فشل ريال مدريد في الفوز على خفافيش فالنسيا (2-2) وكسب العلامة الكاملة للارتقاء الى المركز الثاني واقتسامه مع غريمه برشلونة (39 نقطة) الذي تعثر السبت في الديربي الكاتالوني أمام إسبانيول بالتعادل السلبي. وكان الفوز على فالنسيا سيضع الأبيض الملكي في دائرة المنافسة على الصدارة ويصبح على بعد نقطتين فقط من أتلتيكو مدريد.
ليس هذا فحسب بل كان بإمكان رجال رفائيل بينيتيز الخروج من دوامة التوتر واستعادة نسبة كبيرة من ثقة الجماهير. لكن يبدو أن قدر الريال الموسم الحالي المحن والأحزان على الرغم من ترسانة نجوم الملايين والبذخ السخي لرئيسه فلورينتينو بيريز.
ريال مدريد خيب آمال جماهيره في إسبانيا وفي شتى أرجاء العالم بنتائجه المتواضعة وأدائه الباهت. فالميرنغي حصل على 19 من مجموع 30 نقطة ممكنة في آخر 10 مباريات، حيث فاز في 6 مواجهات وتعادل في مباراة وخسر 3 لقاءات. ولا شك أن مثل هذه الأرقام لن تمنح الملكي تاج البطولة في نهاية مشوار الليغا في ظل توهج كاتالوني وعناد من المدريدي «الصغير» أتلتيكو الذي يلعب بروح بطولية بل كمصارعي الثيران.
تستمر النتائج المخيبة للريال ويتواصل معها التساؤل عن الأسباب الحقيقية التي تكمن وراءها. هل المدرب بينيتيز لوحده السبب في الإخفاقات ؟؟ أم أن اللاعبين هم المذنبون؟
القراءة المتأنية في واقع الريال خلال الفترة الأخيرة تبين تقريبا 10 عوامل حالت دون إشعاع الأبيض الملكي.
تغيير المدربين
تعود النتائج المخيبة لريال مدريد الموسم الحالي أولاً إلى سياسة تغيير المدربين وارتجال إدارة فلورينتينو بيريز في قرارتها المتسرعة. لقد أكدت الأحداث أن إقالة الإيطالي كارلو أنشيلوتي خطأ فادح وقرار متسرع عاد على الفريق بالوبال. وهل من المنطقي طرد مدرب توج بلقب دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية؟ ما ضر لو تجددت به الثقة ودعمه خلال أول عثرة أو فترة فراغ؟
فهل نسيت إدارة الريال أن كل الأندية يمكن أن تتراجع نتائجها بعد التتويجات الكبيرة أم أنها تريد أن تحتكر كل الألقاب سنويا، وهذا من المستحيل وما لم يحصل أبدا في تاريخ كرة القدم. ويتوقع أن يكون زيدان قد حل خلال الساعات الأخيرة بدلاً لبينيتيز.
الأسلوب الدفاعي
فقد ريال مدريد مع مدربه الجديد رفائيل بينيتيز هويته وأسلوبه في اللعب ليتحول الى فريق مدافع أكثر منه مهاجما. تغيير تكتيكي فتح النار على المدرب ووضعه في جحيم غضب الجماهير الذي لم تخفت ناره حتى عند لحظات الفوز أمام فايكانو بنتيجة 10 - 2.
وفي الحقيقة فإن الاعتماد على خطط دفاعية للريال لم يقبله أحد في مدريد ويبدو أنه سيطيح برأس بينيتيز.
وربما كان هذا الاختيار التكتيكي بغاية إصلاح الخط الخلفي للأبيض الملكي الذي ظل يمثل نقطة الضعف خلال المواسم الأخيرة. وكان الأجدر بالريال أن يحث لاعبي خط الدفاع على تطوير أدائهم أو اختيار لاعبين جدد أكثر كفاءة في الذود عن المرمى وليس تغيير أسلوب اللعب لأن قدر الفرق الكبيرة هو الهجوم دائماً.
خلافات المدرب والنجوم
نشبت الخلافات في صفوف المعسكر المدريدي منذ الأيام الأولى بعد قدوم المدرب رفائيل بينيتيز، حيث راجت أخبار في الإعلام الإسباني تفيد بتوتر في العلاقة بين المدرب الإسباني والنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو. وسارعت الإدارة إلى إطفاء نار «الحرب» وتفنيد الخبر، زاعمة أنه مجرد إشاعات واهمة لكن الأيام أكدت أن علاقة بينيتيز وكريستيانو باردة جدا.
وسرت نار الخلافات بين بينيتيز ونجومه لتصل الى الألماني توني كروس والكولومبي جيمس رودريغيزوتجلى ذلك بفقدانهما لموقعهما في وسط الميدان والحال أنهما كان الأفضل في الموسم الماضي تحت قيادة كارلو أنشيلوتي.
بينيتيز اختيار غير موفق
لم يلق المدرب الإسباني رفائيل بينيتيز ترحيبا في ريال مدريد منذ تعيينه. لقد كان الإجماع حاصل لدى الجماهير والفنيين حتى خارج إسبانيا بأنه ليس الرجل المناسب للفريق المناسب.
نعم بينيتيز مدرب كبير له نجاحاته، ولكن لا تتوفر فيه المواصفات اللازمة لقيادة ريال مدريد. فالملكي المريض استدعى طبيبا غير مختص في معالجة الداء الذي يعاني منه. لذلك من الطبيعي أن يتفاقم المرض ويستشري في كامل جسده ونرى الريال الكبير بعيدا عن مستواه وتاريخه.
الساحة الكروية الأوروبية تزخر بالأسماء اللامعة في عالم المدربين، ولكن اختيار بيريز على بينيتيز كان خطأ لا يغتفر وهو اليوم يدفع الثمن غاليا.
إنحراف خارج الملعب
لا أحد يشك في احترافية نجوم ريال مدريد لكن لا يمكن أن ننفي أن المشاكل الاجتماعية وعدم إنضباط عدد منهم ألقى بظلاله على نتائج الفريق على المستطيل الأخضر.
البداية كانت بالنجم الفرنسي كريم بنزيمة الذي يعيش فترة عصيبة بسبب تورطه في قضية أخلاقية في فرنسا خسر على إثرها مكانه في منتخب «الديوك الزرقاء» ولن يشارك في أمم أوروبا الصيف المقبل. ولاحظ المتابعون أن مردود كريستيانو رونالدو تراجع كثيراً مقارنة بالمواسم الأخيرة. وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا عن سفراته السرية الى المغرب وحفلاته الخاصة.
وغرد النجم الويلزي غاريث بايل أيضا خارج السرب، حيث لم يقدم الأداء المنتظر منه.
هفوات إدارية
الأخطاء والهفوات في ريال مدريد لم تحضر على المستطيل الأخضر فحسب وإنما في إدارة النادي أيضا، حيث ارتكبت خطأ فادحا وكارثيا كلف الفريق الانسحاب من مسابقة كأس ملك إسبانيا. والسبب إشراك اللاعب الروسي دينيس شرشيف أمام فريق قادش.
وشارك شرشيف في المباراة رغم تلقيه 3 بطاقات صفراء في البطولة من الموسم الماضي مع فريقه السابق فياريال، كانت أمام كل من ريال سوسييداد وخيتافي وبرشلونة، مما يعني أنه لا يجب مشاركته في المباراة الأولى من البطولة.
رحيل كاسياس
فقد ريال مدريد أحد رموزه الموسم الحالي بالتخلي عن حارسه الأول ايكر كاسياس الذي كان لأعوام طويلة عنوان نجاح الأبيض الملكي. كاسياس كان أكثر من مجرد حارس مرمى. فهو قائد مثالي وملهم للنجوم واللاعبين الشباب في الفريق كما هو المدرب على المستطيل الأخضر، حيث يلعب دورا مهما في توجيه اللاعبين في الخط الخلفي وفي بقية المراكز كما يحفز رفاقه خلال الفترات الصعبة.
ولكن إدارة ريال مدريد لم ترد الجميل لكاسياس وتخلت عنه ليخسر الفريق ركائزه. وحينما يفقد فريق ما حارسا مثاليا في قيمة كاسياس فمن الطبيعي أن تتراجع النتائج على الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها نافاس.
جمهور متعصب
من سوء حظ ريال مدريد أن جماهيره لا ترحم ومتعصبة جدا للنادي، فبقدر حبها ووفائها لألوان النادي هي متشددة مع اللاعبين والمدرب وحتى الرئيس بيريز في حد ذاته عند الهزائم.
والجماهير المدريدية كانت قاسية جدا مع الفريق خلال الأسابيع الأخيرة، حيث لم تتوقف عن إطلاق صافرات الاستهجان في وجه اللاعبين وخصوصا بينيتيز. ومن الطرائف أن الجمهور المدريدي احتج بقوة على المدرب وخططه الدفاعية على الرغم من الفوز على فايكانو بنتيجة تاريخية 10-2.
وتتعامل جماهير الميرنغي بحدة مع فريقها لأنها تحزن لرؤية الغريم برشلونة يزلزل الملاعب العالمية ويتوج بلقب مونديال الأندية .
الأخطاء التحكيمية
الأخطاء التحكيمية جزء من لعبة كرة القدم ويمكن ان تستفيد منها في مباراة وتتضرر في أخرى، لكن ريال مدريد خسر نقاطاً عديدة الموسم الحالي بسبب قضاة الملاعب وما مواجهته أول من أمس أمام فالنسيا إلا دليل واضح على ذلك فقد حرم على الأقل من ركلة جزاء واحدة كانت ستمنحه الفوز وتضعه في المركز الثاني بالاشتراك مع برشلونة.
وعانى الملكي في مباراة فالنسيا الأخيرة من صافرة الحكم سانشيز الذي تغافل على ركلة جزاء لرونالدو بعدما تمت عرقلته في منطقة الجزاء بينما يبقى الجدل يحوم حول اللقطة الثانية التي تصدى خلالها عبد النور للكرة في يده، حيث اعتبر الحكم أن اللاعب كان فاقدا توازنه وبالتالي فإن الكرة هي التي اتجهت نحو يد اللاعب وليس العكس.
تركة مورينيو
أخيراً لا يمكن إنكار أن مورينيو خلف وراءه تركة ثقيلة ودمارا شاملا في مدريد استطاع بديله انشيلوتي إصلاح جزء كبير منه في وقت قياسي لكن بالـتخلي عنه توقف المشروع الإصلاحي وانتعش المرض في جسد الملكي وتفاقم ليصاب الريال بالإنهاك ويفقد القوة لمنازلة الكبيرين برشلونة وأتلتيكو.
مورينيو رحل وترك تصدعات كبيرة وخلافات بين اللاعبين وقسم الفريق الى مجموعات متناحرة . واليوم تتجدد بعض هذه المظاهر في كواليس الميرنغي.
والغريب والعجيب أن اسم «السبيشل وان» تردد في الأيام الأخيرة بقوة في مدريد بعد إقالته من تشيلسي.