رغم تقاعده منذ أكثر من 17 عاماً، إلا أن الحديث مع سلطان صقر السويدي، الأمين العام السابق للهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة «مسماها قبل المسمى الحالي»، ما زال يحتفظ بقدر عالٍ من البريق والأهمية والتشويق، خصوصاً عندما يستند الكلام معه إلى خبرته الممتدة لأكثر من نصف قرن من الزمن، تولى خلاله وبكل كفاءة، ما يزيد على 9 مناصب حكومية اتحادية ومحلية مرموقة، جعلت منه أشبه بـ «صندوق أسرار» رياضة الإمارات، دفعه الحرص عليها ليقول: رياضة الإمارات بحاجة إلى «مؤتمر مكاشفة» عام لكشف كل الخفايا التي تقف وراء تدهور رياضتنا.

وحول طبيعة علاقته بالمجتمع الرياضي الإماراتي بعد تقاعده، قال السويدي: العلاقة أكثر من ممتازة، وأقرب كثيراً إلى المصداقية، وأبعد ما تكون عن المنفعة، تقاعدت في العام 2005، لكني بقيت في حالة تواصل فاعل وعلاقة مستمرة مع المجتمع الرياضي الإماراتي، إلى الحد الذي جعلني أشعر كما لو أني ما زلت أمارس مهامي الرسمية في خدمة وطني طوال نصف قرن من الزمن.

وواصل: ما يربطني بالمجتمع الرياضي الإماراتي حالياً، يسير في اتجاه التفاعل الحقيقي القائم على أساس إبداء الرأي، وتقديم «المشورة»، وإسداء النصيحة، بناءً على خبراتي الطويلة، وقناعة أبناء المجتمع بنجاعة مسيرتنا خلال تولي المسؤوليات الموكلة لنا قبل التقاعد، لمست أن هناك قدراً عالياً من التقدير لما قمنا به، وما قدمناه من خدمات للوطن، أصدقائي ازدادوا، و«المجاملين» ابتعدوا عني بعد مغادرتي المنصب، وهذا مهم لي، التقاعد منحني مساحة أكبر للنظر إلى تفاصيل المشهد الرياضي الإماراتي كاملاً، وأعطاني فرصة تكوين نظرة واقعية أكثر قرباً من ذي قبل، وبالتالي، أرى الحلول والمعالجات لمشكلات رياضتنا بعيون أكثر دقة واستيعاب، مع قناعتي بأن الاختلاف في وجهات النظر لا يفسد للود قضية.

حالة تقهقر

وعن الوضع الرياضي الإماراتي حالياً، أوضح سلطان صقر السويدي: بلا مبالغة، وبعيداً عن نظرة التشاؤم، وضعنا الرياضي في حالة تقهقر مؤلم، يشمل الرياضات الجماعية عامة، وكرة القدم خاصة، أندية ومنتخبات، وأضاف: بعد صعودنا إلى كأس العالم بإيطاليا 1990، توقعنا حدوث نقلة جذرية في مسار اللعبة، أو على الأقل، تثبيت الحال، باستثمار إنجاز التأهل إيجاباً، لكن الذي حدث، أن مؤشر رياضتنا، وكرة القدم تحديداً، بدأ بالتراجع المحزن والتقهقر المخيف، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، فرقنا لا تقوى على المنافسة الآسيوية، ومنتخباتنا تخرج من بطولة كأس الخليج العربي من الدور الأول، لذلك، لابد من عقد «مؤتمر مكاشفة» عام لكشف كل الخفايا التي تقف وراء تدهور رياضتنا، على أن يكون المؤتمر بمبادرة من جهة عليا تملك سلطة اتخاذ القرار.

فكرة الخصخصة

وعن فكرة الخصخصة في أندية كرة القدم الإماراتية، قال السويدي: بعد تطبيق الاحتراف في كرة القدم الإماراتية منذ 15 موسماً، من المفترض أن تكون هناك خصخصة للأندية، لكن الواقع عكس ذلك، ما زالت أيادي المعنيين في أنديتنا في جيوب الحكومات رغم الاحتراف، لنكن واقعيين، نحن دخلنا عالم الاحتراف باستعجال، وبتأثير مباشر من الاتحاد الآسيوي، وهذه هي المحصلة الآن، فرقنا لا تقوى على المنافسة القارية، ومنتخباتنا تأثرت سلباً بحال الأندية، والمحصلة، نتائجنا محزنة، أندية ومنتخبات، ولابد من وضع تصور وطني شامل لرياضة الإمارات، يخضع للمراجعة والمناقشة والتقييم من قبل خبراء ومختصين كل 3 أو 5 أو حتى 10 سنوات، وبعد ذلك نرى مدى جاهزية مؤسساتنا الرياضية لتطبيق الاحتراف، وبالتالي الخصخصة، أمضينا الآن 15 موسم احتراف، لكن ليست هناك وقفة مراجعة أو مناقشة أو حالة تقييم للمسيرة طوال تلك السنوات، ولهذا تأتي النتائج بهذا القدر من الألم لمنتخباتنا وفرقنا في المحافل الخارجية.

وحول إمكانية استثمار أصحاب الخبرات لخدمة رياضة الإمارات، قال سلطان صقر السويدي: لابد من الربط الصحيح بين الكوادر الوطنية الشابة، وأصحاب الخبرات لتحقيق قفزة ونهضة شاملة لرياضة الإمارات، أصحاب الخبرات لا غنى عنهم، وبدلاً من استقدام بيوت خبرة، وخبراء من خارج الدولة وبمبالغ طائلة، علينا استثمار الخبرات الرياضية الوطنية من خلال تكليفهم بمهام خبير رياضي أو مستشار رياضي لتقديم «المشورة» وإسداء الرأي السليم للكوادر المسؤولة عن الجهات الرياضية الآن.