برغم أن الأجهزة الإدارية بالأندية تتألف جمعيها من مواطنين، غالباً كانوا لاعبين سابقين، كما يوجد عدد غير قليل من قدامي اللاعبين في مختلف القطاعات الرياضية، مثل التدريب والتحليل الفني وغيره، غير أن عدداً من قدامي اللاعبين يعانون بين سندان التهميش ومطرقة التغييب، دون أن تتاح لهم فرصة نقل خبراتهم إلى الأجيال، باستيعابهم في القطاعات المعنية.

وهو ما اعتبره بعضهم عدم تقدير للعطاء الذي قدموه للكرة الإماراتية، وهم يدافعون عن شعار الأندية والمنتخبات المختلفة، وفقاً لبعض الآراء الواردة باستطلاع «البيان» في المساحة التالية.

عدم التقدير

يرى سالم جوهر، لاعب العين السابق وأحد الأبطال الذين توجوا مع الزعيم بقلب أبطال آسيا 2003، أن تهميش قدامي اللاعبين الذي أثروا الملاعب بإنجازات وبطولات، ولم يبخلوا بالجهد والعطاء، هو عدم تقدير وعدم ثقة، وقال: تحصلت على شهادات «C.B.A» في التدريب.

ولكن لم أجد من يستوعبني، لأن بعض المسؤولين لا يثقون في المواطن كمدرب، بل بعضهم يعترض على دخولك دورة التدريب، والتجارب أثبتت نجاح وكفاءة المدرب المواطن، والدليل نجاح مهدي علي، وجمعة ربيع، وعبد العزيز العنبري، وبدر صالح، مع المنتخبات، وزكريا أحمد، مع حراس المرمى، والذي تخرج على يديه حراس متميزون، مثل محمد الشامسي، وفهد الظنحاني، ومحمد بوسندة، وغيرهم حراس كثر.

وقال جوهر: لا أجد تقديراً لما قدمته طوال سنواتي كلاعب، وأصبحت فقط مجرد أرشيف في سجلات التاريخ، فالمسؤولون يثقون فقط في المدرب الأجنبي الذي ينتقل من نادٍ إلى نادٍ، ومن فشل إلى فشل، ومع ذلك يستمر، فيما يبقي المدرب المواطن بلا عمل، وينتظر فرصته لإثبات جدارته.

لا أذن مصغية

وأضاف: حتى عندما تتبرع من تلقاء نفسك، وبدافع الغيرة على كرة القدم، لتقدم نصائحك لنادٍ بضرورة الاهتمام بلاعب موهوب، أو عدم صلاحية لاعب للنادي، أو لمركز في الملعب، فإنك لا تجد أذناً مصغية، ولا أحد يهتم بكلامك، وينفذون أفكارهم وكأنهم الأعلم، ويفهمون ما لا يفهمه اللاعب الذي اكتسب الخبرات من التجارب طوال سنوات طويلة، وكثير من المسؤولين في الأندية والمنتخبات لم يلعبوا كرة قدم.

ولا يعرفون معناها، ولكنهم لا يجارون ولا يبارون في الفلسفة والتنظير، وهناك بعضهم لعب كرة قدم، ولكنه لم يقدم شيئاً لفريقه عندما كان لاعباً، ومع ذلك تجده بعد الاعتزال يجد التقدير والاهتمام، وتتم الاستعانة به فوراً في السلك الإداري أو التدريب بأحد فرق النادي.

دعم

وأضاف: يفترض أن تدعم الأندية والاتحاد قدامي اللاعبين المواطنين، فهم الأكثر فائدة للأجيال الجديدة، وينبغي أن يجدوا الاهتمام المأمول بتطوير مقدراتهم، سواء كانوا إداريين أو مدربين أو حكاماً، لكن للأسف، فالثقة معدومة فيهم.

ولذلك يندر وجودهم في مختلف القطاعات الرياضية، والتي يسيطر عليها الأجانب، وهو واقع مؤسف، ومستغرب، لأن كثيراً من الرياضيين المواطنين السابقين، مثلوا الدولة خير تمثيل في المحافل الخارجية، على نحو ما فعله علي بوجسيم، ومحمد عبد الله، وغيرهما، ولكن لا يوجد تقدير لقدامى اللاعبين، ويتم تهميشهم وتجاهل تضحياتهم.

إدارات من العدم

من جهته، يعتقد عنتر مرزوق، لاعب المنتخب وشباب الأهلي السابق، مدير أكاديمية نادي شباب الأهلي حالياً، أن بعض الإدارات التي تتولى المهام الإدارية بالأندية، لم يكن لها وجود في النادي من قبل، وكل إدارة جديدة تأتى مع طاقمها وجماعتها، وتمنحهم مهام أصلاً لا يعرفونها، وغالباً يكون ولاؤهم للمسؤول الموجود، ولذلك نجد أن كثيراً من الأندية يعمل بها أشخاص غير مناسبين للمناصب التي يتقلدونها.

وأضاف: إذا سلمنا أن متطلبات الاحتراف وأن بعض الأندية تحتاج لتخصصات بعينها، مثل التسويق والعلاقات الخارجية، لجذب الاستثمارات والمكاسب الاقتصادية للنادي، ولذلك تستعين بالأجانب المتخصصين، فيفترض أن يتولى المهام الإدارية في هذه الأندية المواطنون، فهم الأجدر والأقدر على تقديم الخدمات المأمولة، قياساً على خبراتهم الطويلة في الملاعب.

دور المجالس

وقال مرزوق: المجالس الرياضية يفترض أن تلعب دورها في هذا الأمر، بأن تتبنى اللاعبين القدامى، وترسلهم إلى دورات للتأهيل، فمثلاً، منصب المدير الرياضي يحتاج للاعب كرة قدم يتمتع بالخبرة، ويجب أن تنمي مقدراته، وتصقل خبراته، حتى لا يصبح مجرد لاعب قديم،

في حين نجد أن أغلب الأندية تستعين بمديرين رياضيين من خارج البلد، وهؤلاء تصرف عليهم مبالغ خيالية، وعلى العكس، فالمدير الرياضي عندما يكون مواطناً، فهو يوفر عليك أعباء مالية كثيرة، فضلاً عن أنه الأفضل والأنسب والأكثر غيرة.

لا تقدير

وأضاف مرزوق: أعتقد أن أنسب مكان للاعبين القدامى، هو أكاديميات الكرة في الأندية، وذلك من واقع تجربتي كمدير لأكاديمية نادي شباب الأهلي، لأن اللاعب القديم يتمتع بالخبرة، ويعرف كيف يتعامل مع المدربين في الأمور الفنية، وكذلك من اللاعبين الصغار، ومع أولياء الأمور، ومع ذلك، هناك نفور من قدامى اللاعبين، رغم أن بعضهم أصبحوا محللين في القنوات، وقدموا أنفسهم بصورة متميزة، مستفيدين من خبراتهم الطويلة في الملاعب، ولذلك لا بد أن تراجع الأندية حساباتها، وتعمد للاستعانة بقدامى اللاعبين.

لم يقدروا خدماتي

يقول فهد الدبل أحد قدامى اللاعبين الذين دافعوا عن شعار منتخبات المرحل السنية المختلفة، وأسهم في صعود منتخب الشباب لنهائيات كأس العالم ماليزيا 1997، ولعب لأندية خورفكان وكلباء ودبا الفجيرة، إنه أحد الذين تم تهميشهم.

ولم ينل تقديراً على سنوات خدمته الطويلة كلاعب ومدرب، وتم الاستغناء عنه كمدرب لفريق الرديف بنادي خورفكان، في الموسم الماضي، بحجة أنه لا يملك شهادة «برو»، برغم أن القانون الخاص بضرورة امتلاك هذه الشهادة، سيتم تطبيقه العام المقبل.

ولكنه لم يشأ أن يدخل معهم في جدال حول هذا الأمر، وعندما أكد لهم استعداده ليتولى مهمة مساعد المدرب، تم رفضه، رغم امتلاكه لشهادة التدريب «A»، منذ 8 سنوات، وعمل في سلك التدريب لمدة 14 سنة، ولكن لم يتم استيعابه في النادي، لا مدرباً ولا مساعداً، واستقدموا مساعد مدرب كبيراً في السن، ويملك شهادة «B»، وهناك غيرهم في المراحل السنية يملكون فقط شهادة «C».

أهمية اللاعب السابق

وأضاف: بعض الأندية همشت اللاعبين الذين قدموا للنادي الكثير، برغم أهمية وجود اللاعب القديم في النادي، لأنه وبخبرته وبحكم انتمائه القوي للفريق، سيكون أكثر حرصاً على تقديم أفضل الخدمات للنادي الذي تربى فيه، ومنحه عصارة جهده، وقطعاً سيكون أكثر فائدة من غيره.

لأنه يملك الخبرة ووسائل التواصل مع اللاعبين، كما يعتبر أفضل حلقة وصل بين اللاعب والمدرب، والفرق سيكون واضحاً وكبيراً بين لاعب سابق وشخص لا يعرف الكثير من أسرار وكواليس كرة القدم.

وقال: عندما يجلس معي لاعب كرة سابق معروف له اسمه وشهرته وخبرته، فاهتمامي بتوجيهاته ونصائحه ستجد عندي قبولاً واهتماماً كبيرين، وعلى العكس، عندما يجلس معي شخص آخر لا أعرفه، ولا علم لي بتاريخه.

ولكن هذا لا يعني أن كل لاعب سابق وقديم، يستطيع أن يفيد، فهناك لاعبون اعتزلوا كرة القدم والمجال الرياضي عموماً ولم يهتموا بتطوير أنفسهم، ولذلك تجدهم يفتقدون للمقومات اللازمة لتولي مهمة التدريب أو الإدارة، أو حتى التحليل، ولم يوفقوا عندما أوكلت لهم المهام، ولذلك، على اللاعبين القدامى أن يجتهدوا لتطوير أنفسهم.

تهميش

وأضاف: المؤكد أن التهميش وعدم التقدير طال الكثير من اللاعبين القدامى، كما تلاحظ أن بعض الأندية غالباً تستعين بأسماء بعينها في الجهاز الإداري والتدريب، وبصفة ثابتة، كأنه لا يوجد غيرهم فقط من 6 إلى 10 أشخاص هم أصحاب الحظوة، يتنقلون من منصب إلى آخر.

فيما يتم تجاهل الأغلبية من زملائهم قدامى اللاعبين، وحتى الآن، ليس هناك سبب منطقي للاستعانة بأسماء معينة، دوناً عن غيرهم، وحتى الآن لا أعرف سبباً لهذا التجاهل، برغم امتلاكي لخبرة وشهادات تدريبية على أعلى مستوى.

امتداد العطاء

في حين، أكد فيصل على لاعب العين الدولي السابق، والمدرب بالمراحل السنية بالعين حالياً، أن اتجاه قدامي اللاعبين لمجال التدريب أو الإدارة أو التحليل، هو امتداد لعطائهم في الميدان، وهو أمر من شأنه أن يعود بفائدة كبيرة للكرة الإماراتية، لأنهم ينقلون خبراتهم للأجيال الجديدة، والتي تحتاج قطعاً للاعبين القدامى، ليتعلموا منهم ويستفيدوا من تجاربهم.

وقال علي: إذا لم يتجه قدامى اللاعبين لمختلف المجالات التي يمكن أن يقدموا من خلالها خبراتهم، فهذه خسارة للرياضة، وستتضرر منها الأجيال الجديدة، لأنه لا بد أن تتوارث الأجيال الخبرات في مختلف المجالات، خصوصاً المدربين، فمثلاً عندما يرى الناشئ أن مدربه كان ذات يوم يمثل ناديه والمنتخب، وصال وجال.

فهذا يدفعه للحماس، ويجعله شغوفاً، ويتمنى أن يكون مثله، وعلى العكس، عندما يكون المدرب الأجنبي، فمهما قدم له من نصائح، وكانت له شخصيته، فإن مردوده بالنسبة للاعب الصغير، لأنه لا يستطيع أن يوصل المعلومة، وسيكون التفاهم والانسجام قليلاً، ولذلك يحتاج الناشئ للاعب سابق، ومن المهم جداً أن يواصل اللاعب المعتزل العطاء لمصلحة الكرة الإماراتية.

سلبيات

وأضاف: وجود الأجانب بكثرة في القطاعات الرياضية المختلفة، ستكون له سلبيات، التي ستعاني منها الأجيال المقبلة، فبعد عشر سنوات مثلاً، لن يكون هناك مواطن في الأكاديميات، ولا حتى محلل في القنوات، لأنهم جميعهم أجانب، ولن يبقى إلا العاشقون لكرة القدم، أما الخبرات في المجالات المختلفة، فسيسطر عليها الأجانب، وهذا سيكون له تداعياته الخطيرة مستقبلاً، وهذه نقطة سلبية، فالمواطن لا بد أن يكون أكثر وجوداً من الأجنبي.

الرغبة

يرى موسى حطب، اللاعب الدولي السابق، والذي دافع عن شعار عدد من الأندية، وإداري فريق كلباء الحالي، أن هناك أندية اهتمت فعلاً باللاعبين القدامى، واستوعبتهم كإداريين أو مدربين لفرق المراحل، وأغلب الأندية بالدولة فعلت هذا الأمر، ولكن في النهاية، الأمر تتحكم فيه رغبة اللاعب نفسه.

فهناك من لا يرغبون في متابعة مسيرتهم الرياضية، ويفضلون الاتجاه إلى أعمال أخرى، وبعضهم يرغب في الاستمرار، وأنا منهم، لذلك آثرت أن أكون إدارياً بفريق كرة القدم الأول بكلباء، وأتمنى أن أقدم كل خبراتي للفريق.

وأكد حطب أن رغبة اللاعب القديم، هي التي تدفعه للاستمرار في مسيرة العطاء، ومتى ما كانت الرغبة موجودة، فستكون الخدمات أكثر جودة وفائدة ونجاحاً، وعلى العكس، إذا عمل الشخص في المجال المعين بدون رغبة، فإن النتائج لن تكون جيدة، لأنه في هذه الحالة غالباً سيعمل لأداء الواجب فقط.