بإعلان توقف صوت محمد عبد الكريم عن الخروج عبر صافرته الدولية، تكون قد انطوت صفحة عامرة بالبذل والعطاء، لأخر عنقود الجيل الذهبي للصافرة الإماراتية، صال وجال في كل الملاعب فعرفه الناس وأجمعوا على تميزه وإتقانه لمهنته التي أحبها وأحبته، فكان خير نموذج يضعه من هم خلفه بداخلهم ريثما يصيرون مثله في مقبل الأيام.
ووفاءً وعرفاناً لما قدمه طوال العقد الماضي بالملاعب الآسيوية، واعترافاً بذلك الجهد كرمه الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في بادرة تعد هي الأولى من نوعها، بأن يكرم الآسيوي حكماً أعتزل صافرته قارياً، كما أن اتحاد الإمارات لكرة القدم بدوره لم يغب عن الحدث فكان حاضراً بقوة، وهو يطوق عنق محمد عبد الكريم، بوشائج المحبة ودروع التذكار، ليبقى أحد رموزنا التحكيمية المضيئة..
والمشيعة لنور العدل، في ساحاتنا الرياضية، فكان شفافاً نزيهاً يعطي الحق لصاحبه لم يجامل ولم يتحامل قط، هكذا مضى في رحلة التوقف الاختياري، تاركاً خلفه سيرة ناصعة تسر الناظر لصفحاتها بمنجزات عظيمة، ومحفزة على الجد والاجتهاد، وعنوان يشير لمن صنع المجد، بأنه سيبقى مثل نجم السعد يحيي بالدواخل.
حزن
أعرب حكمنا الدولي محمد عبدالكريم عن حزنه الكبير بعد اعتزاله الصافرة على المستوى الدولي، لاسيما وأنه كان يكرس حياته كلها من أجل التحكيم بغية تمثيل الدولة بأفضل صورة في المحافل والمناسبات الخارجية.
وقال: بالتأكيد من الصعب جداً أن تعلن نهاية مشوار كان بالنسبة لي هواية أحببتها قبل أن تكون مهنة ورياضة، وهو قرار ليس بالسهل لكن لكل بداية نهاية، ويجب أن أفسح المجال للجيل المقبل، والذي أعتبره قادماً بقوة في سماء السلك التحكيمي، وكلي ثقة في نجاحهم ومواصلتهم لذات الدرب الذي سلكه السابقون.
ورفع محمد عبدالكريم شعار (لا.. للتحكيم الأجنبي) رافضاً الاستعانة بقضاة ملاعب من الخارج، لأن كوادرنا التحكيمية لا تقل مستوى عن الآخرين، معتبراً أن كرة القدم لعبة أخطاء ومثلما يخطئ اللاعب أو المدرب، فإن الحكم بشر وكل بني آدم خطاء، والذي يطالب الاستعانة بالحكام من الخارج، يعمل على إنهاء الصافرة الإماراتية.
واستطرد، قائلاً: لماذا نستعين بحكام من الخارج؟ ونحن نعتبر من أفضل الدول التي خرجت حكاماً طالما أشير لهم بالبنان، بداية من عميد الصافرة العربية علي بوجسيم، الذي صال وجال في الملاعب العالمية، ومروراً بمحمد عمر وعلي حمد وصالح المرزوقي عيسى درويش، والعديد من الأسماء، وصولاً إلى الجيل الحالي الذي يبرز فيه العديد من الأسماء مثل محمد عبدالله حسن وعمار الجنيبي.
وطالب حكمنا المعتزل دولياً الصبر على الجيل الحالي، والابتعاد عن صب جام الغضب عليهم، لأنهم يمتلكون الموهبة ومعدلهم العمري صغير لكن إمكانياتهم كبيرة وهم قادرون على إثبات الذات.
مجهود جبار
فيما أثنى على المجهود الجبار الذي تقوم به لجنة الحكام برئاسة محمد عمر، عضو مجلس الإدارة، مع الحكام، مشيداً بالاهتمام الواسع الذي يلقاه قضاة الملاعب من اتحاد الكرة بصورة لم توجد في السابق بهذا الشكل..
واصفاً المجهود الذي تقوم به الإدارة بالجبار، خاصة في ظل الإمكانيات التي وفروها للحكام من معسكرات خارجية وداخلية وورش عمل ودورات ومحاضرات واستعانتهم بكوادر وخبرات تدريبية عالمية، بجانب استخدام التكنولوجيا الحديثة، كلها أمور سهلت كثيراً من مهمة الحكام، وناشد زملاءه بأهمية المثابرة ومواصلة العمل من أجل رد الجميل وعكس هذه الصورة للمتابعين، عبر تقدم الأفضل داخل المستطيل الأخضر.
تمنٍ
تمنى محمد عبدالكريم التوفيق لكل من محمد عبدالله حسن والدكتور عمار الجنيبي والوصول إلى إدارة نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا، مؤكداً بأنهما على قدر الثقة وبإمكانهما تمثيل الدولة بأفضل صورة، ورأى أن الفرصة سانحة لتواجد طاقم إماراتي في المونديال، لاسيما بعد الأداء المميز الذي قدمه طاقمنا في النسخة الأخيرة من كأس العالم للناشئين (تحت17عاماً) في تشيلي.
مساندة
وبخصوص الانتقادات الأخيرة التي طالت بعض الحكام، خاصة الدولي عمر آل علي الذي تعرض لهجوم متلاحق عبر مختلف وسائل الإعلام، قال: لا أحد ينكر أن عمر آل علي يعد من أفضل الحكام الواعدين، والدليل تخرجه من مشروع حكام المستقبل الذي ينظمه الاتحاد الآسيوي على مدار سنتين، وشارك به أكثر من 200 قاضٍ، وأثبت آل علي جدارته عندما نجح مع 8 آخرين في المشروع، واعتمده الآسيوي كأحد الواعدين في القارة.
وتابع: من الممكن أن يكون قد مر حكمنا الواعد بحالة تذبذب في المستوى مؤخراً، لكن ذلك لا يعني أن ننهي مسيرة حكم موهوب، ونصيحتي لـعمر أن يواصل اجتهاده الذي يرنو عبره للوصول لأعلى المستويات والمشاركة في أسمى الاستحقاقات، وعليه الاستفادة من كل عثرة، وبمزيد من العمل والمثابرة يصل المرء إلى ما يطمح إليه.
أصعب مباراة
وتحدث عن أصعب اللحظات التي واجهته داخل المستطيل الأخضر سواء في مسيرته الدولية أو المحلية، وأوضح بأن مباراة الأهلي والعين التي جمعتهما في الموسم قبل الماضي كانت الأصعب، في ظل الأحداث التي شهدتها بعد توقيع الروماني كوزمين للأهلي وذهاب الإسباني كيكي فلوريس للعين، لافتاً إلى أنه غير راضٍ عن المستوى الذي قدمه في ذلك اللقاء.