ما روي عن أولي الأمر: تروي لنا صفحات التراث عن مراعاة جلساء الخلفاء والولاة لآداب المخالطة والكلام والصمت والرمز والرد، بلغة فصيحة وأدب جم، يمكن لنا الوقوف على اثنين من تلك المواقف هنا:
روي عن الخليفة الرشيد أنه رأى يوماً في داره حزمة خيزران، فقال لوزيره الفضل بن الربيع: ما هذه؟ فقال: عروق الرماح يا أمير المؤمنين، لأنه لم يرد أن يقول أعواد الخيزران، لشبه اللفظ باسم أم الرشيد (الخيزران).
وروي عن معن بن زائدة أنه دخل على الخليفة أبي جعفر المنصور، فقارب وهو يمشي في خطوه، فقال له المنصور: كبرت سنك يا معن، فقال: في طاعتك يا أمير المؤمنين، قال: وإنك لجلد، قال: على أعدائك، قال: وإن فيك لبقية، قال: هي لك.
فروق لغوية
الفرق بين الفِطْر والفُطْر، أن: الفِطْر (بكسر الفاء وتسكين الطاء): هو وقت الإفطار، وسمي العيد بذلك، لمجيئه عقب شهر الصيام عن الطعام. أما الفُطْر (بضم الفاء وتسكين الطاء) فهي طائفة من الزُهريات، تدعى الكمأةُ.
فوائد لغوية
نخطئ حين نقول: دخل في رَوْعي أنكَ رحلت عن البلاد (بفتح الراء)، إذ الصواب أن نقول: دخل في رُوعي أنك رحلت عن البلاد (بضم الراء في روعي).
ونخطئ إذا أطلقنا على البقعة التي لا بناء عليها من الأرض اسم العَرَصة (بفتح الحرفين الأول والثاني)، كما يلفظها معظمنا، لأن الصواب أن نقول: عَرْصة (بفتح العين وتسكين الراء).
ويظن عدد من أبناء وطننا العربي أن لفظ المِسْحاة (بكسر الميم وتسكين السين) الذي يطلق على المجرفة التي نستعملها في أعمال جرف الأرض وتقليب التراب، لفظ عامي، في حين أنه لفظ فصيح ولا غبار عليه للدلالة على ما قلنا.
حكمة
وليس أخوك الدائمُ العهد بالذي يذمّك إن ولى ويرضيك مقبلا
ولكنه النائي إذا كنت آمناً وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا
من جمال الوصف
وصف بعض الأدباء العرب الكِتاب أوصافاً شتى معروفة، اشتهر منها وصف الجاحظ. وممن وصفوه وصفاً جميلاً بليغاً أيضاً، هذه الكلمات التي تصف فضله وأدواره:
إنْ وعظَ أسمعْ، وإن ألهى أمتع، وإن أبكى أدمعْ. يفيدك ولا يستفيد منك، ويزيدك ولا يستزيد. قبر الأسرار، ومخزن الخزائن.
وقيل في الموازنة بين الصمت والكلام: الصمت منام العلم، والنوم يقظته، ولا منام إلا بتيقظ، ولا يقظة إلا بمنام.