هذا هو القسم الثاني من قصيدة «نبي السلام» التي كتبها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، تعبيراً عن حُبّه للجناب النبوي الشريف، وتوقيراً لمنزلته المتفرّدة بين الرُّسُل والأنبياء، وتنويهاً بما جاء به من رسالة سمحة خاتمة، وقد تجسّد ذلك فيما خصّه المولى من كتابٍ مُزكّى جاء مهيمناً على ما سبقه من الكتب، ومشتملاً على كلّ ما يزكّي النفس الإنسانية ويطهّرها مما يعلق بها من آثار الخطايا والذنوب تحقيقاً لدعاء إبراهيم الخليل على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام؛

{وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلّمهم الكتاب والحكمة ويزكّيهم}، فجاءت هذه الشريعة الحنيفيّة السَّمحة التي هي قدوة لجميع العالمين، مشتملة على هذا الدِّين الكريم الذي يقوم في جوهره على الرحمة والسلام، وينتهج العفو والرحمة والسخاء والعطاء في تعامله مع أتباعه وأبناء الأمم والديانات الأخرى.

ويحافظ على المقاصد الكبرى للحياة: الدِّين والنفس والمال والعرض والنسل، بحيث يشعر الإنسان بالأمان على هذه الضروريّات التي بها قِوام الحياة، فقد جعل الإسلام القصاص سبباً للحياة {ولكم في القصاص حياة} فكان ذلك سبباً للنجاة من جميع المخاطر والشرور، وبه تمّ صيانة النفس الإنسانية، ونجا المجتمع من أهوال القتل.

ولذلك كان السعيد هو من جعل الإسلام قدوة له يصدر عنه في جميع شؤون حياته، وعاش مغموراً بمشاعر السكينة والبِشر والطمأنينة، فمن سلك هذا السلوك الذي يفضي به إلى الصراط المستقيم فقد طاب جناه، واجتنى أجمل الثمار التي هي من نصيب كلّ من أطاع الله ووقف عند حدوده، لأنّ السعادة في جوهرها الصحيح هي شعورُ القلب بالأمان ولن يتحقّق ذلك إلا بصدق الإقبال على الله تعالى ودوام ذكره والتضرع إليه {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وكلُّ ذلك إنّما يحصل للعبد بفضل متابعته لسيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي تضيق الأرجاء والآفاق والأنحاء عن احتواء ما له من الفضل العظيم على أمته وعلى جميع الأمم.