أكد مختصون أهمية الاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من خلال حلوله الحقيقية والاقتراضية في حماية الأطفال وضمان سلامتهم، حيث يمكن توظيف تقنياته في تعزيز حقوقهم واتخاذ الإجراءات المناسبة لتجنب المخاطر، لا سيما في ظل تزايد التحديات التي تواجه الصغار وتتعاظم معها الحاجة إلى توفير وسائل حماية تضمن سلامتهم ورفاهيتهم.

استجابة فعالة

وجاءت توصيات للاجتماع التشاوري لخطوط مساندة الطفل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2024، الذي نظمته أخيراً، مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، بضرورة الاستثمار في تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتبني الأدوات التكنولوجية المتقدمة لدعم حماية الأطفال، حيث يمكن لهذه التكنولوجيا أن تعزز من كفاءة نظام حماية الأطفال في المنطقة، وتدعم قدرة خطوط المساعدة على تقديم استجابة فعالة وسريعة للحالات الطارئة، وضمان استمرارية تقديم الدعم للأطفال في كل الأوقات.

وأكد عدد من الخبراء والمختصين لـ«البيان»، أن تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن الاستفادة منها في عدة مجالات لتقديم حلول مبتكرة تساعد على حماية الطفل من المخاطر المختلفة التي قد يتعرض لها في العالمين الحقيقي والافتراضي، أبرزها 4 فوائد، تتمثل في: الكشف عن الإساءة والاستغلال، والمراقبة والحماية الإلكترونية، والاستجابة السريعة للحالات الخطرة، وتعزيز الحملات التوعوية.

من جهتها، وأوضحت شيخة سعيد المنصوري، مدير عام مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال بالإنابة، أن خطوط حماية الطفل أثبتت أنها ليست مجرد وسيلة للتواصل بل هي ركيزة أساسية في منظومة حماية حقوق الأطفال، حيث تقدم هذه الخطوط الاستشارات الفورية، والدعم النفسي، وتوجيه الأطفال وأسرهم نحو الحلول المناسبة، وتقدم الخدمات بشكل مجاني وسري، ما يعزز من ثقة الأطفال في استخدامها، كما توفر وسيلة فورية للتدخل في حالات الطوارئ وتساعد على كشف الانتهاكات التي قد لا تبلغ عنها بطرق أخرى، علاوة على ذلك، فهي تسهم في نشر الوعي بين الأطفال وأسرهم حول حقوقهم وكيفية حماية أنفسهم من الأخطار المحتملة.

وأكدت أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامها في تحليل البيانات الضخمة وتحديد الأنماط المشبوهة التي قد تشير إلى إساءة معاملة أو استغلال الأطفال، حيث تعتمد هذه الأنظمة على تقنيات التعلم الآلي لتحليل النصوص والصور والفيديوهات عبر الإنترنت للكشف عن المحتويات التي قد تكون ضارة أو تنتهك حقوق الطفل.

وأضافت أن الاجتماع التشاوري لخطوط مساندة الطفل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2024، تميز بتركيزه على الابتكار التقني وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لحماية الأطفال، حيث لا يقتصر على النقاش النظري بل يشمل استعراض أدوات عملية وتطبيقات تكنولوجية تساعد في الكشف المبكر عن حالات الخطر والاستجابة لها بسرعة أكبر.

وأشارت إلى أنه ركز أيضاً على تطوير استراتيجيات تتجاوز الحدود الجغرافية، وتستهدف حماية الأطفال في مناطق النزاع باستخدام أدوات تكنولوجية مثل خطوط المساندة الذكية، التي تمكن الأطفال من الوصول إلى الدعم حتى في أصعب الظروف، بالإضافة إلى تبادل الخبرات حول كيفية الوصول إلى الأطفال في هذه المناطق وتقديم الدعم النفسي لهم عن بعد.

أدوات المراقبة

وأفادت المنصوري بأن المؤسسة تلقت أكثر من 10800 اتصال في عام 2023، فيما بلغت نسبة المكالمات التي تم الرد عليها خلال 20 ثانية أي بمعدل 97 % من المكالمات يتم الرد عليها في أقل من نصف دقيقة، لافتة إلى أن الوقت يعد عاملاً حاسماً في إنقاذ حياة الطفل أو حمايته من التعرض للمزيد من الأذى.

وذكرت أن الذكاء الاصطناعي يساعد على تطوير أدوات للمراقبة الأبوية ويتيح للأهل متابعة نشاط أطفالهم على الإنترنت بشكل آمن، من خلال تحليل البيانات والسلوكيات المشبوهة، حيث يمكن لهذه الأدوات تنبيه الأهل أو الجهات المختصة عند رصد أي تهديد محتمل.

وأشارت إلى أن للذكاء الاصطناعي دوراً رئيسياً في الكشف المبكر عن إشارات الخطر التي قد تواجه الأطفال من خلال رصد الأنماط السلوكية غير الطبيعية أو التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تشير إلى تعرض الطفل للخطر، كما يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين استجابة الخطوط الساخنة عبر توفير نظام تفاعلي سريع يدعم الأطفال ويوجههم للحصول على المساعدة اللازمة.

نشر الوعي

وحددت موزة الشومي، نائبة رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحمایة الطفل، 15 محوراً يتوجب مراقبة وحماية الطفل منها وهي: التحقيق في حالات الاعتداء على الطفل، والإهمال والإساءة بأنواعها، والتطرف والإرهاب، والاتجار بالبشر، والعائلات المضطربة، والمباني، والمرافق العامة، والنقل والطرقات، والمخاطر والتهديدات التكنولوجية، والاستغلال في العمل، والتعليم والمدارس، والرياضة، والأزمات والكوارث، والأشخاص ذوو الخطورة عليه، والتنمر.

وأكدت الشومي أن الجمعية تعمل على نشر وتعزيز مفاهيم حقوق الطفل وحمايته وفقاً لبنود الاتفاقيات الدولية وقانون حقوق الطفل الإماراتي «وديمة»، كما تنشر الوعي بأهمية تمكين الطفل من حقوقه وحمايته من الإيذاء والإهمال من خلال وسائل الإعلام المختلفة والمؤسسات التعليمية والاجتماعية وبالتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة، فضلاً عن تقديم الاستشارات والخدمات النفسية والاجتماعية والقانونية للأطفال المعرضين للإيذاء والإهمال بالتنسيق والتعاون مع السلطات المعنية والمختصة ومقدمي الخدمات.

وأشارت إلى فوائد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في حالات الطوارئ أوالأزمات، حيث يمكنه توفير قنوات تواصل سريعة وفعالة مثل روبوتات الدردشة، مما يسهم في تسريع الاستجابة وحماية الطفل في الوقت المناسب.

تحديات ومخاوف

وترى أنه رغم الفوائد العديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في حماية الطفل إلا أنه ما زال يواجه تحديات تتعلق بالخصوصية والدقة في التنبؤ، ومن الضروري ضمان أن تكون هذه التقنيات محمية من الاختراقات وأن يتم استخدامها بشكل أخلاقي يضمن حقوق الأطفال وسلامتهم.

بدوره أوضح الدكتور حسين المسيح، خبير قطاع التنمية والرعاية الاجتماعية في هيئة تنمية المجتمع بدبي، اضطرابات الشخصية الناتجة من الصدمات خلال فترة الطفولة المبكرة، والتي قد يتعرض لها الطفل نتيجة لـ10 عوامل وهي: الخوف، التهديد، الإذلال، النبذ والتهميش، الشعور بالتخلي، إنكار المشاعر أو رفضها، عدم الأمان، الاتكال على الآخر، الخجل، والعجز.

وأوضح أن الآثار المرتبطة بالصدمة تنعكس على ارتفاع معدلات الأمراض النفسية لدى الأطفال والمراهقين، من خلال الاكتئاب، والسلوكيات التخريبية، والانتحار، واضطرابات تعاطي المخدرات والاضطرابات الطبية الشائعة مثل السمنة، ومتلازمات الألم المزمن، واضطرابات الجهاز الهضمي، وعدم التنظيم المناعي.

اضطراب الشخصية.

وقال إن تعرض الطفل لحدث صادم أو سلسلة من الأحداث الصادمة مثل إساءة معاملته على سبيل المثال، ينشط أنظمة الاستجابة البيولوجية للإجهاد في الجسم، وبدورها تنعكس على سلوكياته وعاطفته بشكل سلبي، ما يؤدي إلى اضطراب شخصيته في المستقبل، والتي تتشكل الشخصية في وقت مبكر.

وعرف الدكتور المسيح اضطراب الشخصية بأنه حالة صحية عقلية تؤثر في رؤية الأشخاص أو الأطفال لأنفسهم والتفاعل مع الآخرين بطرق تسبب مشاكل، وغالباً ما يواجهون صعوبة في فهم المشاعر وتحمل الضيق، ويتصرفون باندفاع، مما يصعب عليهم التواصل مع الآخرين، ويؤثر على أدائهم المدرسي وعلى حياتهم المستقبلية بشكل عام.3 أنواعوأفاد بأن هناك 3 أنواع من الاضطرابات قد تصيب الطفل الذي تعرض للإساءة وهي، اضطراب الشخصية المرتابة، والتي تتميز بنمط من الشك غير العقلاني وعدم الثقة في الآخرين، وتفسير دوافع الآخرين بصورة سيئة، واضطراب الشخصية الانعزالية، والتي تتسم بعزوف الاهتمامات والرغبات، والابتعاد عن العلاقات الاجتماعية، واللامبالاة، وقصور في التعبير العاطفي، وأخيراً الاضطرابات الفصامية، وتبرز من خلال تشوهات في الإدراك والتصورات.

مشورات وتدخلات

وقالت الدكتورة علا ضيف الله العمري، مدير خط مساندة الطفل بمؤسسة نهر الأردن، ونائبة الممثل الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن خطوط المساعدة تتلقى البلاغات عن طريق الهاتف ومن ثم يتم التعامل مع الحالات بحسب خطورتها وأهميتها.

وأوضحت أنه لا يقتصر على تلقي بلاغات الإساءة ضد الأطفال بل هو معني بكل ما يتعلق بالتحديات والقضايا التي يواجهها الأطفال بشتى أنواعها، حيث يقدم مشورات وتدخلات اجتماعية وتنمية المهارات الوالدية وحلولاً للمشكلات السلوكية لدى الأطفال.

وأشارت إلى أن العنف الجسدي يعتبر الأعلى ضمن البلاغات التي تتلقاها خطوط المساعدة، مشيرة إلى أنه في معظم الأحيان تكون أنواع الإساءة متداخلة.