أرســت الجراحات الروبوتية المتقدمة في دبـي معايير جديدة في مستويات الدقة والسلامة بدءاً من عمليات استئصال الأورام وصولًا إلى جراحات العظام، حيث تواصل دبي الاستثمار في التكنولوجيا وتطوير الذكاء الاصطناعي لمواصلة الارتقاء بكفاءة قطاع الرعاية الصحية في الإمارة.

وكمثال على ذلــك، نجح نظام “دافنشي” الجراحي المتطوّر خلال عملية جراحية معقدة، في استئصال ورم خبيث في المبيض يزن 5 كيلوغرامات من رحم سيدة تبلغ 44 عاماً عن طريق شق صغير لا يزيد طوله على 2 سم، مما سمح لها بالعودة إلى المنزل من دون آلام تُذكر في غضون ساعات من انتهاء العملية. إضافة إلى ذلك استعاد راكــب دراجـــات نارية قدرته على الحركة بعد خضوعه لأول جراحة استبدال الركبة بمساعدة الروبوت، ونجحت الجراحة في تقليل وقت التعافي والحد من الألم بشكل ملحوظ. كما خضع مريض آخر يعاني من مضاعفات حصوة المرارة المعقدة لجراحة بمساعدة الروبوت، ونجحت الجراحة في إزالة الحصوة بأقل قدر من المخاطر.

الأنظمة الروبوتية.. سوق واعد سريع النمو

يشهد سوق الأنظمة الروبوتية الطبية في دولة الإمارات نمواً متسارعاً، حيث يتوقع أن تصل قيمة الاستثمارات في أنظمة الروبوتات الطبية إلى 182 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2025 ، بمعدل نمو مستقر يبلغ 14.2 %. ويرجع هذا الارتفاع الكبير إلى عدة عوامل منها مناخ الاستثمار

الممتاز، والبنية التحتية المتقدمة، والمبادرات الحكومية التي تستهدف توسيع نطاق استخدام الروبوتات في قطاع الرعاية الصحية، وذلك بما يتماشى مع استراتيجية الإمارات الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031 التي تهدف إلى ترسيخ مكانة الدولة كوجهة عالمية للذكاء الاصطناعي.

يحتضن نظام الرعاية الصحية في إمارة دبي أحدث التقنيات الروبوتية مثل نظام “دافنشي ”XI الذي يعد ثورة حقيقية في عالم الجراحة الروبوتية ويستخدم على نطاق واسع في كافة مراكز الرعاية الصحية في الإمـــارة، إذ يمتلك الـروبـوت العديد من المزايا التكنولوجية فائقة التطور التي تسمح للجراحين بإجراء عمليات معقدة، مثل خاصية الرؤية ثلاثية الأبعاد المحسنة والأذرع الروبوتية ذات نطاق الحركة الأوسع من اليد البشرية، بالإضافة إلى العديد من الإمكانيات المذهلة التي تمكن الجراحين من إجراء العمليات بدقة بالغة وتفادي المضاعفات وتلف األنسجة.

تستخدم الأنظمة الروبوتية طرقا جراحية طفيفة التوغل من خلال شقوق متناهية الصغر، مما يساهم في الحفاظ على الأنسجة المحيطة بالجرح. تــؤدي هـذه الإجراءات إلى أقل قـدر من النزيف والجروح، والحد من الشعور بالألم بعد الجراحة. وبالتالي يمكن للمريض التعافي بشكل أســرع وقضاء فترة إقامة أقـل في المستشفى والعودة إلى حياته الطبيعية. إن كافة هذه المزايا تجعل الجراحات الروبوتية الخيار المفضل للمرضى في عصر الرعاية الصحية الحديثة.

العمليات الجراحية عن بعد: مستقبل الجراحة الروبوتية

لا تقتصر إمكانيات الجراحة الروبوتية المتقدمة في إمارة دبي فقط على غرف العمليات.. ففي عرض تقديمي مبهر تمكن جراح في دولة الإمارات من التحكم في ذراع روبوتية عن بعد لإجراء جراحة لعالج سكتة دماغية على مسافة تمتد لأكثر من 7,000 كيلومتر على جهاز محاكاة المريض في كوريا الجنوبية، حيث أظهر هذا العرض للعالم القدرات الهائلة لتقنيات الجراحة عن بعد في علاج الحالات الطارئة مثل السكتة الدماغية والمشكلات القلبية والوعائية. وعلى الرغم من أن الجراحة عن بعد لاتزال في مراحلها الأولى، إلا أنها أظهرت نتائج مذهلة حتى الأن مما يجعلها أداة حيوية لإنقاذ آلاف الأرواح حول العالم.

جراحات روبوتية بجهود بشرية

هناك تركيز متزايد على بناء قدرات الجراحين على استخدام أنظمة الجراحة الروبوتية في مختلف المستشفيات الرائدة في إمــارة دبي وذلـك من خالل إطـلاق البرامج التدريبية المتخصصة الرامية إلى تعزيز مستوى الـدقـة والفعالية خــلال العمليات الجراحية. وفــي هــذا السياق، أعلن المستشفى الأمريكي في دبي، الرائد في الجراحات الروبوتية، عن تدشين وافتتاح أول مركز تدريب للجراحات الروبوتية باستخدام الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وذلك بهدف تزويد الجراحين بالتدريب اللازم على الجراحة الروبوتية وإكسابهم الخبرة المتعمقة لتلبية متطلبات الإجراءات بمساعدة الروبوتات المتطورة.

وأصبحت الروبوتات جزءاً أساسيا لا غنى عنه في غرف العمليات، غير أنها مجرد ابتكارات لا يمكنها أن تحل محل الخبرات البشرية. فهي أدوات متطورة تعمل على تعزيز قدرات الجراحين ومساعدتهم على إجراء الجراحات المعقدة بدقة أكبر عبر طرق أقل توغلاً، إضافة إلى فوائدها العديدة المتمثلة في خفض المضاعفات المحتملة وتسريع وتيرة الشفاء والتعافي.

وأسهمت الاستثمارات المتزايدة في تكنولوجيا الروبوتات الجراحية والبرامج التدريبية المتخصصة والبنية التحتية الطبية المتطورة في تعزيز مكانة قطاع الرعاية الصحية في دبي، ومن المتوقع أن تقوم هذه الروبوتات التي يديرها خبراء الجراحة بدور كبير في تشكيل مستقبل الرعاية الصحية في الإمارة.