كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، شديد الاعتزاز بخالقه، يستمد العون منه دائماً، وهو ما نتبينه في ما نقرأ له بقصائده، ذلك مثل قوله في قصيدته وهو يرد على صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله:

وفق الله حسن سيرتنا

                      ويعل رب العرش يحمينا

نلاحظ في هذا البيت الذي يختم به قصيدته التي بدأها بقوله:

مرحبا ايلي رحّب أو ثنّا

                    لاحترام له نحن جينا

نلاحظ أن الشيخ زايد رغم أنه حاكم ملء السمع والبصر، وبيده إصدار الأوامر والشعبُ طوع أمره، إلا أنه يعلم علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين أنه: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين).

وفي قصيدة أخرى يقول الشيخ زايد، وهو يتحدث عن الطبيعة في دولة الإمارات، والقصيدة بعنوان «دنيا محلا وطرها»:

نحمد لذي صوّرها

                   واوهب لها لخيار

يقول الدكتور غسان الحسن في شرحه لهذه القصيدة:

يذهب الشاعر في هذا البيت إلى شكر الله وحمده على ما منّ به على البلاد من فضل، فكلمة «صوّرها» هي أقرب الكلمات إلى ما تحقق من إبداع وجمال وروعة في مناظر البلاد وصورتها التي هي عليها الآن بإرادة إلهية.

أقول: وزايد على رأس الرجال الذين عملوا في سبيل رفع اسم هذه الدولة، لكنه لم ينسب إلى نفسه فضلاً، بل نسب الفضل لله الذي وفّقهم، فما توفيقهم إلا بالله العلي العظيم.

ويقول الشاعر، الشيخ زايد، في قصيدة أخرى غزلية بعنوان «حبّك ملك قلبي»:

ربي عطاك أخلاق تميزك وحظيت

                            حتى جميل الخود تشهد لك أصواته

إلى أن يقول:

ارحم رحمك الله لو ريتني تشافيت

                            قربك يزيــح العوق مني وليعاته

انظر أيها القارئ، كيف يتغنى الشيخ زايد في هذه القصيدة بجمال المحبوب وصفاته الآسرة، لكنه في النهاية يستسلم أمام المحبوب، ويقر بأن هذا الجمال لا دخل له هو فيه، بل هو مجرد هبة من الله وعطية منه.

والله لا يجارى في قدراته وعطياته التي تجعل بعض البشر يتميزون بها على بعض آخر، والجمال سواء كان جمال الشكل أو جمال الأخلاق هو فتنة يمتحن الله بها عباده.

إن شاعرنا الكبير، الشيخ زايد، حتى وهو يتغزل بالمحبوب في قصائده، لا يغفل الجانب الإيماني والإسلامي الذي ينبغي أن يتخلق به.

فها هو يمجِّد الخالق في تغنيه بهذا الجمال الذي ملأ قلبه وعينه وسمعه:

إذا كنت في نعمة فارعها

                    فإن المعاصي تزيل النعم

وداوم عليها بشكر الإله

                    فإن الإله سريع النقم

إذاً، فالإيمان بالله تعالى هو الأصل، والعبد قد يلهيه الشيطان بعض الوقت، لكن من وفقه الله سرعان ما يعود إلى رشده، وهنيئاً لمن ملك قلباً أوّاباً ولم يتزعزع إيمانه، ورحم الله عمر الخيام الذي يقول:

إن لم أكن أخلصت في طاعتك

                    فإنني أطـمع في رحمـتك

وإنما يشـفـع لـي أنـنـي

                    قد عشت لا أشرك في وحدتك