يترقب الفلسطينيون احتمالات انفراجة سياسية في مفاوضات الدوحة، قد تفضي إلى صفقة وقف الحرب، بعد أن فشلت كل المحاولات السابقة في التوصل إلى اتفاق، إذ للمرة الأولى منذ 27 يوليو الماضي، تجري مفاوضات جدية. فهل التغييرات الأخيرة التي طرأت محلياً وإقليمياً ودولياً، ستعجل بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار؟، لا سيما أن إسرائيل لم يعد لديها الكثير من الأهداف في قطاع غزة، وبات من الممكن أن تعلن «الانتصار»، وترتيبات ما بعد الحرب.

في الشارع الفلسطيني، حالة غير مسبوقة تنظر لمساعي الصفقة المحتملة، كخط فاصل بين استمرار نار الحرب، أو إخمادها جذوتها، فما المختلف هذه المرة؟.

وفق مراقبين، فكلمة السر في الخروج عن المألوف في كل الجولات السابقة من المباحثات، إذ أوراق الطرفين باتت واضحة، والحديث عن صفقة التبادل هو الشغل الشاغل للنخب السياسية، وأنظار العالم تشخص نحو العاصمة القطرية الدوحة، مع اتفاق ضمني، على أن هذه الجولة إن فشلت، فلن تنجح الصفقة، بل ربما تتحول إلى «صفعة» لكل الجهود السياسية.

تطورات

سألت «البيان» نخبة من المحللين، لماذا تؤشر المعطيات الحالية إلى احتمالية نجاح الصفقة؟.. فأجاب الباحث والمحلل السياسي رائد عبد الله، بأن الضغط الداخلي الإسرائيلي (في إشارة إلى تصاعد الاحتجاجات الغاضبة في الشارع الإسرائيلي)، والضغط الأمريكي يدفعان نحو الاتفاق.

كما أن حركة «حماس» أبدت هذه المرة مرونة غير مسبوقة، من خلال الموافقة على بقاء الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة في المرحلة الأولى، فضلاً عن وصفها مباحثات الدوحة بأنها إيجابية وجادة.

بينما يرى المحلل السياسي محمـد دراغمة، أن هناك صيغة تفاؤلية تبثها حركة «حماس»، بأن الاتفاق بات ممكناً، في حين الجانب الإسرائيلي تناول قرب التوصل إلى اتفاق بحثاً وتحليلاً، ناشراً هو أيضاً أجواء إيجابية، مضيفاً: «ما يجعلنا متفائلين هذه المرة، التغييرات الأخيرة التي طرأت محلياً وإقليمياً ودولياً».

يوضح دراغمة: «على المستوى المحلي، تبدو إسرائيل وكأنها شارفت على إنهاء الحرب، بحيث لم يعد لديها الكثير من الأهداف في قطاع غزة، وبات من الممكن أن تعلن «الانتصار».

وترتيبات ما بعد الحرب، وإن تعمدت تسريب بعض المعلومات عن أنها ستوقف القتال، لكنها لن توقف الحرب، بمعنى أنه حتى بعد إقامة سلطة محلية لإدارة قطاع غزة، فإنها ستوجه الضربات لأي محاولة لإعادة بناء القدرات العسكرية لحركة «حماس»، وهذه تهديات واضحة باستمرار الحرب ضد الحركة».

ويوالي: «في لبنان توقفت الحرب، وإيران تبدو مردوعة، خصوصاً أنها لم ترد على الضربة الإسرائيلية الأخيرة، وفي سوريا، انهار النظام، والإدارة الأمريكية تنتظر التغيير في 20 يناير المقبل.

ومعلوم للجميع أن الرئيس ترامب سبق أن طالب بإنهاء الحرب قبل أن يصل إلى البيت الأبيض، كما أن حركة «حماس» أزالت العقبات الرئيسة، وباتت مطالبها أكثر تواضعاً، بالنظر للتغيرات في موازين القوى على الأرض، وخصوصاً خروج لبنان وإيران من المعادلة، وعليه، فكل هذه المتغيرات تؤشر على نضج الاتفاق».

اتفاق وشيك

واستناداً إلى آراء نخب سياسية، فما لم يأتِ نتنياهو بشروط جديدة، فالاتفاق بات وشيكاً، ومن المتوقع إعلانه في أي لحظة، لكن مراقبين قللوا من هذه المخاوف، مشيرين إلى أن إسرائيل هذه المرة أكثر جدية، خصوصاً بعد تلبية غالبية مطالبها، إذ لن تنسحب من المحور الشهير «فيلادلفيا» الفاصل مع مصر، وستبقى قواتها في «نتساريم» القاطع المهم الذي يفصل شمالي قطاع غزة عن وسطه وجنوبيه.

كما أن آلية التفتيش للنازحين العائدين ستكون متاحة، وستعيد إسرائيل تموضع قواتها على حدود قطاع غزة، بمعنى أنها ستكون صاحبة التحكم في شؤون القطاع، وهي الشروط التي لم توافق عليها حركة حماس في السابق، وكانت تعتبرها قهرية.

وتبدي حركة حماس إيجابية غير معهودة لاقتناص الفرصة، وتفكيك ملف الحرب، وحتى لو ظلت إسرائيل تلوح بضرب أي محاولة لنشوء قوة عسكرية، فلا يبدو أن للحركة بوارد التفكير بهذا، على ضوء نتائج الحرب المدمرة.

وينظر الفلسطينيون لمفاوضات الدوحة، بشيء من الأمل، وكثير من الريبة، وتبقى الأسئلة المشروعة: هل يأتي الحل من الدوحة بعد طول انتظار؟ وهل تكون كلمة السر في التغييرات الجارية في الإقليم؟.. العالم ينتظر ويترقب.