مع انتهاء كل موسم كروي، تضيع العديد من المواهب صغيرة السن على قارعة الطريق، يدفعون ثمن هبوط فرقهم من دوري الخليج العربي. لاعبو فرق 21 سنة الذين يبحثون عن الإنصاف من قبل اتحاد الكرة في منافسة ينقصها الكثير من الاهتمام وتحتاج إلى المزيد من الرعاية، رغم أنها زاخرة باللاعبين الذين يشكلون مستقبل كرة القدم الإماراتية، جيل المستقبل يشتكي من الضياع ويطلق صرخة تحتاج إلى استجابة، مطالباً المسؤولين بإنقاذ مستقبلهم في الملاعب من الضياع.

وتبدو مشكلة دوري الرديف أو بمسماه الجديد «دوري 21 سنة» واضحة، دون الحاجة إلى شرح، وهي أن استمرار الفريق في المنافسة مرتبط بشكل مباشر باستمرار الفريق الأول في دوري المحترفين، حتى وإن كان الفريق بطلاً لدوري الصغار أو يحتل مركزاً متميزاً، وقد يكون مصيره التسريح لأن الفريق الأول في دوري الخليج العربي لم ينجح في المحافظة على حضوره في المنافسة، ليبقى السؤال: لماذا يدفع هؤلاء الصغار فاتورة إخفاق الكبار..؟ والسؤال المهم: إلى أين تذهب هذه المواهب بعد أن يتم تسريحها؟ علماً أن مصير معظمها يكون التوقف عن ممارسة النشاط الكروي واندثارهم مع أنهم في بداية المشوار الكروي.

مشكلة أخرى

ومع تسريح فريق 21 سنة بسبب هبوط الفريق الأول، فإن هناك مشكلة أخرى تواجه الأندية الوافدة على دوري المحترفين، تتمثل في تكوين فريق جديد للمشاركة في المنافسة، وليس غريباً القول إن عمر هذا الفريق أحياناً يكون عاماً واحداً، باعتبار أن الصاعد وحسب الكثير من التجارب يكون هابطاً من المنافسة، ليضيع جيل جديد من اللاعبين ضحايا لفرق دوري المحترفين مع أول خطوة في سلم النجاح الكروي، وهكذا تدور الساقية وسط بعض الفرق التي يتم اغتيال مواهبها بسبب الربط غير المفهوم بين دوري المحترفين وفرق دوري الرديف.

ونسبة لأهمية الموضوع والخسائر الفادحة المترتبة عليه فإن (البيان الرياضي) فتح هذا الملف وتناوله من كل الجوانب لمعرفة الحلول التي يمكن تقديمها، عسى أن تسهم في تغيير واقع دوري 21 سنة بطريقة تبعث الاطمئنان في نفوس اللاعبين الذين يلعبون لفرق يحوم حولها شبح الهبوط.

إجماع على الخلل

وحسب التحقيق هناك حالة إجماع على وجود خلل يتطلب مراجعة سريعة وعاجلة من اتحاد الكرة، لإعادة النظر في طريقة المنافسة في الدوري بهدف المحافظة على المواهب ومنحها الفرصة الكافية، واتفقت مختلف الآراء الفنية والإدارية على أهمية الفصل بين المنافستين أو الإبقاء على الفريق الذي يرغب في المواصلة حتى وإن هبط الفريق الأول من دوري المحترفين، حسب إمكانات ناديه، مع مقترح بتغيير المسمى إلى دوري الدرجة الثانية لزيادة عدد المنافسات واستيعاب أكبر عدد من اللاعبين.

كشوفات الفريق

اعترف خليفة الجرمن رئيس مجلس إدارة نادي عجمان، عضو اتحاد كرة القدم، بأن تسريح فريق 21 سنة بعد هبوط الفريق الأول من دوري الخليج العربي يعتبر مشكلة كبيرة، موضحاً أن ناديه عانى منها لأنه ألغى الفريق بعد أن قام بتصعيد بعض اللاعبين حسب المراكز والحاجة، وقام بتسريح آخرين، لأن كشوفات الفريق لا تتحمل. وأضاف: هذا الموضوع مهم والتطرق إليه سيكون له نتائج إيجابية مستقبلاً بإذن الله.

وقدم الجرمن، صاحب الخبرة الكبيرة في العمل الإداري، مقترحاً بأن يتم الفصل نهائياً بين دوري المحترفين وفريق 21 سنة، وقال: كل فريق يقاتل في جبهته دون أن يتأثر بالآخر، الربط ليس من المصلحة ويتعرض بسببه بعض اللاعبين الصغار إلى الظلم في سن يحتاجون فيها للرعاية والاهتمام حتى تتفتق مواهبهم، أعتقد أن الربط يحطم طموحات العديد من اللاعبين، لذلك فإن الفصل بين المنافستين يمكن أن يكون خطوة إيجابية، وقال: عندما يهبط الفريق الأول يمكن لفريق 21 سنة أن يشارك بشكل طبيعي في المنافسة ويمكن أن يكون نواة للفريق الأول يستفيد منها مستقبلاً.

دمج الشباب

وقدم رئيس مجلس إدارة نادي عجمان مقترحاً ثانياً بأن يتم دمج فريقي الشباب 19 و21 تحت مسمى واحد، ليكون هذا الفريق مصباً لكل فرق المراحل السنية، وقال: هذه الطريقة تشجع اللاعبين الصغار على الاجتهاد بهدف الوصول للفريق الذي سيتم دمجه، والذي يمكنه استيعاب عدد كبير من اللاعبين مع إقامة منافسة قوية تحظى بالاهتمام تحت مظلة رابطة دوري المحترفين.

وقال الجرمن: لابد أن نضع في الاعتبار أن أبناءنا يذهبون للخدمة الوطنية بعد الثانوية العامة، وبالتالي يمكنهم مواصلة النشاط الكروي بعد نهاية الخدمة، وفي ذات الوقت تكون الخيارات متاحة أمام الأجهزة الفنية في حال غياب مجموعة من العناصر بسبب الخدمة الوطنية، وفي رأيي أن هذا الدمج لو تم سيكون من مصلحة الجميع، خاصة أننا نلاحظ أن الكثير من الفرق بدأت في إلغاء فريق 19 سنة لأن اللاعبين يذهبون للخدمة، وبالتالي يمكن جمع هذه الفئة العمرية في فريق واحد يسهل مهمة الأندية ويساعد اللاعبين على المواصلة.

جريمة الصغار

من جانبه، اعترف بدر طبيب، مدرب فريق 21 سنة بنادي الإمارات، بأن تنظيم المسابقة بشكلها الحالي يتسبب في ضياع العديد من المواهب سنوياً واغتيال طموحها مع سبق الإصرار والترصد دون ذنب اقترفوه، وقال متسائلاً: كيف يتم تشريد فريق بالكامل لمجرد أنه مرتبط بالفريق الأول؟ ما ذنب هؤلاء الصغار وما الجريمة التي ارتكبوها حتى تتم معاقبتهم بالتشريد عندما يهبط الفريق الأول؟!

وطرح طبيب سؤالاً مهماً، وقال: إذا كان فريق الرديف في ترتيب جيد في المنافسة والفريق الأول هبط من الدوري، فلماذا يتم إبعاده من المنافسة..؟! وأكد مدرب صغار الصقور أن هذه مشكلة كبيرة تتطلب الحل العاجل للمحافظة على اللاعبين، مشيراً إلى أن فريق 21 سنة يعتبر مصباً لفرق المراحل السنية لأنه المرحلة الأخيرة للتدرج في طريق الوصول للفريق الأول ولا يعقل أن يتم تسريح لاعبيه لمجرد أن الفريق الأول فشل في البقاء.

أعباء إضافية

كما تطرق طبيب إلى نقطة مهمة، وقال: هنالك فرق تهبط من دوري المحترفين ثم تعود سريعاً للفريق الأول، وبالتالي تكون مطالبة بأعباء إضافية تتمثل في تكوين فريق جديد وهذا ليس أمراً سهلاً بالتأكيد، وإذا هبط الفريق سيتم تسريح الفريق للمرة الثانية، وهذا يؤكد وجود الخلل الذي يتطلب العلاج، وأشار مدرب الصقور إلى أن اللاعب في مثل هذه المسابقات سيكون مطالباً بأن يفكر في الفريق الأول أكثر من تفكيره في فريقه وتطوير مستواه، لأن مصيره في يد غيره.

فتح الباب

رأى بدر طبيب أن الحل في تنظيم مسابقة مستقلة لفريق 21 سنة تحت إشراف رابطة المحترفين، وليس اتحاد الكرة، لضمان التنظيم الجيد والانضباط، باعتبار أن اتحاد الكرة لديه مهامه الأخرى، وقال: يفترض أن يتم فتح الباب أمام كل الفرق الراغبة في المشاركة دون إلزامها بالهبوط حتى لو وصل عددها إلى 20 فريقاً.

مواهب عدة

بدوره، ذكر جمعة مطر مدرب فريق حتا، والذي كان يشرف على فريق الشعب في دوري 21 الموسم الماضي، أن هناك مواهب عدة أصبحت بلا أندية ولا تمارس نشاطها الكروي بسبب الطريقة الخاطئة التي يتم بها التعامل مع الدوري، وقال: كان هناك لاعبون موهوبون في فريق الشعب يستحقون حتى اللعب في دوري المحترفين، ولكنهم الآن يجلسون في منازلهم ولا توجد أندية تستوعب إمكاناتهم، لأن عدد الأندية محدود وهبوط فريق الشعب أدى إلى إلغاء فريقهم.

وقال مطر إن هذه الطريقة يجب أن تجد المعالجة من قبل اتحاد كرة القدم الذي يعمل على التطوير لأنه من الظلم أن تضيع مواهب صغيرة السن لم تصل سن الـ21 مع أنها تمثل مستقبل الكرة في الدولة.

وقال مدرب حتا: هناك إيجابيات لدوري 21 منها التنظيم الجيد والاهتمام من قبل الأندية، لكن الربط مع دوري المحترفين في رأيي قرار يتطلب المراجعة.

فك ارتباط

واقترح مطر، أن تكون منافسة دوري 21 سنة منفصلة بذاتها، لفك ارتباطها بدوري المحترفين حتى تحقق الفائدة، وقال يمكن أن تقام المنافسة تحت مسمى الدرجة الثانية، مع تسليط الضوء عليها يمكن أن تعود بفوائد عدة على الكرة الإماراتية، ويمكنها أن تدعم أندية المحترفين وحتى فرق دوري الهواة بعناصر متميزة.

تكوين فريق

وعن الصعوبة التي وجدها في تكوين فريق لحتا باعتباره صعد حديثاً لدوري المحترفين ولم يكن لديه فريق في السابق، قال جمعة مطر: اجتهدنا بعض الشيء مع الإدارة واستعنا بلاعبين من أندية مختلفة، وأضاف: بعد كل هذا الجهد يمكن أن يتم حل الفريق بنهاية الموسم إذا لم ينجح السماوي في البقاء بدوري المحترفين، المهم أن هناك فريقين سيتم حلهما وبالتالي ضياع مواهب يجب المحافظة عليها ورعايتها، لذلك لابد من حل المشكلة عن طريق اتحاد الكرة.

إعادة

أكد خليفة الجرمن، ضرورة إعادة دراسة تكوين فريق 21 سنة والطريقة التي يشارك بها في المنافسة، وقال إن اتحاد كرة القدم مطالب بالتوقف عند هذا الموضوع وإجراء نقاش مستفيض حوله للوصول إلى قرار يصب في مصلحة أبناء المراحل السنية ودوري الرديف والكرة الإماراتية بشكل عام، موضحاً أن المشكلة قائمة والحل مطلوب.

14

أكد المغربي قدورة الجباسي، مدرب فريق 21 السابق بنادي الفجيرة، أن دوري الرديف يواجه مشكلة حقيقة وإهدار المواهب في سن الشباب وبداية النضوج الكروي، موضحاً أن اتحاد كرة القدم يجب أن يمنح الأندية حريتها بعد هبوط فريقها من دوري المحترفين بأن تختار المواصلة في دوري 21 سنة إذا رغبت في ذلك من أجل المحافظة على اللاعبين وقال: هناك فرق تهبط من الدوري لمدة موسم ثم تعود وعند الهبوط تسرح فريقها وبعد أشهر قليلة تكون مطالبة بتكوين فريق جديد وهذه مشكلة مضاعفة.

وأوضح الجباسي، أن فريقه كان به 14 لاعباً مميزاً لكنهم لايلعبون لأي فريق حالياً لأن الفجيرة هبط من دوري المحترفين، وتساءل: لماذا تضيع مثل هذه المواهب ولا تتاح لها فرصة المواصلة بغض النظر عن هبوط فريقها من عدمه إذا كان النادي قادراً على تسيير نشاطه. وبين المدرب المغربي، أن عدد الأندية في دولة الإمارات قليل جداً لذلك كان يفترض زيادتها بعدم تسريح فرق دوري 21 سنة حتى إذا وصلت لأي عدد لأنه كلما زاد عدد المباريات فإن الجرعة البدنية والفنية ستزيد عند اللاعب وتساعده في تطوير إمكاناته. ودعا قدورة الجباسي، اتحاد كرة القدم لدراسة الموضوع بشكل إيجابي والعمل على إيجاد حل للمحافظة على المواهب بدلا من تسريح فرق 21 سنة دون أي ذنب.

20

أوضح خالد سالم لاعب فريق الفجيرة السابق، أن 20 لاعباً لم يجدوا فرصة اللعب مع أي فريق بعد تسريح فريقهم، مبيناً أن هذا العدد الكبير من اللاعبين يضطرون للتوقف عن النشاط الكروي والسبب في ذلك هبوط الفريق الأول من دوري المحترفين. وقال: حاليا أنا أمارس كرة القدم بشكل فردي، لم أنضم إلى ناد آخر، وهنالك عدد كبير من لاعبي الإمارات تضيع موهبتهم بسبب الطريقة التي يتم التعامل بها مع الدوري.

مؤكداً ضرورة أن يعمل اتحاد كرة القدم على إيجاد حل لهذه المشكلة حتى يتمكن كل لاعب من مواصلة نشاطه الكروي. وقال: ضاعت العديد من المواهب في وقت سابق ويجب المحافظة على المواهب القادمة التي تلعب الآن مع فرق مختلفة حتى لا تواجه ذات المشكلة.

وعن فريقي الشعب والفجيرة اللذين هبطا الموسم الماضي وسرحا فريقي الرديف، قال: كان من الممكن استمرار الفجيرة والشعب مع إضافة الفريقين الصاعدين، عدد الفرق إذا أصبح كبيراً لا يمثل مشكلة لأنها لا تشارك في منافسات أخرى ونشاطها محصور في دوري الرديف فقط، على عكس أندية الأولى ودوري المحترفين، أما إذا كان الفريق الهابط غير راغب في المشاركة فمن حقه أن يتخذ هذا القرار، لكن من الخطأ إبعاده من المشاركة حال الهبوط، لأن ذلك يترتب عليه ضياع اللاعبين.

5

يؤدي لاعبو 5 فرق حالياً بدوري 21 سنة تحت ضغط نفسي، لأن تركيزهم لا يكون على المنافسة التي يلعبون بها فقط ولكن على دوري المحترفين أيضاً، خوفاً من هبوط الفرق التي يلعبون لها وهذا يؤثر على مردودهم الفني ويجعلهم في قلق مستمر مما ينعكس سلباً على تطوير مستوياتهم الفنية، لذلك فإن قرار فصل المنافسات يساعد كل فريق على التركيز.

21

بين ماجد محمد يوسف لاعب الشعب السابق، أنه توقف عن كرة القدم بعد تسريح الفريق، وقال: الشعب كان لديه واحد من أفضل فرق دوري 21 سنة بوجود عناصر متميزة جدا، كنا نقدم مستويات جيدة ونحن الفريق الوحيد الذي تصدى للشارقة بالتعادل رغم أن الملك كان الأفضل بدليل تتويجه بالبطولة.

وذكر لاعب الشعب السابق، أن تميز اللاعبين لم يشفع لهم بالاستمرارية في الملاعب بسبب هبوط الفريق الأول، وأضاف : أنا وغيري الكثيرون لم نحظَ بفرصة مع أي فريق آخر، هذه مشكلة نتمنى أن يجد لها اتحاد كرة القدم حلاً لأجل غيرنا من اللاعبين الذين سيواجهون ذات المشكلة.

26

رغم الزخم الكروي الكبير لكن عدد الأندية التابعة لاتحاد كرة القدم وتمارس نشاطها حاليا 26 ناديا فقط من بينها 14 في دوري المحترفين و12 في دوري الدرجة الاولى، وهذا العدد القليل من الأندية يفرض توسيع المشاركة في دوري 21 سنة، حتى يجد اللاعبون فرصة اللعب بانتظام مع الاندية ومواصلة مشوارهم الكروي بطريقة تساعدهم على التطور.

40

في كل موسم، يجلس ما لايقل عن 40 لاعباً، بمنازلهم بعد هبوط فريقين من دوري الخليج العربي، لأن ذلك يعني تسريح فريقين من دوري الرديف ليجد 50 لاعباً أنفسهم فجأة بلا ناد، فقط يتم تصعيد لاعبين أو ثلاثة من كل ناد للفريق الأول ومثلهم ينتقلون للعب في الدرجة الأولى، بينما يتوقف العدد المتبقي عن ممارسة النشاط الكروي.