لا يزال يمثل نجيب محفوظ، ذلك الروائي العربي الذي حصل على جائزة «نوبل» للآداب حالة إبداعية خاصة، ليس فقط لأنه هو مؤسس للرواية العربية الحديثة، بل لأنه أيضاً من أكثر الكتاب العرب الذين أثروا السينما العربية، سواء من خلال كتابة السيناريو مباشرة، أو من خلال قيام كتاب سيناريو آخرين بإعداد سيناريوهات لأفلام عن رواياته وأعماله القصصية.
في الكتاب الذي بين أيدينا بعنوان «نجيب محفوظ بين الفيلم والرواية» يقدم مؤلفه محمود قاسم رؤيته لإبداع نجيب محفوظ بين الأدب والفيلم السينمائي، ويقع الكتاب في 37 فصلاً يقدم كل فصل لفيلم سينمائي مأخوذ من أعمال نجيب محفوظ، بجانب الأعمال التي كتبها محفوظ للسينما مباشرة، إضافة إلى مقدمة تتضمن إهداءً خاصاً من المؤلف لأديب نوبل الراحل.
حيث تتناول فصول الكتاب أفلامًا هي: «بداية ونهاية، اللص والكلاب، زقاق المدق، بين القصرين، الطريق، خان الخليلي، القاهرة 30، قصر الشوق، السمان والخريف، دنيا الله، ميرامار، السراب، ثرثرة فوق النيل، صور ممنوعة، السكرية، الشحات، الحب تحت المطر، الكرنك، الشيطان يعظ، أهل القمة، وكالة البلح، أيوب، الخادمة، دنيا الله، شهد الملكة، المطارد، التوت والنبوت، الحب فوق هضبة الهرم، الحرافيش، الجوع، وصمة عار، أصدقاء الشيطان، قلب الليل، نور العيون، ليل وخونة، وسمارة الأمير».
وبالإضافة إلى الأعمال التي كتبها نجيب محفوظ للسينما مباشرة وهي أفلام: «المنتقم، لك يوم يا ظالم، مغامرات عنتر ولبلب، ريا وسكينة، الوحش، جعلوني مجرما، درب المهابيل، النمرود، الفتوة، ساحر النساء، الطريق المسدود، الهاربة، جميلة، أنا حرة، إحنا التلامذة، بين السماء والأرض، ثمن الحرية، بئر الحرمان، دلال المصرية، الاختيار، ذات الوجهين، والمجرم».
وينطلق كتاب «نجيب محفوظ بين الفيلم والرواية» من فرضية مفادها أن نجيب محفوظ هو أقدم الروائيين المصريين والعرب ارتباطا بالسينما، سواء ككاتب سيناريو منذ بدايته في هذا المجال منذ عام 1947، أو منذ أن التفتت السينما إلى روايته وبدأت في تحويلها إلى أفلام منذ عام 1960، ومن هذا المنطلق يحاول الكتاب أن يوضح العلاقة بين النص الأدبي وبين الفيلم، مع عرض لطبيعة العلاقة بين أي نص أدبي وبين الفيلم المـأخوذ عنه بشكل عام، سواء لنجيب محفوظ أو لغيره.
ويقدم قراءة في النص الأصلي لكل عمل أدبي لنجيب محفوظ، ثم قراءة النص السينمائي للعمل الفني المأخوذ عنه، ليخرج المؤلف بمقاربات توضح كيف التزم كاتب سيناريو العمل السينمائي بالنص الأصلي للعمل الأدبي، سواء كان هذا العمل قصة أو رواية من قائمة طويلة من أعمال أبدعها نجيب محفوظ، أو أن السيناريست الذي قام بإعداد سيناريو الفيلم أو العمل الفني تجاهل فكرة وسياق النص الأدبي الأصلي، الذي كتبه نجيب محفوظ، ليخرج الفيلم في النهاية بعيدا عن العمل الأدبي المأخوذ عنه.
وقد حاول المؤلف محمود قاسم في كتابه أن يرصد الهامش الذي يتحرك فيه كاتب سيناريو الفيلم المأخوذ عن العمل الأدبي، وفي الوقت نفسه مدى التزامه بالنص الأدبي المأخوذ عنه الفيلم أو العمل الفني.