لينا شاماميان التي غنت قبل أيام أمام رجال دولة وسياسيون في الشارقة وفي منتدى الاتصال الحكومي خصت أرى بأحدث أخبارها والأحداث التي مرت عليها منذ أن غادرت سوريا إلى فرنسا قبل نحو عامين وحتى الآن ..

ونحن عندما نتحدث عن الأصوات الملائكية الناعمة التي تشدو بأغانٍ تحمل بين طياتها معاني تجذب كل من يسمعها، تأتي الفنانة السورية لينا شاماميان، التي وبمجرد أن تستمع إلى صوتها يهدأ بالك وترتاح أعصابك. لينا أطلقت مؤخراً ألبومها الجديد "غزل البنات" وأرادت أن تترجم من خلاله الأحاسيس والآلام التي كانت بداخلها منذ ابتعادها عن سوريا وانتقالها إلى باريس. تقدم لينا نفسها في ألبومها الجديد كشاعرة ومؤلفة وموّزعة، إلى جانب كونها مغنية، وترى أن الجمهور في حاجة إلى الاستماع إلى أغانٍ راقية، ولكن شركات الإنتاج تفرض نوعية معينة من الفن، كذلك الإعلام الذي تعتبره من وجهة نظرها ظالماً لأنه يفتقد إلى التوازن في تناوله للقضايا الفنية.



حدثينا عن ألبوم "غزل البنات"؟

أردت أن أترجم بصوتي المراحل التي مررت بها منذ ابتعادي عن بلدي سوريا وانتقالي إلى باريس، فكنت أشعر وقتها بالألم والوجع؛ وبداخلي العديد من إشارات الاستفهام التي تبحث عن جواب، فأنا مثل الكثيرين الذين خرجوا من سوريا، وفقدوا أشياء كثيرة، ويحملون صراعات داخلية، لذلك أردت ترجمة هذه الأحاسيس إلى موسيقى وكلمات لكي يشعر كل شخص يعاني مما أعاني منه، أنه ليس وحده.

في ظل الأوضاع التي تمر بها سوريا، انتظر الكثيرون أن تقدمي أغاني تترجم ما يحدث، ولكنك انتظرت 6 سنوات حتى تصدري ألبومك الجديد فلماذا؟

سجلت ألبوم "رسائل" 2009، إلا أنني أجلت إطلاقه، لما يحتويه من أغاني الدبكة والأعراس، وعملت على ألبومي "غزل البنات" الذي يحاكي الوضع في سوريا بكل تفاصيله، فاليوم الشعب السوري يتألم بسبب الوضع الذي يعيشه، والدم الذي أصبح يغطي الطرقات، ولكني وبصراحة شديدة انتظرت كل هذه السنوات لأنني لم أجد التمويل فاعتمدت على نفسي، وأنتجته على نحو مستقل، حتى يكون غير مسيس أو تحت أي غطاء سياسي.



ألم يرهقك الإنتاج المستقل، خاصة أنه مكلف للغاية؟

بالفعل هو مرهق، ولكني احترمت نفسي أكثر، وقدمت الشيء الذي أرغب به دون أي ضغوط، وعبرت عما يدور بداخلي بكل شفافية، وقول ما أريد.



ولماذا اخترت هذا الاسم تحديداً؟

استوحت اسم "غزل البنات" من العشق والحب والحياكة والغَزل، ومن أحلام طفولتنا بحلوى من القطن الملوّن.

قمت بكتابة وتلحين الألبوم بالكامل، فلماذا أقدمت على هذه الخطوة؟ ألم تخشي أن تقعي في فخ التكرار؟

لوكنت أقدمت على هذه الخطوة دون دراسة لوقعت في فخ التكرار ولكان العمل أنانياً، ولكني كنت أدرس في سوريا تأليف وتوزيع الموسيقى وأكملت الأمر في باريس، وقد استشرت أساتذة في الموسيقى على طريقة تلحيني وأعجبوا به كثيراً، إضافة إلى أنني أكثر إنسانة تعرف مساحات صوتها وأظهرته بالشكل المطلوب، وفي أوروبا بشكل عام يقوم المغني بتلحين أغانيه.



قمت بتسليط الضوء على المرأة في ألبومك؛ فلماذا؟

كنت أحكي بلسان حالي عما مررت به، وأنا في النهاية امرأة استطعت من خلال أغنياتي أن ألمس أوتار قلوب النساء، فأول من يتعرض للظلم في الحروب هما النساء والأطفال، فأردت أن أمسك بيدها لكي أؤكد لها بأن تتمسك بآمالها وألا تجعل الظروف الصعبة التي تمر بها تحطم أحلامها وتدمرها.



ولماذا اخترت أغنية "شهرزاد" لكي تقومي بتصويرها على طريقة الفيديو كليب؟

كل أغنية في الألبوم لها قصتها، فهي تحكي عن كل لحظة في حياتي عشتها منذ 2011، وكلها تتمحور حول سوريا، وأغنية "شهرزاد" تمس كل امرأة وكل طفلة، وكذلك كل رجل يحترم النساء، فلطالما سحرتني شهرزاد المرأة الذكية الفاتنة التي عرفت كيف تنقذ نساء قومها من موت تحدّته بحكمتها من دون أن تفقد رقتها وأنوثتها.



كيف وجدت الحياة بعد تركك سوريا وانتقالك إلى باريس، وما الصعوبات التي واجهتك؟

الانتقال في حد ذاته والابتعاد عن حضن أهلي وبلدي كان صعباً، وباريس ليست مدينة سهلة، فالحياة بها صعبة كثيراً، فالمرأة في مجتمعاتنا العربية مرفهة، بالمقارنة بالمرأة الغربية، ولكني تعلمت هناك ألا أكون اتكالية بل بالعكس استقلالية، حتى إن ألوان ملابسي اختلفت، فأنا قادمة من بلد ساحلي، والألوان المزدهرة هي الأساس، وانتقلت إلى بلد الألوان الرمادية، ولكني في باريس عشت الحياة الطبيعية بحرية أكثر بعيدة عن الأضواء، ففي الدول الأوربية هناك مفهوم مختلف عن حقوق الإنسان، يتمحور حول أنه ليس من الضروري أن يحبك، ولكنه مجبر على أن يحترمك.



ألا تفكرين في الانتقال إلى دولة عربية والاستقرار بها؟

وجودي في باريس فتح أمامي أبواب إحياء الحفلات في المغرب العربي، فأنا أعتبر نفسي في المركز وأتواجد بصفة أسبوعية في الدول العربية، الأمر الذي يجعلني لا أفكر في الانتقال من باريس.



ألا يزعجك تسليط الضوء على بعض النجمات، وحصولهن على مبالغ كبيرة من المال على الرغم من عدم تقديمهن فناً هادفاً؟

طبيعي أن أشعر بأنني أمتلك فناً راقياً أرغب في أن يصل للجميع، والجمهور في حاجة لسماع هذه النوعية من الفن، بدليل أن حفلاتي كاملة العدد، ولكن المشكلة تكمن في شركات الإنتاج التي تفرض نجوماً معينين على الأذن العربية، والإعلام الذي يسلط عليهم الضوء ويمهد لهم الطريق للنجومية. أنا صراحة أجد الإعلام ظالماً في بعض الأحيان، لأنه لا يحقق التوازن في تغطياته لمختلف أنواع الفنون الموجودة على الساحة.



من النجوم الذين ترغبين في حضور حفلة لهم، والاستماع إلى أصواتهم؟

حسين الجسمي وأنغام وكاظم الساهر، ولكن الأهم بالنسبة لي أن يكون كل واحد منهم مشغولاً على التوزيع الموسيقي.



أنت مزيج من مختلف الثقافات، فكيف أثر هذا الأمر على طريقة غنائك؟

أنا محظوظة كوني خليطاً من مختلف الثقافات، فمنذ صغري وأنا أستمع لكل ألوان الموسيقى، لذلك عندما كبرت أصبحت أقدم خلاصة الموسيقى المتراكمة بداخلي منذ صغري، كذلك طريقة غنائي.



ما العوامل التي دفعتك إلى العمل على التراث الموسيقي السوري؟ وهل كان من السهل التعاطي مع هذا الإرث وتجديده؟

ليس عندي شركة إنتاج تفرض علي ما أقدمه، لذلك اخترت الأغاني التي أحبها فلطالما سحرت بهذه النوعية، وأحببتها. فقد كنت أستمع دائماً إلى الأغاني التراثية. لذلك حرصت فيما بعد على أن أغنيها وأعيد تسجيلها لكن بالطريقة التي أستمع إليها في داخلي. أردت أن أبيِّنها أيضا بصوتي الداخلي. أما بشأن توزيعها موسيقياً، فأعتبر نفسي كذلك محظوظة إذ صدف أيضاً وتواجدت مع أشخاص لهم رؤيا مجددة وشبابية وجميلة في الكتابة الموسيقية. وقد تقاطعت توجهاتنا، وكان أمراً جميلاً جداً أن تلتقي بأناس يشاطرونك الخيار نفسه.

إذا عرضت عليك شركة إنتاج أن تتعاقد معك وتحتكر صوتك لفترة من الوقت؛ فهل ستوافقين؟

ليس لدي مانع في أتعاقد مع شركة إنتاج محترمة، لا تفرض علي نوعية معينة من الموسيقى، أما بالنسبة للاحتكار، فهو يجب أن يكون أخلاقياً، فأنا ومدير أعمالي ماهر صبرا لا يوجد بيننا عقد احتكار تجاري، وإنما أخلاقي، فهناك صداقة وارتياح في العمل بيننا، لذلك نحن لا نحتاج إلى عقود، وأشعر بالفعل أن مسيرتي الفنية تغيرت واختلفت للأفضل منذ أن تولى إدارة أعمالي.



تحملين مبادئ وأخلاق نجوم الزمن الجميل؛ فمن وراء ذلك؟

أشعر أنني جئت إلى الدنيا في التوقيت الخاطئ، فأنا كنت أحلم أن أعيش شبابي في فترة الستينات، صحيح أن المنافسة بالتأكيد ستكون شرسة، ولكن في الوقت نفسه كان هناك نهضة فنية وثقافية، فكل شيء كان حقيقياً؛ المسرح والسينما والغناء.

اقتحمت المجال الفني منذ الصغر؛ فهل تعتقدين أن الشهرة سرقت طفولتك؟

لم أكن نجمة وأنا طفلة، فقد كنت فقط أغني وفي الوقت نفسه لم أكن مشهورة، فأذكر وأنا صغيرة كنت أغار كثيراً عند مشاهدة برنامج "مدرسة الأطفال" حينما أجد الأطفال يغنون في التلفاز، فأنا وبكل صراحة عشت طفولتي بكل تفاصيلها ولم يسرقني الغناء من اللعب والضحك والتمتع بلحظات الطفولة.



يوجد العديد من برامج الهواة هذه الفترة، فأي هذه البرامج تحوز إعجابك؟

حتى أجعل حياتي أفضل في فرنسا تخليت عن التلفزيون، لأنه يأخذ من وقتي كثيراً إضافة إلى أنني أصبحت اشعر بأنه يلقنني ولا يعطيني الفرصة لانتقاء المعلومة، فاتجهت إلى القراءة ومتابعة ما يدور حولي عبر الإنترنت، وبرامج الهواة من ضمنها، فقد استمعت إلى بعض الأصوات وبالفعل لمست فيهم الموهبة، ولكن المشكلة تكمن في تسليط الضوء على هذه البرامج أثناء البرنامج فقط وإهمالها فيما بعد، كذلك العاملون في البرنامج يقومون فقط بالاهتمام بالصوت دون النظر إلى الموسيقى التي ترافق هذه الأصوات، ولكن بلا شك أن هذه البرامج قوية.

وما الفرق بين برامج الهواة العربية والأخرى الأوروبية؟

صراحة، الأصوات العربية أجمل بكثير ويغنون بطريقة سليمة.