يكتسب شهر رمضان المبارك في السودان أهمية تحيي عادات وتقاليد تجسّد قيم المحبة والتواصل والتآخي، والعبق المميز الذي يفوح من كل منزل وبيت يستنشقه كل من تجوّل في مدن البلاد وأريافها، وتكثر الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية خلال الشهر الفضيل. ويبدأ الاستعداد لاستقبال رمضان في السودان قبل وقت طويل.
ويعتبر مشروب «الحلو مر»، سيّد المائدة السودانية خلال رمضان، وهو مشروب تقليدي متوارث عبر الأجيال. ويسبق إعداد «الحلو مر» أو «الآبري»، كما يحلو للكثيرين تسميته، دخول الشهر الفضيل بوقت ليس بالقصير، إذ تنشط النساء في إعداده مع حلول شعبان، ويتعاونّ في إعداده الذي يستغرق وقتاً. ويجمع السودانيون على «الحلو مر»، كمشروب مفضّل عند الأغنياء والفقراء، فلا تكاد مائدة تخلو منه.
ويطلق السودانيون على المكان المخصص للإفطار الجماعي «برش رمضان»، وهو عبارة عن سجاد شعبي، يصنع من سعف النخيل، وإن كان استخدامه تراجع حالياً لصالح السجاد العصري.
لكن لا يزال مكان الإفطار يحمل اسمه. ولا يقتصر البرش على شوارع المدن والأرياف فقط، بل يمتد على طول الطرقات العامة، لا سيما تلك التي تصل بين المدن والقرى، إذ يحرص أهل القرى التي تمر بها تلك الطرقات، على تقديم الإفطار للمسافرين، ويتنافس أهل كل قرية، في حشد أكبر عدد من الضيوف.
وتعتبر العصيدة من الأطباق الشائعة والمتوارثة، التي يحرص السودانيون على تناولها في الإفطار خلال الشهر الفضيل، ورغم أنه يمكن أن توجد على المائدة في غير رمضان، إلا أن وجودها في الشهر الفضيل، يظل علامة بارزة.
وتستطيع أي ربة بيت، صنع العصيدة بشكل سلس وسهل، إذ إنها من الأمور البديهية، ومهرة أجيال الجدات والأمهات في هذا الشيء، أكثر من الأجيال الحديثة، رغم حرص بعض الأمهات على نقل خبراتهن إلى الجيل الجديد.
ويقوم الكثير من السودانيين، بعادة قطع الطرق أمام المسافرين، مع اقتراب موعد الإفطار، إذ يتم إغلاق الشوارع تماماً أمام كل المركبات. ويتسابق أهل القرى والمدن، ممن يقطنون على جانبي تلك الطرق، إلى احتلال وتوسط الشوارع، واعتراض المركبات بأجسادهم، وهم يلوحون للمسافرين بإصرار على التوقف، لتناول وجبة إفطار الصائم على موائدهم الرمضانية التقليدية البسيطة.