأيضاً تسميتها شخصية العام، قالت موزة المزروعي:شعوري لا يوصف حيال تكريمي اليوم في دبي، وأتوجه بالشكر أولاً إلى هيئة الثقافة والفنون في دبي، وعلى رأسها سمو الشيخ ماجد بن محمد آل مكتوم، وإلى نائبه محمد المر والمستشار الدكتور صلاح القاسم وإلى الأمين العام سعيد النابودة وإلى سالم بليوحة وياسر القرقاوي، وكل الشباب والشابات الذين يعملون في الهيئة، أشكرهم على هذا المجهود وهذا العرس، عرس مسرح الشباب.

هذه ليست المرة الأولى التي أكرم بها في دبي، بل الثانية، فلقد كرمت عام 1981 مع مسرح دبي الأهلي، وكرمت في مسرح رأس الخيمة سنة ألفين وفي الكويت سنة 1997، كرائدة مسرحية على مستوى مجلس التعاون الخليجي.كما كرمت العام الماضي في مسرح الفجيرة، لأني من المؤسسين في مسرح الفجيرة القومي، أما عن شعوري فهو شعور أي شخص يكرم ويكون فرحاً وسعيداً بهذه اللفتة الكريمة من سمو الشيخ ماجد ومن هيئة الثقافة.وأنا راضية حيال ما حققته الحركة المسرحية في الإمارات من نجاحات بشكل تام لأننا كنا قد بدأنا من الصفر.

بينما أصبحت المسارح في يومنا هذا منتشرة على نطاق واسع في كل الإمارات، والدورة الرابعة من مهرجان دبي لمسرح الشباب تشير إلى استمرارية هذه المسيرة، وإلى أن هناك من يتسلم الراية دائماً ويسلمها لغيره بعد أن كنا قد أسسنا في البدايات شيئاً من لا شيء في ميدان المسرح.وعن الدرس الذي استقته الفنانة المخضرمة من هذه التجربة الممتدة والغنية والنصيحة التي توجهها على ضوئه إلى الأجيال الفتية من الفنانين، قالت المزروعي:

إن «المسرح نور يضيء الطريق أمام الناس والمجتمع والمسرح هو أبو الفنون جميعاً، وأنا أنصحهم بالمثابرة والصبر، فهناك أناس لمع نجمهم لفترة من الزمن وما لبثوا أن اندثروا ولم يعد يأتي على ذكرهم أحد، وهناك أناس لا يزالون مستمرين، أنصحهم بالاستمرار وأتمنى عليهم أن يصبروا .

وأن لا يتعجلوا، فهناك فنانون دخلوا المسرح وخرجوا منه، وهناك فنانون ظهروا بعدنا وتركوا، وهناك فنانون لا يزالون مستمرين، وأنا أتمنى لهم كل التوفيق والنجاح».

التزام بالقضايا المجتمعية

وحول الدور الاجتماعي الذي يفترض أن يلعبه المسرح عادة، على اعتبار أنه يمثل حلقة وصل بين المجتمع والفرد، وبصفته مرآة لقضايا المجتمع، وكذلك حول دور المسرح الإماراتي في المجتمع، وكيف يعكس تلك القضايا عن طريق جماليات الفرجة المسرحية، أكدت المزروعي:

«المسرح الإماراتي عالج الكثير من المواضيع الاجتماعية السائدة في البلد منذ البدايات وحتى يومنا هذا، وتطرق لعدة قضايا بما في ذلك المسرحيات التي عرضت في مهرجان دبي لمسرح الشباب 2010، على غرار مسرحية «زلة عمر»، التي عالجت مشكلة مهمة، فالمسرح دائماً مرآة الجمهور، ينقل معاناتهم والقصص الاجتماعية وما يحصل في البلد عموماً، وفي هذا الإطار يلعب المسرح دوراً مهماً في توعية الناس».

ذكريات وإيمان

وأما عن العمل الذي ساهمت فيه الفنانة ولا يزال محفوراً في ذاكرتها وترك أثراً في وجدانها، فلقد أكدت أنها تحب كل ما قدمت من أعمال، لكن يبقى وقع خاص للعمل الأول دائماً، وفي حالة المزروعي فهو «فرح راشد»، الذي قدمته عام 1972، وكان من أفخم الأعمال، على حد وصفها.

وهو كان ضمن فعاليات المسرح القومي، الذي كان المسرح الوحيد في الدولة عندما تأسس، وحينها كان المسرح يشمل كل الفنون بما في ذلك الموسيقى والفنون الشعبية والفنون التشكيلية، أي أنه كان مسرحاً شاملًا، حتى إننا شاركنا في عمل مسرحي تم فيه فتح باب خلفي لخشبته فأدخلنا إليه دبابات وجمالاً وخيولاً على العمل المسرحي نفسه.

وأنا أول فنانة إماراتية تقف على خشبة المسرح إلى جانب الرجال، الذين كانوا يمثلون أدوار النساء، ومن بينهم زعل خليفة، الذي كان يرتدي زي النساء من برقع وشيلة ويمثل دور أم معي في أحد الأعمال المسرحية، وهناك «شركة العجائب» وأعمال أخرى كثيرة لم أعد أذكرها.

وهناك الكثير من الأساتذة الذي كانوا بيننا، مثل المرحوم زكي طليمات والمرحوم صقر الرشود والمرحوم إبراهيم جلال من العراق، وجميعهم من عمالقة المسرح، ومنهم من درسنا مثل المنصف السويسي ويحيى الحاج وغيرهم الكثير، ولقد قدموا لنا دورة في المسرح عام 1985.

يسجل لتجربة المزروعي أنها واكبت تقدم مسيرة المرأة في البلد، مثلما واكبت تجربة المرأة الفنانة والمسرحية في الوقت نفسه، ما يجعلها شاهدة مزدوجة على العصر، فهي من أسس الشرطة النسائية في البلد، وحملت أول لقب شرطية، وتقول بهذا الشأن: «كان ذلك منذ 32 سنة أي عام 1974.

ومن قبلها في دبي عام 1972، وكنت أول من طالب بالشرطة النسائية وأول من أسسها، وعملت في مطار دبي وفي المرور فاحصة عام 1974 حيث كانت تمتحن النساء، وفي عام 1981 تركت معهد السواقة التابع للشرطة الذي كنت أدرس فيه.

مواهب متنوعة

لم تتردد المزروعي في إبداء استعدادها المطلق لذلك، عندما سألناها عن إمكانية مشاركتها مع فنانين شباب في عمل مسرحي ما، وأعربت عن أنها ستكون سعيدة بذلك، مؤكدة أنها لم تتوقف عن العمل وأنها تقدم في الوقت الحالي برنامجاً تلفزيونياً للأطفال تحت عنوان «خروفة» على قناة نور دبي.

وهو مكون من 65 حلقة ويقدم الساعة الرابعة عصراً يومياً، حيث تجالس فيه عدداً من الأطفال وتروي لهم حكاية وهي ترتدي الزي التقليدي للمرأة الإماراتية، ومنذ سنوات ثلاث شاركت بعمل اسمه «أيامنا» من تأليف الفنان مرعي الحليان، وإخراج حسين بن حيدر وإنتاج تلفزيون سما دبي، كما ستشارك في القوافل الثقافية التي تسيرها وزارة الثقافة وتروي الحكايات للأطفال فيه.

باسل أبو حمدة