«رمضان ع البال»... إطلالة نعود بها من وقت إلى آخر مع أعمال تلفزيونية كانت تؤنس الناس في الأمسيات الرمضانية، وشكلت مساراً إبداعياً في الأعمال الدرامية والتي بفضلها تحتل دبي اليوم مكانة متقدمة في مسارها الراهن لتكون عاصمة للإنتاج الدرامي العربي عموماً والخليجي خصوصاً.

بعضهم يقول عنه بأنه أول مسلسل «أكشن» عربي، والبعض الآخر يصفه بأنه البوابة التي فتحت أعين المخرجين العرب على ما يسمى الفانتازيا التاريخية التي ذاع صيتها في كل أنحاء العالم العربي بعد عرض هذا المسلسل.ثلاثة عشر عاما مضت على عرض مسلسل «الجوارح» لأول مرة، وهو الفانتازيا التاريخية الأشهر في تاريخ الدراما السورية على الرغم من أن المخرج هيثم حقي يشير إلى أنه أول من قدم فانتازيا تاريخية عبر مسلسل «غضب الصحراء»، ويقول المخرج محمد عزيزية في مكان آخر أن «البركان» هو أول هذه الأعمال.. على كل يبدو أن هاني السعدي كاتب قصص كل تلك المسلسلات يبقى على مسافة واحدة من الجميع ليقول إنه أول من كتب فانتازيا تاريخية، أو فلنقل دراما تاريخية غير موثقة، على اعتبار أن كل تلك الأعمال مرت من تحت قلمه.

ارتبط نجاح «الجوارح» الذي أنتج لصالح مركز دبي للأعمال الفنية باسم المخرج القدير نجدت إسماعيل أنزور الذي دخل التجربة الجديدة بعد نجاح ساحق حققه عبر مسلسل «نهاية رجل شجاع»، لذا لا يدخر أنزور مناسبة صحافية بدون أن يتحدث بثقة مبالغ فيها بأنه أول من عرف بالدراما التلفزيونية الحقيقية.

ويذهب بعيدا في إغضاب أصدقائه وأعدائه على حد سواء، من خلال تصريحاته اللاذعة بأنه على استعداد لتعليم المخرجين السوريين والعرب أصول الإخراج التلفزيوني! هذا الكلام فتح نار كثيرين عليه، وخفف من ألق النجاح الذي حققه على الرغم من الحروب الإعلامية التي خلفها هذا الكلام والذي صب بالمطلق في مصلحته.

يبقى الحديث عن «الجوارح» كإحدى العلامات الهامة في سماء الدراما العربية، وحينما كان يعرض المسلسل كان يشكل حالة من حظر التجول في معظم الدول التي كان يبث من خلال محطاتها الأرضية أو الفضائية.

»ابن الوهاج» هو احد أعمدة هذا العمل وهو صاحب قبيلة «الجوارح» التي عرفت بقوتها ومنعتها ووقوفها في وجه المعتدين..وهكذا لم يجد أنزور أهم من النجم السوري أسعد فضة كي يلعب هذا الدور الذي يضيف عليه بحسه الادائي وموهبته الكبيرة وليكون «ابن الوهاج» إحدى الشخصيات المحورية في هذا العمل.

ابن الوهاج.. يتحدث

يرى الفنان أسعد فضة ان مسلسل «الجوارح» هو أحد التنويعات الدرامية الهامة التي طالت الدراما السورية فترة التسعينات والتي عرفت بالانطلاقة الجديدة للدراما السورية، ويقول في حديثه إلينا:

«الجوارح كعمل أطلق العنان لموهبة الممثل السوري ولمخرج لا شك حقق حضورا متميزا عن طريق الصورة وتشكيل الكوادر البصرية، وربما قبل «الجوارح» لم يكن هناك صيغة إخراج كتلك التي قدمها أنزور في الدراما العربية مما مهد لأسلوب جديد في الإخراج عربيا على الأقل، وإذا كنت أحد العاملين في المسلسل فهذا شرف لي تحديدا في تقديم شخصية حساسة وقاسية كشخصية ابن الوهاج سيد قوم القبيلة التي كانت مركز الصحراء في قوتها وبسالة رجالها».

سفير للسياحة السورية

المعروف عن أنزور انه لا يرحم أثناء التصوير، متصفا بالقسوة والجبروت والغضب السريع، ولا ينهي المشهد حتى يخرج كما يحب ويشتهي، وسبق أن شهدت شخصيا عصبيته أثناء التصوير لدى إخفاق أحد الممثلين المعروفين في تأدية أحد المشاهد، ولهذا يعتبر مسلسل «الجوارح» من المسلسلات الصعبة التصوير لأنه صور بالكامل في الطبيعة وفي درجات حرارة عالية، ولكن المشاهد التي أخذت في مناطق اللاذقية لفتت الأنظار إلى أهم المناطق السياحية في سوريا، واعتبرت أعمال نجدت أنزور و»الجوارح» على وجه التحديد، من أبرز الأعمال التي روجت للسياحة السورية في هذا القطاع.

الحرب انتقلت من الجوارح إليهم

نجاح تجربة «الجوارح» حمل الإسم على اختراق الأسواق السورية واللبنانية والأردنية فشهدت محال تجارية تسميات ك»الجوارح» و»الباشق» و»ابن رومية» و»أسامة» و»ابن الوهاج» وغيرها من الأسماء، وكان الباعة يتندرون بالفواكه ليقولوا على سبيل المثال «هذا اللحم كان على مائدة ابن الوهاج»، و»تعال وتناول من صيد الجوارح».

وعلى العكس من «الجوارح» لم تصب الأجزاء الأخرى النجاح ذاته ومنها «الكواسر» و»البواسل»، ويعتبر «الجوارح» الفاصل الذي أدى لقطيعة بين الفنانين حاتم علي وعارف الطويل وأيمن زيدان.. وغيرهم.»الجوارح» كان من بطولة اسعد فضة وأيمن زيدان وأمل عرفة وهاني الروماني وصباح عبيد وعارف الطويل، وغيرهم من نجوم الدراما السورية وقدم في رمضان.

جمال آدم