المسجد الأموي الكبير في حلب هو أحد أكبر جوامع المدينة، وأحد المعالم الإسلامية التاريخية فيها،أنشئ في العصر الأموي بمدينة حلب التي تعتبر أقدم مدينة في التاريخ. يطلق عليه البعض اسم جامع زكريا بسبب دفن قطعة من جسد نبي الله زكريا في الجامع. ويقام اليوم على مساحة أرض يبلغ طولها 105 أمتار من الشرق إلى الغرب، ويبلغ عرضها نحو 77.75 مترا من الجنوب إلى الشمال وهو يشبه إلى حد كبير في مخططه وطرازه جامع دمشق.
يعود تاريخ بناء المسجد إلى العهد الأموي "96 - هـ - 716 م " حيث تشير أغلب المصادر إلى أن الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك هو الذي أمر بتشييده ليضاهي به ما شيده شقيقه الوليد بن عبد الملك في جامع بني أمية الكبير في دمشق ،وبعضها ينسب بناء المسجد للخليفة الوليد بن عبد الملك. وقد بني المسجد في وسط المدينة على بستان المدرسة الحلاوية التي كانت أصلاً كنيسة للروم بنتها هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين.
يذكر أن الجامع الأموي في حلب اكتسب شهرة على مستوى العالم الإسلامي، نظراً لما يحتويه من زخرفة في فن العمارة الإسلامية وطراز عمراني قديم، إضافة إلى كونه عملاً معمارياً اغتنى بإضافات كثيرة على مر العصور التاريخية المتعاقبة، فلا يكاد عصر من العصور التاريخية الإسلامية إلا وله شاهد في المسجد، إضافة إلى ذلك فان القرارات المصيرية المهمة والأحداث التي ارتبطت بالجامع قد أكسبته أهمية خاصة. كما يحتوي الجامع على كنوز هامة ومهمة جدا .
في الحرم سدة من الخشب المزخرف بألوان مختلفة مع كتابة تشير إلى عصر بانيها "قره سنقر كافل حلب" ويعود المنبر إلى عصر الملك الناصر محمد، وصنعه محمد بن علي الموصلي، كما تشير الكتابة إلى ذلك، وهو من أجمل المنابر لزخرفته بالرقش العربي الهندسي المركب من خشب الأبنوس والمرصع بالعاج والنحاس البراق.
ويعود المحراب إلى عصر السلطان قلاوون وقد تم بإشراف كافل حلب قره سنقر سنة "681 هـ - 1281 م" وقد بني من الحجر المشقف بزخارف هندسية رائعة وكما هو الأمر في الجامع الأموي في دمشق، فإن ضريحاً يطلق عليه اسم الحضرة النبوية، ويقال إنه يحوي قبر النبي زكريا، موجود وفيه أشياء ثمينة محفوظة، منها مصاحف شريفة كتبها كبار الخطاطين السوريين والأتراك، وفيها قناديل قديمة مذهبة ومفضضة وقواعد شمعدان ولقد أنشئ الضريح منذ عام 907 هـ - 1500 م".
ورمم مراراً، وكانت آخر الترميمات سنة "1030 هـ - 1620 م" وكسيت جدرانه الثلاثة بألواح الخزف القاشاني وأقيم باب الضريح وفوقه قوس من الحجارة بلونين أسود وأبيض. ومن أروع ما يحتويه المسجد، تلك المئذنة المربعة المرتفعة خمسين متراً والتي جددت سنة"873 هـ - 1094 م" بديلاً عن مآذن أموية نعتقد أنها كانت أربع مآذن في أركان المسجد، وكانت مربعة ولا شك على غرار جامع بني أمية الكبير في دمشق والجوامع الأخرى التي أنشئت في عصر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.
وجرت العادة كل يوم الجمعة أثناء الشهر الفضيل في مسجد سيدنا زكريا أن يتولى الخطبة أحد المشايخ من أئمة حلب. وقبل صلاة الجمعة بثلاثة أرباع الساعة هناك قراءة لآيات من الذكر الحكيم في الجامع الكبير للقارئ الشيخ محمد مكي قلعه جي، وهو يقرأ أيضاً كل أربعاء، كما كان يفعل القراء في مصر وحلب، وتستمر القراءة في رمضان وما بعده برواية ورش عن نافع حتى تعتاد الناس على القراءات العشر.
فرقة الإنشاد
برنامج مسجد سيدنا زكريا "الجامع الأموي الكبير في حلب" لا يزال حافلاً خلال شهر رمضان الفضيل لهذا العام. ورغم أن مدينة حلب بجوامعها تشهد حركة احتجاجات الا أن فرقة الأناشيد الدينية قبل وقت السحور خلال يومي الأربعاء والخميس تلعب دورا روحانيا مهما يستمر حتى موعد صلاة الفجر ويتخلل ذلك حديث ديني عن الشمائل المحمدية للداعية محمد مكي قلعه جي وزميله محمود مبيض.
يعتمد بشكل أساسي على كتاب الشمائل المحمدية لفضيلة الشيخ الراحل عبد الله سراج الدين.
ويتحدث الشيخان عن الدروس المستفادة من غزوة بدر ومواقف الصحابة فيها.
والبرنامج يبدأ عادة بعد صلاة العشاء ، حيث تتم قراءة جزء يومياً من القرآن الكريم في صلاة التراويح لينتهي رمضان بإتمام ختمة من القرآن الكريم.