اتفق رياضيون على أن فترة قيد وانتقالات اللاعبين في الميركاتو الصيفي الحالي جاءت هادئة وباردة في صفقاته، وذلك بعدم التعاقد مع أسماء بارزة سواء على مستوى العناصر الوطنية أو الأجنبية، بعكس المواسم السابقة التي كانت تشهد دائماً بعض الصفقات التي تثير ضجة وتفجر الأحداث في الوسط الرياضي وتكون محل اهتمام إعلامي وجماهيري كبيرين.

وباستثناء صفقة تعاقد نادي الإمارات مع الإسباني إندريس إنييستا صاحب الاسم الكبير في عالم المستديرة والتي كانت مفاجأة للجميع، لم تأخذ أي صفقة حظها من الاهتمام، ومضت جميع التعاقدات بهدوء تام.

ليكون السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا جاءت تعاقدات الصيف هادئة وباردة؟ هل الأندية أصابها الملل من السعي نحو النجوم، أم أن اللاعب النجم أصبح غير متاح محلياً ولا يمكن الوصول إليه عالمياً؟ أم أن الأندية غيرت رسمها وخططها وانتهجت خطاً جديداً؟ أم أن الأمر له علاقة بالميزانيات المالية للأندية؟.. هذا ما أجاب عليه عدد من الشخصيات الرياضية عبر «البيان» التي فتحت هذا الملف.

تركيز

بداية أرجع سالم ربيع مدرب النصر سابقاً، غياب الصفقات الداوية إلى أن معظم أندية المحترفين حافظت على عناصر الموسم الماضي خاصة الأندية الكبيرة مثل شباب الأهلي والشارقة والعين والجزيرة الذي حصر تغييره على الأجانب، ذاكراً أن تعاقداتها كانت محدودة، حسب النقص مع التركيز على الجودة وليس الاسم الكبير محلياً أو خارجياً.

وأضاف ربيع: فرق المحترفين قدمت مستويات جيدة في الموسم الماضي بعد أن نجحت في معظم الصفقات لذلك نشاهد هذا الموسم مجموعة كبيرة من اللاعبين الأجانب الذين ظهروا في الموسم الماضي، مع تقديم إضافات حسب النقص والرؤية الفنية.

وأشار مدرب النصر السابق إلى أن هدوء الميركاتو محلياً، يعود إلى غياب الأسماء البارزة، وغياب المواهب عن سوق الانتقالات والتي يمكن أن تحدث ضجة، ذاكراً أن النجوم البارزين في كرة الإمارات هم الذين تجاوزت أعمارهم الثلاثين عاماً، وهؤلاء أصبح لديهم ارتباط بأنديتهم ومن الصعب انتقالهم، والبعض منهم يعاني من تراجع المستوى لذلك لا يحدث صراع حول الفوز بتوقيعهم.

وقال ربيع: في رأيي أن هدوء الميركاتو بشكل عام ظاهرة صحية وتأكيد على أن الأندية أصبحت تهتم بالمستوى الفني للاعب ولا تركز على الأسماء والتهويل في التعاقدات بعد استفادتها من التجارب السابقة لأن بعض الأندية كانت تتصارع على الأسماء وبعد الفوز باللاعب لا تحصل منه فائدة فنية، وهذا جعل الأندية تفكر بطريقة عقلانية قبل الدخول في مفاوضات مع أي لاعب.

لا تفريط

فيما قال علي خليل الحوسني عضو شركة كرة القدم بنادي خورفكان مشرف الفريق الأول سابقاً، إن وضع التعاقدات اختلف محلياً، لأن الأندية أصبحت لا تفرط في المواهب المتميزة لندرتها، ذاكراً أن الفريق الذي يمتلك لاعباً يصنع الفارق ويمكن أن يكون محل صراع أو التعاقد معه يمثل صفقة داوية، لا يتنازل عنه ناديه «ويمسك فيه بيده وأسنانه»، ذاكراً أن فرق المحترفين أصبحت تجدد عقود لاعبيها مبكراً حتى لا يتدخل ناد بعرض مالي أكبر يتعاقد معه، ما جعل فترة التعاقدات تمضي بدون المنافسة على نجوم وأسماء بارزة.

وأضاف الحوسني: على صعيد التعاقدات مع اللاعبين الأجانب، أدركت الأندية أن المال لا يحقق النجاح وأنه ليس شرطاً التعاقد مع اسم كبير، صحيح أن التعاقد مع نجوم كبار شيء جيد لكن الأهم من ذلك التعاقد مع لاعب يفيد الفريق ويمتلك القدرة على العطاء، مثل لابا كودجو مهاجم العين والذي تم التعاقد معه بهدوء ولم تسبقه أي ضجة إعلامية أو جماهيرية ولكنه حقق نجاحاً كبيراً، بينما بعض الأندية تعاقدت مع نجوم عالميين في تجارب كانت نتائجها سلبية، وأعتقد أن إدارات الأندية نظرت إلى كل التجارب السابقة الناجحة والفاشلة منها وأدركت أن قيمة اللاعب في الموهبة التي يتمتع بها وليست اسمه، ما جعلها تركز على أسماء غير معروفة لديها القدرة على تقديم الإضافة.

وقال مشرف النسور السابق إنه متفائل بموسم حافل من جميع الأندية يشهد منافسة قوية على الفوز بلقب الدوري والصراع على البقاء، وتمنى الحوسني التوفيق للأندية وأن تحقق النجاح الذي يساهم في تطوير كرة الإمارات.

أسباب عدة

من جانبه، أكد المدرب التونسي نور الدين العبيدي، أن هنالك أسباباً عدة فنية ومادية أدت إلى هدوء الميركاتو الصيفي، ذاكراً أنه يراها مفيدة من ناحية فنية لأن الانتدابات كانت موجهة حسب الاحتياجات الفعلية والنقص الذي تعاني منه الفرق، حتى تقوي صفوفها وتكون أكثر قدرة على تحقيق أهدافها، وتضمن لها الاستقرار والانسجام المطلوبين، دون اللجوء إلى الصفقات الكبرى التي تكلف النادي مبالغ مالية ضخمة دون أن تحقق الهدف منها.

وأضاف العبيدي: أيضاً هنالك أسباب مادية تتعلق بالمطالب المالية الضخمة لوكلاء اللاعبين، ما جعل الأندية تفكر كثيراً قبل الدخول في مباحثات جادة تكون نتيجتها صرف مبالغ تفوق حتى قدراتها، ما جعل الأندية تركز على تغطية النقص من صفقات مناسبة من الناحية المالية ومفيدة أيضاً من الناحية الفنية دون الاندفاع نحو الأسماء والدخول في صراع الصفقات الكبيرة وهذه نقطة إيجابية تحسب لإدارات الأندية لأنها بدأت تتعامل باحترافية في أهم الملفات.

وأكد مساعد مدرب منتخبنا الأولمبي سابقاً، أن فترة التعاقدات تعتبر في غاية الأهمية لكل فريق، وأن استقطاب العناصر المتميزة لابد منه لمعالجة النقص وتقوية صفوف الفريق بأفضل اللاعبين وأضاف: المهم دائماً الفائدة الفنية وليس الصفقة الداوية لذلك أرى أن ما قامت به الأندية خطوة جيدة في الطريق الصحيح نأمل أن تنعكس إيجاباً على المستوى الفني للموسم الكروي الحالي وأن تحقق جميع الانتدابات النجاح المطلوب والذي تنتظره مختلف الفرق والجماهير.

مواهب شابة

وأشار خالد عبيد المحلل والناقد الرياضي إلى أن الأسماء التي برزت الموسم الماضي على الصعيد المحلي، للاعبين صغار السن لديهم عقود ممتدة سنوات مع فرقهم مثل علي صالح ويحي الغساني وغيرهما من الشباب البارزين مع مختلف فرق دوري المحترفين، الشيء الذي لم يمكن الأندية من الدخول في مفاوضات معهم، مع استقرار النجوم الكبار المعروفين منذ سنوات طويلة مع الفرق التي يدافعون عن شعارها، خاصة أن الأندية أصبحت تجدد عقد لاعبها المميز والنجم قبل فترة طويلة من انتهاء عقده حتى لا يدخل ناد منافس يرفع قيمته المالية أو ينجح في التعاقد معه، وبالتالي غاب الصراع على الفوز بتوقيع اللاعب المحلي وتحديداً المواطن، وأصبح هنالك عدد قليل من اللاعبين المتاحين في سوق الانتقالات وهم من عناصر الصف الثاني دائماً.

التزام

وأضاف عبيد: على المستوى العالمي كانت هنالك أسماء بارزة لكن أنديتنا لم تدخل معها في مباحثات بسبب القيمة المالية الكبيرة في الوقت الذي تحرص فيه إدارات الأندية على الالتزام بالميزانية المالية المتاحة لها حتى لا تدخل في أزمات مالية، رغم أن هنالك عناصر أجنبية تتمتع بالشهرة والخبرة كان يمكن أن تشكل الإضافة المطلوبة لكن أنديتنا اختارت أن تكون حذرة وربما أكثر دقة في معايير التعاقد مع التركيز أيضاً على العنصر الذي يحتاج إليه الفريق في خانة محددة، إضافة إلى صفقات التعاقد مع اللاعب المقيم والذي ينافس الأجنبي في بعض الأندية.

وقال خالد عبيد إنه لا يرى أهمية لدوي الصفقة لأن المهم نجاح اللاعب والطريقة التي تعمل بها الأندية في اختيارات اللاعبين، ذاكراً أن ملف التعاقدات بشكل عام في حاجة إلى مراجعة أكثر وتدقيق أعمق في اختيار اللاعب، مشدداً على أهمية وجود الكشافين ومتابعة اللاعب لفترة طويلة قبل التعاقد معه، بدلاً من الاعتماد على آراء الوكلاء واللقطات القصيرة.

ميزانية الأندية

أما عمار الدوخي المحلل والناقد الرياضي، قال إن جملة من الأسباب أدت إلى هدوء الميركاتو الحالي، وتركيز الأندية على أسماء بعينها، دون الدخول في مفاوضات مع نجوم عالميين أو عناصر بارزة ومعروفة، ذاكراً أن أهم الأسباب ميزانية الأندية التي تحكمها بإبرام صفقات بمبالغ محددة، وأضاف: أن تكون لديك ميزانية ولو ضعيفة لا تمنع نهائياً التعاقد مع لاعب جيد يشكل الإضافة، وهذا ما يفعله نادي عجمان الذي يتعاقد مع أسماء عادية وبمبالغ مالية مناسبة دون ضجيج، ولكنه يحقق نتائج تعجز فرق بميزانيات أكبر عن تحقيقها.

وذكر عمار الدوخي أن أهم أسباب هدوء الميركاتو غياب النجوم عن أندية المحترفين، مشيراً إلى أنه لم يكن هنالك لاعب مطلق السراح يكون محل صراع وشد وجذب، ذاكراً أن عدد النجوم تراجع كثيراً في المواسم الأخيرة ولم يعد موجوداً اللاعب صاحب التأثير الكبير الذي يجبر الأندية على السعي للفوز بتوقيعه ولو كلفها ذلك مبالغ مالية كبيرة.

واستطرد الدوخي: لست مع الصفقات الداوية لمجرد الاسم ولكن أفضل الصفقات الناجحة ولو بأسماء مغمورة، لأن الهدف نجاح اللاعب وليس الإثارة وإشعال الساحة الرياضية بالأسماء، ونأمل أن تكون الأندية اتخذت هذا النهج في الميركاتو الحالي لأن ما يهمنا نجاحها وليس صفقاتها، نريد لاعبين مثل لابا مهاجم العين يرفع مستوى المنافسة ويمتلك المقدرة على قيادة فريقه للانتصارات حتى يتطور مستوى الدوري وبالتالي المنتخب.