قلب المدرب العراقي، عبد الوهاب عبد القادر، صاحب الحضور المتميز في ملاعب الإمارات مع عدد من الأندية والمنتخبات، صفحات 41 عاماً من الذكريات، هي فترة تواجده بالدولة في رحلة بدأت بمهمة مؤقتة وتحولت إلى إقامة دائمة، مؤكداً أن من يعتاد على الحياة في الإمارات لا يستطيع مغادرتها، لأنها وحسب وصفه، بلد عدل وأمن وأمان وتتوفر بها كل مقومات الحياة وتتميز بحكمة قيادتها وطيبة شعبها.
واستعرض عبد الوهاب عبد القادر في حوار مع «البيان» مسيرته السباقة مع مختلف الأندية والإنجازات التي حققها، وتطرق إلى الفارق بين الكرة سابقاً وحالياً، كما تناول موضوع المنتخب الوطني بالتعليقات وقدم نصيحته الغالية في ختام الحوار للنهوض بكرة القدم الإماراتية وتطورها.
كيف كانت البداية مع كرة الإمارات؟
كانت مع نادي الشباب في عام 1983، حضرت معاراً من اللجنة الأولمبية العراقية، في إطار العلاقة بين اللجنة والنادي، عملت لمدة 3 سنوات مع «الشباب سابقاً» وكان يفترض بعدها أن أعود مرة أخرى إلى العراق ولكن هذا لم يحدث، حينها اتخذت قراراً بالبقاء في الإمارات.
وماذا كان الهدف أو الدافع من قرار المواصلة وعدم العودة؟
من يعيش في الإمارات لفترة بسيطة ويعرف طيبة شعبها، ويعتاد على الحياة الكريمة الآمنة التي تتوفر بهذا البلد، من الصعب جداً أن يفارقها، بالنسبة لي لم تكن 3 سنوات عادية.
كانت بها الكثير من المواقف والإحساس بالأمن والراحة النفسية، سنوات البداية غيرت مجرى وخطة حياتي وجعلتني أقرر دون تفكير أن أواصل مسيرتي العملية وحياتي في هذا البلد، وبعد 41 عاماً قضيتها في الإمارات أقول بكل صدق إنني كنت محقاً واتخذت القرار الصائب لأنني لم أجد في إمارات الخير إلا كل الخير والحب والتقدير من الجميع.
ما أكثر ما جذبك للبقاء في الإمارات كل هذه السنوات؟
كل شيء في الإمارات جاذب، بلد به مقومات الحياة يهتم بالصحة والتعليم والترفيه، لذلك يعيش به أكثر من 200 جنسية من حول العالم، أعتقد أنه أكثر بلد يجمع جنسيات مختلفة تعيش كلها في أمن وسلام ومحبة، مهما تحدثت لن أوفي الإمارات حقها لأنني مدين لها ولا أستطيع أن أسدده مهما فعلت أو قلت.
الإمارات تتمتع بقيادة رشيدة وهبها الله الحكمة، وسخرها لأجل هذا الشعب الطيب وأيضاً المقيمون الذين يعيشون على أرضها، هنا الكل يجد الاهتمام وتتوفر له سبل الحياة الكريمة، لذلك ليس عبد الوهاب عبد القادر فقط من اختار البقاء بها ولكن الملايين من جنسيات مختلفة عاشوا بها لعشرات السنوات، وجعلوها وطناً لهم.
وماذا عن ارتباط أسرتك بالإمارات؟
أبنائي وبناتي من مواليد الدولة، تحديداً أبوظبي ودبي، لديهم ارتباط قوي وعميق بالإمارات فقد عاشوا كل سنوات عمرهم بها، الدراسة والعمل باستثناء أحد أبنائي مقيم في نيوزيلندا لكن ابني الأكبر يعمل حالياً في نادي عجمان مع المدرب غوران في مهمة محلل بيانات، وبناتي يعملن في وظائف مختلفة بدبي، كل أفراد الأسرة يعتبرون أن الإمارات بلدهم وهي كذلك بالفعل لأنها الأرض التي عاشوا بها.
حدثنا عن مشوارك التدريبي في الإمارات؟
بعد نادي الشباب (سابقاً) الذي بدأت معه مسيرتي، انتقلت للعمل مع نادي بني ياس في واحدة من الفترات الجميلة التي استمرت 7 سنوات وحققت معه إنجاز الفوز بكأس رئيس الدولة، وعملت أيضاً مع نادي الوحدة لموسم.
وانتقلت بعده لنادي الفجيرة لمدة موسمين، ثم نادي عجمان الذي عملت به لسنوات رائعة على عدة فترات، وكان ومازال لدي ارتباط كبير به وبأسرة النادي، ومع عجمان صعدنا للمحترفين وأحرزنا كأس الاتحاد.
ووصلنا مراحل متقدمة في مختلف المنافسات وكنا نهزم كبار الأندية، أيضاً عملت مع نادي الخليج «خورفكان حالياً»، وصعدنا للمحترفين، كما حققت هدف الصعود مع نادي خورفكان، وكذلك كانت لدي تجربة مع الشارقة في المحترفين.
وماذا عن عملك مع المنتخبات الوطنية؟
دربت منتخبات الشباب والناشئين، وعملت مع المنتخب الأول مساعداً للمدرب ميلان ماتشالا، في بطولة القارات بالسعودية 1997، وتم تكليفي بقيادة المنتخب المدرسي في الدورة العربية بالمغرب 1998 والتي أحرزنا فيها المركز الأول، وغيرها من المحطات المهمة في مشواري التدريبي.
خلال الـ41 عاماً السابقة، هل غادرت لتدريب أحد الأندية خارج الدولة؟
وصلتني الكثير من العروض في فترات سابقة من السعودية وقطر وعمان ومصر، وغيرها من الدول، لكنني كنت دائماً لأعتذر خاصة أنني أكون في مهمة مع أحد الفرق، ومهما كانت العروض المالية مغرية لكني لم أقبل أي عرض، رغبةً في الاستقرار وعدم مفارقة دولة الإمارات التي وكما ذكرت اعتدت على الحياة بها منذ فترتي الأولى في الثمانينات.
ما أكثر ما تفتخر به في مسيرتك السابقة بملاعب الإمارات؟
على المستوى المهني حققت العديد من النجاحات وهي معروفة للأندية التي عملت معها، لكنني أفتخر بأنني كنت مدرباً ومعلماً وناصحاً بشكل دائم للاعبين، قبل التدريبات كنت أحرص بشكل مستمر على تقديم محاضرات قصيرة عن جوانب تربوية وتوجيهية، كنت أحدث اللاعبين عن أهمية التحلي بالأخلاق والسلوك والتضحية من أجل هذا البلد.
وهذه المحاضرات بشهادة الآباء الذين كانوا على تواصل معي، كان لديها تأثير كبير عليهم وأنا فخور بأن أشاهد البعض منهم يحتل مناصب مهمة ويفيدون الوطن والمجتمع، أعتقد أن ذلك قمة نجاحي وأكبر إنجازاتي، صحيح أنهم درسوا وتوفر لهم الاهتمام من أسرهم ولكن نصائحي ولو بكلمة تجعلني أشعر بأنني شريك معهم في هذا النجاح الذي حققوه.
ما هو الفارق بين كرة الإمارات في السابق والآن؟
بالنسبة للنتائج الجميع يعرفها، لكن الفارق الذي يحزنني ويزعجني عدم الاهتمام بالمراحل السنية في الوقت الحالي، سابقاً كان هنالك اهتمام متعاظم باللاعبين الصغار في مختلف المراحل السنية ويتم توفير كافة الاحتياجات لهم والعمل على تطوير قدراتهم، وأعتقد أن التجربة قدمت العديد من الأسماء التي حققت النجاح لكرة الإمارات.
وهذا الاهتمام نفتقده حالياً لأن الأندية أصبحت تركز على اللاعب المقيم الذي تأتي به من الخارج، أيضاً في السابق كان اهتمام الجمهور أكبر وأقوى من الحالي رغم التطور الكبير الذي شهدته الإمارات في البنية التحتية وتهيئة الملاعب وسهولة الحركة والنقل، لكن مازالت المدرجات تفتقد للجماهير التي تساند فرقها بكل قوة مثل السابق.
وماذا عن مستوى الدوري؟
دون مجاملة المستوى جيد مقارنة بالعديد من الدوريات العربية، هنالك العديد من المواهب والمباريات التي تشهد أداء مميزاً وتكتيكاً عالياً من اللاعبين، والدوري به نجوم وأسماء لامعة وفنيات حاضرة في أرضية الملعب، وبالتأكيد وجود الأجانب والمقيمين أسهم في رفع المستوى الفني لكن لابد من منح اللاعب المواطن فرصة أكبر للمشاركة وإبراز مقدراته الفنية.
ما النادي الذي ترشحه للتتويج بلقب بطولة الدوري؟
الحديث سابق لأوانه لأننا مازلنا في جولات البداية وكل الحسابات قد تختلف بانتصار أو هزيمة في الجولات المقبلة، لكن وفقاً لما رأيته حتى الآن أرى أن شباب الأهلي يمضي بخطوات ثابتة نحو لقب البطولة، لأنه يمتلك العديد من العناصر المتميزة ويمتلك دكة بدلاء قوية، وبلا شك الفريق الذي يرغب في معانقة البطولات لابد أن يهتم بالبدلاء مثل اهتمامه بقائمة الفريق الأساسية.
لأن مشوار الموسم طويل ويحتاج أكبر مجموعة جاهزة من اللاعبين حتى لا يتأثر الفريق بغياب لاعب أو لاعبين، كذلك أعتقد أن الشارقة يقدم مستوى جيداً ويحقق نتائج تجعله من المرشحين للقب، وهنالك العين بطل آسيا الذي عانى في الجولات السابقة ولكنه فريق كبير يمكن أن يعود بقوة في أية لحظة.
كيف ترى المنتخب الوطني الأول وهل هو قادر على تحقيق الطموحات؟
بالطريقة التي يسير بها المنتخب لن يكون قادراً على تحقيق الطموحات، لأن هنالك خللاً واضحاً في اختيارات الجهاز الفني سواء للقائمة التي يعتمد عليها أو التشكيلة الأساسية، على سبيل المثال مباراة أوزبكستان التي خسرناها كانت أسهل 3 نقاط لو أحسن الجهاز الفني التعامل معها لأن المنافس يعتمد على طريقة اللعب المفتوح، وبدلاً من الدفع بلاعب مثل علي صالح الذي يتمتع بقدرات هجومية عالية احتفظ به الجهاز الفني في الدكة.
ومن هي العناصر التي تعتقد أن المنتخب تخطى اختيارها؟
لاعب العين بندر الأحبابي، لا يمكن أن أتجاهل لاعب بخبرته وتميز مستواه الفني، بندر من اللاعبين الذين قدموا مستويات متميزة في الفترة السابقة وأعتقد أن المنتخب كان في حاجة إلى جهوده، وهنالك أيضاً عناصر أخرى تستحق أن تتواجد في المنتخب.
قلت إن هنالك خللاً في اختيار التشكيلة.. كيف ذلك؟
نعم هنالك لاعبون يجب أن يشاركوا أساسيين في التشكيلة مثل علي صالح الذي كان مفتاح الفوز في مباراتنا الأولى أمام قطر، وأيضاً يحيى الغساني وحارب وليما، هؤلاء لاعبون يجب أن تبني عليهم التشكيلة ولكن لا ينالون الفرصة الكاملة التي يستحقونها.
وماذا عن مباراة المنتخب المقبلة أمام قرغيزستان؟
ستكون مواجهة صعبة لأن المنافس يلعب بطريقة دفاعية ويعتمد على الهجمات المرتدة، يجب أن يقرأ الجهاز الفني منافسه جيداً حتى يعرف الأسلوب المناسب الذي سيقوده إلى الفوز بالنقاط الثلاث.
ما النصيحة التي تقدمها في ختام هذا الحوار من أجل تطور كرة الإمارات؟
الاهتمام بالمراحل السنية، لا يوجد حل للتطور غير التركيز على الصغار وتقديم الدعم لهم، ورفع المستوى الفني لمنافسات المراحل السنية، أفضل منتخب للإمارات كان يقوده المدرب القدير مهدي علي وحقق معه الإنجازات، كان يضم لاعبين مميزين تخرجوا من المراحل السنية مثل عموري وعلي مبخوت وأحمد خليل، بعد أن تدرجوا في المشاركات من الناشئين إلى الشباب ثم الأولمبي بلوغاً للمنتخب الأول، ولابد من إعادة التجربة عبر بناء منتخب من الصغار لأن الإمارات تستحق أن تحقق نتائج أفضل في كرة القدم على مستوى الأندية أو المنتخبات، وفي رأيي أن التراجع الحالي سببه عدم الاهتمام بالمراحل السنية بدليل أن آخر لاعب أنتجته فرق المراحل السنية كان حارب عبد الله قبل 5 مواسم.