هو علم إماراتي لمع في زمن الأولين، هو اسم صنع للإمارات مجداً، وأقحم نفسه في خانة الإنجازات، فسطع في فضاء النجوم بثقة واقتدار.. يعرفه الصغير والكبير في زمنه وما تلا، ويكنُّ له الجميع جملاً ممتدة من الامتنان والتقدير والاحترام، وصداه لا يتوقف عند حدود المستديرة، أو في المستطيل الأخضر، لأنه منح عالم الكرة جل اهتمامه وسعى لها سعياً يليق باسم إمارات النهضة والطموح مطلع ثمانينات القرن الماضي.
إنه عدنان خميس الطلياني، أحد أبرز من أنجبتهم الكرة الإماراتية، ونجم في فضاء الخليج وآسيا، وهداف من الطراز الأول.. هو فاكهة الكرة الإماراتية أو «البرنس»، أو سواهما من المسميات الأنيقة التي أطلقها الكثيرون عليه.
له شقيق رياضي ولاعب سابق في نادي الشعب هو ناصر الطلياني، وشقيق آخر رياضي أيضاً بمسماه الوظيفي وهو يوسف خميس الطلياني موظف في قناة دبي الرياضية، وهو الذي سيحدثنا عن بعض ملامح هذه الشخصية الإماراتية السخية في العطاء، القوية في التضحية، الصلبة في الولاء والانتماء.
يوسف أكد لنا أن الكثيرين قالوا وفي مناسبات مختلفة، إن عدنان جاء لينقذ هجوم منتخب الإمارات في وقت كان الهجوم متواضعاً، وقد برز الطلياني في ظروف مهيأة نسبياً، فوالده كان يشجعه منذ الصغر على ممارسة الكرة، وشقيقه الأكبر ناصر كان يلعب في نادي الشعب، وشقيقه محمد يلعب كرة اليد أيضاً.
الكرة الطائرة
وقال إن شقيقه عدنان الطلياني بدأ لعب الكرة منذ العام 1979، ليس في كرة القدم وإنما في الكرة الطائرة، إذ لعب ضمن صفوف نادي الشعب لمدة ليست بالقصيرة، وقد أبدع وتألق في الكرة الطائرة، ومثّل الإمارات في الكرة الطائرة مع منتخب الناشئين عام 1979، وكان ممن تبدو عليهم علامات الموهبة في هذه الرياضة بالتحديد، إلا أنه وفي وقت فراغه كان عدنان يحب لعب كرة القدم مع أقرانه، فتألق وبرز نجماً طموحاً بين رفاقه، من خلال تسجيل الأهداف والتفنن في صناعتها، ما لفت أنظار رئيس نادي الشعب حينها الشيخ فيصل بن خالد بن محمد القاسمي، الذي طلب منه الانضمام إلى فريق كرة القدم، وتلك كانت نقطة التحول في حياة عدنان الطلياني الذي أضحى حكاية تروى في عالم كرة القدم محلياً ودولياً.
عصر الاحتراف
وأوضح يوسف أن أولى مباريات عدنان كانت في العام 1981 أمام نادي الخليج، وهو لا يزال في السابعة عشرة من العمر، ومن ثم بدأ مشواره مع الشهرة، وخلال مسيرته الكروية لعب عدنان حوالي 180 مباراة دولية، مضيفاً: أخي من المتابعين للمباريات الدولية عموماً، وللتطورات الرياضية في الدولة، وهو من الملمين بالرياضة بشكل عام، وليس فقط في كرة القدم.
وأكد أن عدنان الطلياني لم يظهر في عصر الاحتراف، ولكنه كان من الأشخاص المهتمين بأنفسهم وبعطائهم الرياضي، كان محترفاً بمعنى الكلمة، فظل حريصاً على النوم مبكراً، وكذلك على تناول الأكل الصحي، وفي خضم ذلك؛ فهو لا ينقطع عن التدريب تحت كل الظروف.
شخص عطوف
ومن السمات التي تميز عدنان الطلياني كما أشار شقيقه يوسف، أنه شخص عطوف يفضل التواجد في التجمعات العائلية، وكذلك الأمر التواجد بشكل دائم في بيت والدته. وأثناء اجتماعه مع العائلة في البيت، دائماً ما يدور النقاش العائلي حول الكرة والأندية.
وعدنان ممن يتقبلون النقد البناء بسعة صدر وأفق من الحلم، ولديه مهارة فريدة في تقبل مختلف الأشخاص والآراء، وله أصدقاء من مختلف دول العالم، وإلى اليوم لا يزالون على تواصل واتصال معه، كما يضيف شقيقه.
حزن شديد
ومن الأمور التي لا يعلمها الكثيرون عنه، وحتى المحيطين بعدنان، أنه كان يلعب في بعض المباريات وهو مريض أو يعاني من إصابة، لكن وفاءه لناديه يحتم عليه النزول إلى أرضية الملعب في كل الأحوال، لافتاً إلى أن من المواقف التي لا تزال عالقة في ذهنه أن شقيقه عدنان وعندما يخسر فريقه في أي مباراة، أو حينما يشعر أنه لم يقدم الأفضل والمرجو منه، كان يعود إلى المنزل بحالة يغمرها الحزن الشديد، لدرجه أنه لا يغادر البيت.
الخير والسفر
وأوضح يوسف الطلياني أن شقيقه عدنان بار بوالديه، ومحب ومطيع لوالدته كثيراً، ويبقى على اتصال دائم بها، سواء كان داخل الدولة أو خارجها على الرغم من مشاغله المتواصلة، مبيناً أن شقيقه يحب مساعدة الآخرين يسعى في فعل الخير دائماً، وهو من الأشخاص الذين يؤثرون التسامح، و«ما يشيل في خاطره» أبداً، كما أنه معروف بشغفه بالسفر والتجوال في بلدان كثيرة حول العالم.
مونديال إيطاليا.. شريط إعادة
سطع نجم عدنان الطلباني آسيوياً في دورة مرديكا عام 1983، وتألق في مباراة ضد المنتخب الإندونيسي وسجل فيها هدفين، كما برز بشكل لافت في نهائيات كأس آسيا (أبوظبي 1996) وأوصل وزملاؤه المنتخب إلى النهائي، وبسبب الضربات الترجيحية ضاعت كأس آسيا وحصل المنتخب الإماراتي على مركز الوصيف.
ولعب «البرنس» كما أسماه أهل الإعلام، دوراً بارزاً على المستوى الدولي في تصفيات كأس العالم 1986 وفي مباراة مع العراق سجل عدنان هدفين ذهاباً وإياباً، وبفارق الأهداف فقد منتخبنا بطاقة التأهل.وفي تصفيات كأس العالم 1989 برز الطلياني بشكل كبير وسجل هدفاً رائعاً في منتخب الكويت أمام 30 ألف متفرج في نادي الشارقة، وبهذا الهدف صعد منتخبنا إلى الدور الثاني.
ولعل محطة سنغافورة هي الأكثر جمالاً ورسوخاً في حياة الطلياني، كما يقول شقيقه يوسف، إذ أقيمت تصفيات كأس العالم 1990 في هذا البلد، وفعل الطلياني ورفاقه ما لم يفعله جيل آخر قبلهم أو بعدهم، فقد واجهوا منتخبات قوية كانت تطمح للوصول إلى أعظم بطولة كروية وهي كأس العالم.
ويضيف شقيقه: في سنغافورة واجه الأبيض الأمطار الغزيرة والظلم التحكيمي ومواقف صعبة كخسارته أمام الصين حتى آخر 3 دقائق، وعندها تعملق أبناء الإمارات فحولوا الخسارة إلى فوز بهدفين، كانا كفيلين بمواصلة المشوار ولقاء المنتخب الكوري الجنوبي في النهائي، عندها تألق عدنان وسجل هدفاً رأسياً جميلاً، ليحقق لفريقه التعادل مع كوريا ويصعد الفريقان إلى نهائيات كأس العالم في إيطاليا 1990، كأعظم إنجاز حققته كرة الإمارات حتى الآن.
الخاتمة؛ وبعد أكثر من مئة مباراة دولية مع المنتخب الوطني سجل خلالها أكثر من مئة هدف، أعلن عدنان الطلياني اعتزاله اللعب الدولي وهو في قمة عطائه الكروي بعد أن عاصر جيلين من لاعبي منتخب الإمارات منذ أن بدأ اللعب مع المنتخب أوائل الثمانينات وحتى منتصف التسعينات.
أول وآخر
عرف الناس عدنان الطلياني في مباراة العين والشعب، في بطولة كأس رئيس الدولة في موسم 82/83، وقدم يومها أفضل مستوى، وبرز بشكل كبير وسجل هدفاً في تلك المباراة التي انتهت بفوز الشعب 4/2، وكان ذلك في موسم اللاعبين الأجانب، وأول مباراة لعبها ضمن صفوف منتخب الشباب كانت ضد منتخب اليمن، وفاز فيها منتخبنا الوطني. وأول مبارياته على المستوى الخليجي في دورة الخليج السابعة في مسقط العام 1984، وأول مبارياته مع المنتخب الوطني الأول ضد قطر وسجل خلالها أجمل الأهداف من ضربة حرة مباشرة، أما آخر مباراة دولية لعبها عدنان فكانت في بطولة القارات العام 1997، وسجل فيها هدفاً في مرمى التشيك.
نبذة سريعة
ولد عدنان الطلياني في مدينة الشارقة عام 1964م، وهو متزوج وله 3 أولاد هم حمدان وحمد ومحمد، وهو ابن عائلة مهتمة بشؤون الكرة محلياً وعالمياً، وترتيبه الخامس بين أخوته العشرة. منذ انطلاقته الكروية المميزة، تأثر عدنان بلاعبين كبار في الخليج أمثال ماجد عبدالله وجاسم يعقوب، وعالمياً بـ فان باستن الهولندي.