هي سيّدة البلدان، ودار الهجرة والسنة، وقلب الإيمان، إنها المدينة المنورة، التي تهفو إليها قلوب المسلمين في أنحاء المعمورة ويتطلعون إلى زيارتها للصلاة في مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وطلب العلم فيه، والاطلاع على معالمها الدينية العظيمة، ومنها المساجد التي صلى بها الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، وصحبه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، وبقيت شامخة بتاريخها الإسلامي العريق.

فقد احتضنت المدينة، ثاني المساجد في الإسلام الذي تشد إليه الرحال بعد المسجد الحرام، ألا وهو المسجد النبوي الشريف، حيث بناه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بنفسه على أرض كانت محلاً لتجفيف التمور ليتيمين من بني النجار، وهما سهل وسهيل أبناء عمرو، واشتراها منهما بعشرة دنانير ذهباً، دفعها لهما أبو بكر، رضي الله عنه، ثم شيّد المسجد بالجريد، وجعل أساسه أربع أذرع من الحجارة، وظل عريشاً لمدة أربع سنين.

توسعة

وبسبب تزايد أعدد المسلمين في المدينة نتيجة الهجرة إليها، ضاق المسجد النبوي بالمصلين، وأجرى النبي، صلى الله عليه وسلم، زيادة في رقعة مساحة المسجد بعد فتح خيبر، وذلك في السنة السابعة من الهجرة، لتصل مساحته إلى أربعين ذراعاً في العرض وثلاثين ذراعاً في الطول، حتى أصبح المسجد مربع الشكل مئة ذراع في مئة ذراع. مع بقاء المسجد على حده الأول من جهة القبلة.

ونتيجة للفتوحات الإسلامية واتساع رقعة الدولة الإسلامية قام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بتوسعة المسجد النبوي، وكانت أول توسعة للمسجد بعد ما بناه ووسعه النبي، صلى الله عليه وسلم، حيث إن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، لم يضف على مساحة المسجد شيئاً، لانشغاله، رضي الله عنه، بالأحداث التي نتجت عن وفاة الرسول، عليه الصلاة والسلام، مكتفياً فقط بتجديد الأعمدة النخلية له.

واستمرت بعد ذلك عمارة المسجد النبوي ، فأنشأ عُثمان بن عفان، رضي الله عنه، في عام29 للهجرة، محراب المسجد، وشيد بالحجارة والجص والعمد المحشوة، وتواصلت توسعة المسجد النبوي على مرّ العصور، حتى عصر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي شهد فيه المسجد أكبر توسعة له في التاريخ، ولايزال يشهد زيادة في المساحة لتصل السعة الاستيعابية للمصلين نحو مليون و600 ألف.

وإلى جانب المسجد النبوي الشريف، احتضنت المدينة المنورة مساجد أخرى شكلت مكانة كبيرة في تاريخ وحضارة الإسلام، وفي مقدمتها مسجد قباء، الذي يعد أول مسجد أسسه الرسول، صلى الله عليه وسلم، في المدينة عندما وصل إليها مهاجراً، وسمي بذلك لوقوعه في قرية قباء في الجنوب الغربي للمدينة، وصلى النبي المصطفى فيه بأصحابه مجاهراً، في حين كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يأتي للمسجد كل يوم سبت ماشياً وراكباً، ليصلي فيه ركعتين.

مسجد بني سالم

وهناك مسجد " الجمعة " فالنبي صلى فيه أول جمعة حين أقبل من قباء متجها إلى المدينة، وأطلق عليه "مسجد بني سالم" لوقوعه في حي بني سالم بن عوف من الأنصار، و"مسجد الوادي". ويقال عنه مسجد عاتكة ، وسمي مسجد القبيب، حيث مرّ النبي على بني سالم فصلى فيهم الجمعة في القبيب، ونطق "الغبيب" ويقع في وادي الرانوناء بشرق الطريق المستحدث إلى قباء.

أيضا مسجد القبلتين ويطلق عليه مسجد بني سلمة، وسمي بذلك لما ورد أن النبي ، صلى الله عليه وسلم، أمر بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة أثناء الصلاة به، ويقع على هضبة مرتفعة من حرة الوبرة في طرفها الشمالي الغربي ، ويشرف على عرصتي وادي العقيق بمساحة (3920) متراً مربعاً.

ومن مساجد المدينة مسجد الفتح الموجود حالياً في موقع المساجد السبعة أو السبع المساجد، وهي: مسجد الفتح وسلمان الفارسي، وأبو بكر الصديق، ومسجد عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وسعد بن معاذ وفي القرن الرابع عشر الهجري سميت بالسبعة مساجد بعد أن أعيد بناء مسجد بني حرام الأثري في امتداد ساحة جبل سلع وفي الجهة الجنوبية من المساجد الستة .

وفي الجهة الشمالية من المسجد النبوي ، يقع مسجد السجدة "مسجد أبي ذر" وسمي بذلك لسجود الرسول "ص" فيه سجدة طويلة، وسمي بمسجد الشكر ، ويقال عنه مسجد البحيري لوقوعه عند بستان النخيل الذي عرف بالبحير، ومسجد السواف.ويوجد مسجد السقيا ،قرب بئر السقيا، ويقع داخل سور محطة سكة الحديد ، وعلى اليمين من العنبرية إلى مكة المكرمة على الطريق القديم.

وبين المدينة وجبل أحد، يوجد مسجد "الشيخين" الذي سمي بذلك لوقوعه في موضع الشيخين، على الطريق الشرقية مع الحرة إلى جبل أحد، كما يقال أن ثنية "الشيخان" موضع بالمدينة عسكر فيه جيش المسلمين مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، ليلة خروجه لقتال المشركين في أحد، ويقال له مسجد "البدائع" ومسجد "العدوة" لوقوعه على جانب الوادي وحافته.

وفي الجنوب الغربي من الحرم النبوي ، يوجد مسجد المصلى أو مسجد "الغمامة" ويبعد نصف كيلومتر من باب السلام بالمسجد النبوي، ونحو 305 أمتار من التوسعة السعودية الثانية للمسجد النبوي ، وكان يصلى فيه صلاة العيدين حتى أواخر القرن التاسع، ثم نقلت إلى المسجد النبوي الشريف.

وهناك مسجد بني دينار "المغيسلة"، ومسجد السبق الذي سمّي بذلك نظراً لإقامة سباق الخيل في عهد النبي ، استعداداً للجهاد في سبيل الله، ويقع في الجهة الشمالية الغربية من المسجد النبوي على بعد (520متراً)، كما يوجد مساجد العصبة، غرب مسجد قباء، والقشلة أو العسكر، والمنارتين بطريق العقيق، وعروة بالعقيق، والمعرس بذي الحليفة، وبنات النجار بقباء، ومشربة أم ابراهيم ولد النبي، صلى الله عليه وسلم.

ويوجد مسجد عرفات أو مسجد العمرة بقباء، ومسجد المستراح، ويقع على يسار الطريق المؤدي الى قبر سيد الشهداء وجبل أحد، وكذا مسجد سيد الشهداء، ومسجد الثنايا أو قبة الثنايا وهو الموضع الذي كسرت فيه ثنايا النبي، صلى الله عليه وسلم، وشجت رأسه صلوات الله وسلامه عليه يوم غزوة أحد، كما يوجد، مسجد جبل أحد أو الفسح، ومسجد البقيع أو أبي بن كعب رضي الله عنه أو مسجد بني جديل، ومساجد بني قريظة، وبني ساعدة، وفيفا الخيار.

 

مواقع

إلى الشمال من مقبرة البقيع، يوجد مسجد الإجابة أو بني معاوية، وهو أحد المساجد الشهيرة في الضاحية الشرقية للبقيع في وسط العرصة المقابلة، كما يوجد أيضا مسجد ذباب أو مسجد الراية، وذباب الجبل الصغير الأسود الذي يواجهك حيثما تهبط من ثنية الوداع قاصدا جبل أحد على يسار طريق أحد بشمال المدينة، إلى جانب مسجد ذي الحليفة أو مسجد الشجرة أو مسجد الإحرام أو مسجد أبيار علي، وسمي بذلك لما ورد أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نزل تحت شجرة سمرة بذي الحليفة، ويعرف بمسجد الشجرة ويطلق عليه مسجد ذي الحليفة.