يحسب الكثيرون أن درس الإملاء من الدروس محدودة الفاعلية، وأنه ينحصر في حدود رسم الكلمة رسماً صحيحاً، متناسين أن ثمة غايات أبعد وأوسع من ذلك. فهو عون للطلبة على إنماء لغتهم وإثرائها، ونضجهم العقلي، وتربية قدراتهم الثقافية، ومهاراتهم الفنية.

وهو وسيلة من الوسائل الكفيلة التي تجعل الطالب قادراً على كتابة الكلمات بالطريقة التي اتفق عليها أهل اللغة، وأن يكون لديه الاستعداد لاختيار المفردات ووضعها في تراكيب صحيحة، إلى جانب كونه مؤشراً دقيقاً يقاس به المستوى الأدائي والتعليمي عند الطالب.

وعلى الرغم من هذه الأهمية، لا تزال مشكلة ضعف الطلبة في مادة الإملاء من الأمور التي تشغل بال التربويين وأولياء الأمور الذين باتوا يعانون منها بشكل أكبر، لأن تصحيح هذه الأخطاء يأخذ حيزاً من وقتهم الذي من المفترض أن يستغلوه في مراجعة الدروس، بدلاً من التصحيح لأبنائهم.

ويُرجع المختصون أسباب الضعف في مهارة الإملاء لأسباب عدة، من أهمها: ضعف السمع والبصر، وعدم القدرة على التمييز بين الأصوات المتقاربة، والضعف فـي القراءة، وعدم التدريب الكافـي عليها. وهناك أسباب أخرى تعود على المعلمين أنفسهم، أولئك الذين يتبعون التصحيح التقليدي لأخطاء الطلبة، دون مشاركتهم فـي تصحيح الأخطاء، والسرعة فـي إملاء القطعة وعدم الوضوح، وعدم النطق السليم للحروف والحركات، واختيار قطع إملائية طويلة، ما يؤدي إلى التعب والوقوع فـي الخطأ.

 أنواع الإملاء

 الإملاء المنقول: معناه أن ينقل الطلبة القطعة من الكتاب أو عن السبورة بعد قراءتها وفهمها، وتهجي بعض كلماتها شفوياً. وهذا النوع يناسب طلبة المرحلة التأسيسية.

الإملاء المنظور: ومعناه أن تعرض القطعة على الطلبة لقراءتها وفهمها، وهجاء بعض كلماتها، ثم تحجب عنهم، وتملى عليهم بعد ذلك. وهذا النوع من الإملاء يناسب طلبة الصفين: الرابع والخامس.

الإملاء الاستماعي: ومعناه أن يستمع الطلبة إلى القطعة، وبعد مناقشتهم في معناها، وهجاء كلماتها، أو كلمات مشابهة لما فيها من الكلمات الصعبة، تملى عليهم.

الإملاء الاختباري: الغرض منه تقدير الطالب، وقياس قدرته ومدى تقدمه؛ ولهذا تملى عليهم القطعة بعد فهمها دون مساعدة لهم في الهجاء.

 وامل ترسيخ المادة الإملائية

 هناك وسائل عدة يمكن أن تساهم في ترسيخ صورة المادة الإملائية في أذهان الطلبة، منها:

لتذكر البصري: إذ عندما تُتاح لهم رؤية المادة مكتوبة أمامهم، فإن ذلك يساعدهم على تذكر صورتها عند الكتابة.

التذكر السمعي: الاستماع إلى نطق الكلمات التي تضمنتها المادة الإملائية نطقاً صحيحاً يقود إلى تذكر شكلها.

التذكر النطقي: عندما يتاح للطلبة أن يقرأوا المادة الإملائية، فإن ذلك يساعدهم على تذكر رسمها عند كتابتها.

التذكر الحركي: التدريب على كتابة المادة الإملائية قبل أن يمليها المعلم، من شأنه أن يقود إلى الإتقان .

الطالب والمعلم

ترجع أسباب الأخطاء الإملائية إلى عوامل مجتمعة عدة؛ لأنها متداخلة ومتشابكة ولا يصح فصلها عن بعضها البعض، إذ إن العلاقة بينها وثيقة الصلة، ولا ينبغي أن نلقي بالتبعية على عنصر من هذه العناصر دون غيره، وأهمها:

1. ما يعود إلى الطالب نفسه، وما يرتبط به من ضعف المستوى، وقلة المواظبة على المران الإملائي، أو ضحالة ذكائه أو شرود فكره، أو عدم إرهاف سمعه عندما يملي عليه المعلم القطعة المختارة، أو نتيجة لتردده وخوفه وارتباكه، وقد يكون ضعيف البصر أو السمع، أو بطيء الكتابة، ما يفوت عليه فرص كتابة بعض الكلمات.

2. ما يعود إلى خصائص اللغة ذاتها، ممثلة في قطعة الإملاء، فأحياناً تكون القطعة المختارة للتطبيق على القاعدة الإملائية أعلى من مستوى الطلبة فكرة وأسلوباً، أو تكثر فيها الكلمات الصعبة؛ في شكلها وقواعدها الإملائية، واختلاف صور الحرف باختلاف موضعه من الكلمة، أو نتيجة النقط أو فصل الحروف ووصلها، وما إلى ذلك.

3. ما يعود إلى المعلم، فقد يكون سريع النطق، أو خافت الصوت، أو غير معني باتباع الأساليب الفردية في النهوض بالضعفاء، أو أنه لا يميز عند نطقه الحروف بين بعضها البعض، وخاصة الحروف متقاربة الأصوات والمخارج. وقد يكون المعلم ضعيفاً في إعداده اللغوي، وغير متمكن من مادته العلمية، أو لا يتبع أسلوباً جيداً في تدريسه، أضف إلى ذلك، أن مدرسي المواد الأخرى قد لا يلقون بالاً إلى أخطاء الطلبة، وإرشادهم إلى الصواب.