صباح كل يوم، أنتم على موعد مع تفاصيل حصرية لشخصيات تختلف في المسميات وتتحد في الإنجازات، نحاور لمساحة ثابتة؛ ضيفاً رمضانياً في موقعه، نتعرف منه على يوم رمضاني، وندقق في التفاصيل التي يؤديها على رأس عمله، ونعرج على صعوبات لابد وأن تنغص بعض وقته، حتى نصل إلى مواقف وطرائف مُندسّة بين سطور العمل، تمنح صاحبها طاقة إيجابية نحو مزيد من المثابرة والجد والاجتهاد..
من منطلق أن «العمل عبادة». كل يوم ستجدون في هذه المساحة «شخصية ومهنة»، ندخل إلى ميدان عملها من باب رمضاني يُعنى بكل ما يحيط بواقعها المهني؛ نهاراً وقت الصوم أو ليلاً بعد الإفطار، المهم أننا نحاور مسميات مهنية لا تتشابه، لنجسد لكم قالباً صحافياً جديراً بالاهتمام، ففي كل يوم تجدون «شخصية ومهنة»، وهذه إحدى المهن التي طرقناها؛ فدخلت بابنا الرمضاني.حوار ناهد مبارك
عشق المصداقية وجعلها أمام عينيه والتزم بالعادات والتقاليد وقبل هذا كله وذاك لم يحد عن تعاليم دينه الحنيف. المستشار أحمد راشد الظنحاني تحدث لـ «البيان» عن الذكريات والصبا ورمضان، والحياة النيابية والقانونية وحياته الاجتماعية وعلاقته بوالديه وبأسرته الصغيرة وغيرهم من الناس.
ودائماً تظل الإمارات في باله التي يعاملها البعض وكأنها «الأم البار»، ويعتبرها أم القضايا التي يجب أن تشغل عقل كل مواطن للعمل من أجل دحر وهزيمة أي متربص بها، كما حدث في قضيتي التنظيم السري والإرهاب. ينتمي للتفكير المستقل الذي يضع مصلحة الوطن قبل كل شيء، ويفخر دائماً بأنه إماراتي يطبق القانون ويواكب التطور الفكري والتقني بما يتلاءم والمصلحة العامة.
هو رجل قانون من الدرجة الأولى، عشقه منذ طفولته من خلال دراسته وطبيعته القيادية ومشاركاته التطوعية والدورات العسكرية الصيفية، وحبه للاحتكاك والتواصل مع الناس. يمارس العمل النيابي والقضائي منذ ما يقارب العقدين. شغل مناصب متعددة حتى أصبح رئيساً لنيابة أمن الدولة.
حيث شهد موجات التطور والتغيير في هذا البلد الطيب من حياة الشظف وقسوة الظروف إلى النهضة والتحول إلى رغد العيش. ويعتبر أن من واجبات المهنة الأساسية التي تم القسم عليها هي تطبيق القانون، وصون الحقوق والدفاع عن العدالة والقيم القانونية والدستورية وهي دعائم استمرار الإمارات مميزة ومتقدمة. رصيده في مجال البحث في القوانين الجنائية وافر ومميز، إذ قدم بشكل خاص العديد من أبحاث وأوراق العمل حول غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الإلكترونية.
يعتبر نموذجاً للشاب الناجح الذي قرر مواجهة أي صعوبات من أجل تحقيق ما يصبو إليه. أكمل دراسته رغم عدم تفرغه من العمل، له مساهمات ومبادرات تطوعية ومجتمعية. كل هذا وغيره نتعرف عليه من خلال السطور التالية:
التفوق الدراسي
في البداية قال: «بذلت قصارى جهدي لأكون متفوقاً في دراستي من خلال الحرص على التحصيل العلمي ومتابعة الدروس واحترام المعلم وترتيب الوقت والأوليات واعتماد هذا الأسلوب ساهم في تفوقي. بعد تخرجي من الثانوية في تلك الفترة كانت ميول الكثير من الخريجين تتجه نحو الالتحاق بالتدريس أو دخول السلك العسكري، لكنني شخصياً لم أجد نفسي في هذه التخصصات فكنت أفكر في دراسة القانون..
وكذلك السفر للدراسة في الخارج وكنت دائماً أفكر بأن أكسر حاجز اللغة. غير أني توجهت للدراسة في جامعة الإمارات وحصلت على بكالوريوس الشريعة والقانون في 1996. بعدها نلت شهادة الماجستير في «القانون الجنائي وغسيل الأموال» من الجامعة الخليجية بالبحرين عام 2008. كما التحقت لاستكمال دراسة الدكتوراه في القانون الجنائي بجامعة القاهرة ومتوقع التخرج عام 2015».
وأضاف: «سافرت لدراسة اللغة الإنجليزية في استراليا لمدة أربعة أشهر لكنني لم استمر طويلاً في الدراسة. لكن تجربة الدراسة خارج الدولة علمتني رغم عدم تفرغي من العمل وأيضاً وفق إمكانياتي الخاصة الكثير من الدروس على الجانب الشخصي، عرفت أهمية التخطيط والتنظيم وأدركت قيمة الإصرار والتحدي، وأن على الشخص أن يواجه الصعاب مهما كان حجمها، كون الرغبة وحدها لا تكفي فلابد من تغذية الحب والاهتمام بالمتابعة».
وأضاف: «بداية مشواري العملي كانت في مدينة العين، فقد تعينت وكيلاً في نيابة العين الكلية، وبعدها تدرجت في العمل النيابي لأتولى إدارة نيابة بلدية العين، ومن ثم أصبحت مدير نيابة مرورها، وبعدها انتقلت عام 2003 للعمل في نيابة خورفكان ومدن الشرقية التابعة لإمارة الشارقة..
وساهمت في تأسيس نيابة خورفكان الكلية وبقيت هناك حتى عام 2009، من خلال استقطاب 16 موظفاً بعدما كان يعمل فيها أقل من 5 موظفين فقط. لانتقل بعدها للعمل كمستشار رئيس نيابة العاصمة إلى جانب عملي كقائم في أعمال نيابة أمن الدولة، حيث تم تثبيتي رسمياً كرئيس لنيابة أمن الدولة هذا العام بالتحديد».
ولفت المستشار أحمد راشد إلى مشاركته في تمثيل الدولة في المواضيع المختصة بالقوانين النيابية وبمكافحة الجرائم الإلكترونية وتمويل الإرهاب وغسل الأموال في العديد من المؤتمرات الخارجية والداخلية إلى جانب تقديمه أوراق عمل كثيرة في هذا الجانب. كما له مساهمات في إنجاز مشروع قانونين بالدولة مثل قانوني مكافحة الجرائم الإلكترونية والأمر الجنائي.
إضافة إلى مشاركاته التطوعية الكثيرة منها كان نائب رئيس جمعية الحقوقيين فرع الفجيرة، ولا يزال عضو مجلس الإدارة ورئيس اللجنة الثقافية بنادي دبا الرياضي، كما أنه عضو في الجمعية العمومية لجمعية دبا للثقافة والفنون والمسرح، وهو كذلك عضو في لجنة التراث.
ويصف نفسه، بأنه لا يطربه المديح لأن تأدية الواجب عنده لا تحتاج إلى شكر أو ثناء، يستمع ويرحب بالنقد الموضوعي والبناء وبكل عين حريصة ترى وتكتب لأن المسؤول لديه عينان فقط ولنجاحه هو بحاجة لكل عين صادقة وغير متزلقة. شخصيته واثقة وطبيعته هادئة وخزائنه الفكرية تفيض بالعطاء والحس الواعي، وبرؤية القيادي التي ترعرع عليها منذ الصغر، حتى تسلم مهامه كقائم بأعمال رئيس نيابة أمن الدولة عام 2009 حتى اليوم. يتوجس من «وسائل التواصل الاجتماعي» التي يخاف تحولها إلى مرض مزمن لأنها لا تواكب الحياة الاجتماعية وتسرق الوقت من حياته.
طبيعة المهنة
وفي الإطار نفسه، يؤمن بأن كل مهنة تعكس طبيعتها على ممارسها، وذكر أن العمل في النيابة يكسب نوعاً من الصبر والجرأة وبُعد الرؤية والنظر إلى مجمل الأشياء والصورة ككل وبدقة دون الانشغال في قضايا جزئية. مشيراً إلى أن تدرجه في المناصب النيابية لما يقارب الـ 18 عاماً، حتى ترأس نيابة أمن الدولة أخيراً، لم يجد بها فرق بين الوضعين كون أساس العمل في كل منهما أنه ملزم بتطبيق القانون وتحقيق العدالة.
موضحاً أن العدالة واحدة ليست لها جنسية أو وطن. ولهذا نجد أن كل من له علاقة بالعدالة سواء أكان مدعياً أو مدعى عليه أو شاهداً أو ضابطاً للشرطة أو عدلاً أو موثقاً أو محامياً أو قاضياً أو ترجماناً أو خبيراً أو مفوضاً قضائياً أو كاتباً للعدل مسؤول عن تحقيق العدالة وملزم بأداء طقوسها.
وأكد أن الاختلاف يعدو في كونها نيابة تختص بجرائم تمس أمن الدولة الداخلية والخارجية وتزييف العملة وجرائم الإرهاب وبعض الجرائم الأخرى.
وعي المواطن
وأوضح الظنحاني قائلاً: «لا أتهيب من خوض غمار التغيير وأطمح لتعميم مصطلح وعي المواطن في حب وطنه قبل كل شيء، لأن تنشيط الحس الوطني بنظري ومن منطلق مهنتي بحاجة إلى جوانب عدة، ينبغي أن يعيها الجميع وعلى رأسها الهوية الوطنية. فالمواطن الحقيقي هو أشد الحريصين على حمايته وتطوره ويحافظ على سمعته في أي موقع أو زمان كان. إضافة إلى أن حب الوطن في الانتماء إليه مستمر وغيره إلى اضمحلال».
سعادتي في الإصلاح بين زوجين متخاصمين
يشير في محور حديثه: «قمة سعادتي تكون في مساعدتي في الإصلاح بين شخصين متخاصمين وبالأخص بين الأزواج، وهذا بالتحديد ما كنت أمارسه في عملي النيابي السابق، وما يزعجني أن العمل يأخذ جزءاً كبيراً على حساب حياتي الأسرية والاجتماعية، والمساحة الكبرى في قلبي يحتلها وطني وتطبيق القانون في كل شيء وعائلتي. فأنا افتخر في أحلامي التي حققتها وجلها في مجال العمل النيابي والقضائي وأتمنى أن أرد الجميل لهذا الوطن الغالي».
تحديات وخبايا
أشار المستشار أحمد، إلى أنه يدرك حجم التحديات التي ستواجهه لكنه عازم على تذليلها بمبضع العالم بأمور المشكلة والقادر على فك ألغازها بعدما خبر بواطن وظواهر وخبايا وخفايا الأنظمة المتبعة في عالم الجرائم والقضايا بأنواعها. ويؤكد أن المتهمين والمجرمين أصبحوا يتمتعون بالحرفية والوعي عند ارتكابهم للجرائم.
الرياضة والقراءة
بعيداً عن غرف القضايا والتحقيقات، قال: «هوايتي الرئيسية ممارسة الرياضة وخاصة كرة القدم والطائرة، كما أنني أهوى السباحة والمشي، واكتشفت هواية جديدة وهي ركوب الخيل، كما وأتابع كل جديد في القوانين الجنائية عبر المواظبة على قراءة كل ما هو جديد».
رمضان والذكريات
حول ذكريات رمضان قال: صمت بعمر صغير، ولكن صيامي لنصف يوم فقط كون تلك الأيام شديدة الحرارة ولا توجد أجهزة تكييف، ولكني التزمت في الصيام بسن العاشرة مع حفظي للقرآن الكريم. مستذكراً بعض المواقف في رمضان بابتسامة ضاحكة: بأنه كان بعض الأحيان يشرب أو يتناول الطعام بحجة النسيان.
وأضاف: «ومن الجميل في رمضان الصبا أن مائدة الإفطار بركتها كثيرة، حيث إن الطعام يكفي الجميع رغم قلته، بالمقارنة مع رمضان اليوم التي تكون فيه المائدة تعج بما لذ وطاب من الأطعمة ولكن بركتها قليلة».
صيام وعمرة
وتابع بقوله: «يوميات رمضان بالتأكيد تختلف كثيراً عن غيرها، فأبذل كل جهدي لتأدية عبادتي بشكل أكبر، إلا أني أقرأ القرآن سواء في الشهر الفضيل أو غيره من الأشهر، فأنا أحرص على ختم القرآن ما لا يقل عن المرتين.
وأرفض اعتقاد أن العمل فيه متعب، بل على العكس تماماً فالعمل فيه له خاصية روحية جميلة وأخرى صحية متى ما استحضرناها، لذا فأفضل العمل وأكثره بركة وأمتعه يكون في رمضان، ما يشكل إجمالاً أعظم عبادة. كما أن العمرة في رمضان ضرورية، اصطحب بها رفيقة عمري أم عبدالله وأبنائي».
وأكد أنه يحاول قدر الإمكان أن ينظم جدول أعماله ويكون متوازناً ومنصفاً شخصياً وأسرياً واجتماعياً وعبادة، لذا فيحرص على الإفطار في بيت ذويه طوال الشهر الفضيل، كما لا يستثني وجبة السحور مقابل أي شيء، ويعلم أولاده الالتزام بها لما فيها من بركة جليلة. ولا يميل إلى متابعة المسلسلات الرمضانية بوجه خاص.
وذكر الظنحاني أن طقوسه في الإفطار، «شرب الماء وتناول التمر وبعدها يتوجه للصلاة ويعود لتناول الطعام». وأكثر الأكلات التي يحرص على وجودها في المائدة الرمضانية «الثريد والهريس» دون أن يوازيها طبق الأرز (العيش) الذي يفضل تناوله فترة السحور. وأكد أن «الكرك» الذي تحضره زوجته بلمسة فنية خاصة بات من الطقوس الجديدة التي لم يعد يتخلى عنها في رمضان وبعد صلاة التراويح تحديداً.
مواقف لا تنسى
تطرق إلى أن معاناته الشديدة في رمضان كانت أثناء دراسته للماجستير لعدم تفرغه من الدوام، حيث كان يغادر بالطائرة إلى مصر 3 أيام أسبوعياً ويرجع في اليوم نفسه ليواصل عمله، وذلك على مدى 3 سنوات، وعليه تقدم بالشكر لله، ثم لزوجته التي ساعدته كثيراً وقاسمته مشكلات الحياة وتحملت الأعباء لإنجاح مسيرته العملية وأيضاً حياته الأسرية.
سيرة ذاتية
أحمد الظنحاني من مواليد 1972، متزوج وأب لثلاثة أبناء، البكر آريام 16 سنة وعائشة وأصغرهم عبد الله. شهدت منطقة الغرفة ذكرياته الأولى مع الولادة والحياة والتعليم في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، ليتلقى تعليمه الثانوي في مدرسة سعد بن أبي وقاص الثانوية بنين.
قال عن صباه: «طفولتي كانت متواضعة جداً وكنا نعيش تحت سقف واحد أنا وأسرتي، والدي والدتي - حفظهما الله - وإخواني، كنا في منزل واحد تحكمنا العادات والتقاليد ومحافظين بطبيعتنا المعروفة والتي نعيشها وسنعيشها أنا وأبنائي وأحفادي والمستمدة من الشريعة الإسلامية. وما زلت عندما أعود من عملي في أبوظبي إلى مدينتي دبا أتوجه مباشرة للسلام على والدي قبل أي شيء آخر».