يؤكد كتاب (محمد بيومي.. الرائد الأول للسينما المصرية) لمؤلفه محمد كامل القليوبي ريادة هذا المخرج من خلال قراءة وتحليل ما تم العثور عليه من الأعمال السينمائية الأولى للسينما المصرية،.

بالإضافة إلى الوثائق الهامة التي صاحبت هذا الكشف، الأمر الذي يصحح معه تاريخ السينما المصرية الذي تم تناوله على نحو خاطئ لسنوات طويلة.

ويرى المؤلف أن اكتشاف الأفلام الأولى المجهولة في تاريخ السينما المصرية (قد أتاح لنا للمرة الأولى أن نتحدث عن هذه الأفلام من واقع مشاهدتنا لها.

وليس من استقراء ما كتب عنها في الصحف والمجلات القديمة منذ سبعين عاما، وهي الوسيلة التي اتبعت حتى الآن في التأريخ للسينما المصرية التي فقدت أفلامها الأولى ما بين عامي ‬1923 وحتى عام ‬1935.

ولم يتبق من هذه الأفلام سوى فصلين من فيلم (أولاد الذوات) الذي أخرجه محمد كريم عام ‬1933، و(الوردة البيضاء) الذي أخرجه أيضاً محمد كريم عام ‬1934، هذا مع ملاحظة أن نصف الأفلام الروائية الطويلة التي أنتجت منذ عام ‬1927 وهو تاريخ إنتاج أول فيلم روائي طويل.

وهو فيلم (ليلى) من إخراج وداد عرفي واستيفان روستي، وحتى الآن قد فقدت وضاعت آثارها، ولسنا متأكدين من استمرارية محاولات للبحث عن هذا التراث الضخم،.

والذي يتجاوز عدده أكثر من ألف فيلم مفقود في غيبة أي مراكز بحثية متخصصة أو حتى اهتمام حقيقي بهذا الموضوع).

وأكد (لا تعدو عملية العثور على الأفلام الأولى المفقودة للسينما المصرية أكثر من كونها جهدا شخصيا قمت به بمبادرة مني .

وبتمويل عملية البحث التي تعد أول عمل أركيولوجي في تاريخ السينما المصرية على نفقتي الخاصة، ولعله أصبح ممكنا الآن وللمرة الأولى أن تروي قصة الرائد الحقيقي للسينما المصرية وأن تتمكن من تحليل أعماله).

يؤكد المؤلف أن محمد بيومي الذي ولد في الثالث من يناير عام ‬1894 لواحد من كبار تجار مدينة طنطا في منتصف الدلتا أعطى اهتماما واسعا لأمرين تلازما معه طوال حياته وهما الفن والسياسة.

عند قيام ثورة ‬1919 (يقذف بيومي بنفسه في أتونها محرضا وملقيا بأشعاره التحريضية في كل مكان، ويصدر جريدة (المقص) للتحريض على الثورة مع ملاحظة أنه قد أصدر هذه الجريدة على شكل كتاب حتى لا تقع تحت طائلة قانون المطبوعات).

ومع نهاية الثورة بدا وكأن موضوع تفرغ محمد بيومي لممارسة العمل الفني قد تحدد بصورة نهائية وحاسمة، ولقد تمثل ذلك في أول خطواته بتأسيسه وصديقه الممثل بشارة واكيم لفرقة مسرحية باسم فرقة (وادي النيل).

في عام ‬1920 يقرر بيومي فجأة السفر إلى أوروبا، وهناك يتخذ من برلين مقرا لإقامته، ويركز على دراسة السينما وكان مدخله إلى ذلك عمله كممثل للأدوار الثانوية في شركة (جلوريا فيلم)، ثم اتجه للعمل وراء الكاميرا كمساعد مصور،.

وتعرف على المصور الألماني الشهير بارنجر الذي ساعده على شراء المعدات الأساسية اللازمة لتأسيس استوديو سينمائي صغير في مصر من ماكينات تصوير وتحميض ومونتاج.. إلخ.

يعود بيومي لمصر عام ‬1923 ليؤسس أول استوديو سينمائي يقوم بإنشائه في مصر باسم آمون فيلم، ومنه يبدأ في إصدار جريدة آمون السينمائية، ويخصص أول أعدادها لتصوير عودة الزعيم سعد زغلول من منفاه في جزيرة سيشيل واستقباله في القاهرة في سبتمبر عام ‬1923.

بعد ذلك يشرع في عمل أول فيلم روائي قصير بعنوان (برسوم يبحث عن وظيفة) يقوم بتصويره وإخراجه وكتابة السيناريو له، بالإضافة إلى عمليات الطبع والتحميض والمونتاج،.

وهو الفيلم الذي شارك فيه بشارة واكيم وعبد الحميد وكي ومحمد شفيق والسيد مصطفى، ثم قام بإخراج (الباشكاتب) عام ‬1924 لحساب الممثل الكوميدي أمين عطا الله، وهو عمل نصف كوميديا مصور سينمائيا.

ويتم استكمال نصفها الآخر على المسرح. مطلع عام ‬1925 حدث اللقاء التاريخي بين محمد بيومي وطلعت حرب.

والذي ترتب عليه تقريبا مسار السينما في مصر من ناحية هياكلها الاقتصادية والصناعية بل والفنية أيضا، ففي هذا اللقاء الذي عرض فيه بيومي على طلعت حرب أن يقوم بتصوير فيلم لمراحل إنشاء المبنى الجديد لبنك مصر ورحب طلعت حرب بالفكرة.

وهكذا بدأت علاقة الاقتصادي الكبير بالسينما تلك العلاقة التي أثمرت إنشاء أكبر منشأة سينمائية في تاريخ مصر وهي استوديو مصر، ولم يقنع بيومي طلعت حرب بتصوير مراحل إنشاء مبنى بنك مصر فحسب بل وأقنعه أيضاً بتأسيس قسم للسينما يتبع شركة إعلانات مصر، وبالفعل يتأسس ذلك القسم باسم مصر فيلم.

الكتاب: محمد بيومي.. الرائد الأول للسينما المصرية

تأليف: محمد كامل القليوبي

الناشر: الهيئة المصرية للكتاب

الصفحات: ‬188

القطع: المتوسط