أكد معالي عمر بن سلطان العلماء، وزير الدولة للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطبيقات العمل عن بُعد، رئيس مجلس إدارة "المدرسة الرقمية"، إحدى مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، أن تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد أبرزت أهمية إنشاء نظام تعليم رقمي مستدام، وأن الدول الأكثر جاهزية نجحت في التخفيف من حدة التداعيات التي خلفتها حالة الإغلاق من خلال اعتماد الحلول الرقمية.

وقال معاليه إن قطاع التعلّم الرقمي في تطور وصعود مستمر حول العالم، وحكومة الإمارات تدرك هذا الواقع وقد عملت بشكل استباقي لتوفير الأدوات الرقمية، وتوظيف التكنولوجيا المتطورة، واعتماد ممارسات مبتكرة وتقنيات ذكية، وتعزيز الشراكة مع المؤسسات الأكاديمية والهيئات التعليمية سعياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في نشر التعليم حول العالم، مشيراً إلى حرص دولة الإمارات على مشاركة خبراتها وتجربتها الناجحة في توظيف بنيتها التحتية التكنولوجية ومواهبها المتخصصة لإيجاد حلول مبتكرة تخدم المجتمعات حول العالم.

جاء ذلك، خلال توقيع معالي عمر سلطان العلماء مذكرة تفاهم مع مايكل كرو رئيس جامعة ولاية أريزونا الأمريكية، بهدف تعزيز التعاون المشترك لتطوير الأدوات والآليات لتقديم وتسهيل توفير تعليم رقمي متقدم باستخدام الحلول الرقمية والتكنولوجية خاصة في المجتمعات الأقل حظاً وتجمعات اللاجئين والنازحين والمتضررين من النزاعات والكوارث.

وقال معاليه إن الشراكة مع جامعة ولاية أريزونا الأمريكية تأتي في إطار حرص "المدرسة الرقمية" على توسيع شراكاتها العالمية الهادفة إلى تعزيز إمكانات التعليم الرقمي وتحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، الذي أطلق مبادرة "المدرسة الرقمية" في نوفمبر 2020 لتوفير فرص التعليم للجميع، خاصة في المجتمعات ذات الإمكانات المحدودة. 

وأشار إلى أن الاستثمار في التعليم الرقمي سيتضاعف خلال السنوات المقبلة، ما يؤكده تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الصادر نهاية عام 2020 والذي توقع صعود الاستثمارات في التعليم الرقمي حتى 350 مليار دولار بحلول عام 2025، مؤكدا أهمية البناء على المبادرات الموجودة وتعزيز الشراكات مع مختلف القطاعات لبناء مستقبل التعليم الرقمي، ولافتاً إلى الهدف الأساسي للمدرسة الرقمية يتمثل بالوصول إلى مليون متعلم في المنطقة خلال 5 سنوات. 

شراكات لدعم التعليم

وبموجب مذكرة التفاهم، ستعمل "المدرسة الرقمية" وجامعة ولاية أريزونا على تبادل الخبرات في مجال تطوير التعليم الرقمي وتمكين أوسع شريحة من الطلبة والمتعلمين، خاصة في المجتمعات الأقل دخلاً ومخيمات اللاجئين والنازحين، من الحصول على التعليم الرقمي والتدرب على استخدام أدواته المرنة لتطوير الذات وخلق فرص جديدة للتغلب على تحديات واقعهم المعاشي الصعب من خلال العلم والمعرفة.

كما ستكون الجامعة شريكاً استراتيجياً للمدرسة الرقمية على مدى ثلاث سنوات لتطوير قدرات ومهارات التعليم الرقمي لنحو 1500 من المعلمين والمشرفين التربويين الملتحقين بالمدرسة الرقمية.

وتسهم الجامعة بموجب المذكرة في تطوير برنامج متقدم لمنظومة التعليم الرقمي بما يراعي الاحتياجات المتنامية والطلب المتصاعد على مواد التعليم الرقمي في مختلف التخصصات.

كما سيتعاون الطرفان على برامج مشتركة خاصة لتطوير قدرات المعلمين ومقدمي التعليم الرقمي، إضافة إلى تبادل المعرفة والممارسات الناجحة في عمليات التعلّم وبناء القدرات والأبحاث ووضع أطر العمل وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة في التعلم الرقمي.  

توحيد الجهود

من جهته، قال مايكل كرو رئيس جامعة ولاية أريزونا: "يمثل توقيع مذكرة التفاهم مع المدرسة الرقمية، التي تسعى للوصول بالتعليم الرقمي النوعي إلى مليون متعلم خلال السنوات الخمس المقبلة، فرصة مميزة لتوحيد جهودنا بالشراكة مع كل الحريصين على تعزيز مسارات التعليم ونشر المعرفة حول العالم من أجل إرساء ممارسات معتمدة في التعليم الرقمي وضمان توفر محتوى تعليمي نوعي يصل إلى الملايين من الطلبة في المناطق النائية والنامية ويتخطى العقبات اللوجستية وتلك المتعلقة بالبنية التحتية لضمان عدم تسرب الأطفال مدرسياً مهما كانت الظروف المادية والميدانية لأسرهم ومجتمعاتهم." 

وأضاف كرو: "تأثر أكثر من 1.2 مليار طالب وطالبة في 186 دولة خلال العام الماضي بإغلاق المدارس والمؤسسات التعليمية وإحلال خيارات التعلّم عن بعد بسبب الإجراءات الاحترازية والوقائية الطارئة التي فرضتها جائحة كوفيد-19. وساهم توفر البنية التحتية للتحول الرقمي في مجال التعليم، حتى بمستويات متفاوتة، في التكيّف السريع للنظم التعليمية مع الحالة الطارئة التي تسبب بها الوباء. والآن نريد أن نكون أكثر استعداداً وتعاوناً في المستقبل لضمان فرص تعلم الأجيال القادمة، ولذلك سعدنا بالانضمام إلى "تحالف مستقبل التعليم الرقمي" الذي تقوده المدرسة الرقمية لاستشراف الفرص المستقبلية لهذا القطاع الحيوي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية المستدامة."

برنامج متكامل

ويعتمد برنامج تطوير وبناء قدرات المعلمين في التعليم الرقمي الذي تصممه جامعة أريزونا للمدرسة الرقمية مفهوما جديداً يعمل على تدريب المدرسين وفقاً لاحتياجات المتعلمين من الفئات الأقل حظاً مع مراعاة متطلبات توفير تعليم رقمي نوعي.

ويحصل المعلمون الذين يتم تدريبهم وفق البرنامج على شهادات معتمدة من جامعة أريزونا. كما تُعِد دراسات كمية ونوعية حول مخرجات البرنامج عبر مراحله المختلفة. 

تحالف مستقبل التعلم الرقمي

وبناء على المذكرة تنضم جامعة ولاية أريزونا إلى "تحالف مستقبل التعلّم الرقمي"، الأول من نوعه الذي يركز على توحيد الجهود في مجال مستقبل التعليم الرقمي في العالم، ويهدف إلى تمكين المدرسة الرقمية من إطلاق أحدث المبادرات والابتكارات في مجال التعليم، وتطوير معايير وممارسات وتقنيات التعليم الرقمي، ووضع المعايير وأدلة العمل لمستقبل التعليم الرقمي وخدماته، وتطوير أنظمة التعليم والمشاريع التجريبية والمبادرات التي تحقق نقلة نوعية وتمثل فرصاً فعلية تلبي احتياجات دول المنطقة والعالم، واستقطاب أبرز التربويين والأكاديميين والجهات التعليمية والمؤسسات الإنسانية وغيرهم لدعم الاتجاهات والممارسات الجديدة في التعليم الرقمي والتعاون في إطلاق مشاريع ومبادرات في هذا المجال.

أهداف

وتهدف "المدرسة الرقمية"، إحدى مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، لتوفير فرص التعلم للطلاب حيثما كانوا وفي مختلف الظروف، وطرح منهج تعليمي رقمي متكامل ومرن ومعتمد لمختلف المراحل الدراسية يراعي الاحتياجات الشخصية لكل متعلّم ويطوّر المعارف والمهارات بالاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة، فضلاً عن رفع المستوى التعليمي، وترسيخ معايير قياسية للتعليم الرقمي بالتعاون والتنسيق مع مختلف الجهات المحلية والإقليمية والدولية المعنية بمستقبل التعلّم الرقمي والمستمر، وصولاً إلى تعليم مليون طالب حول العالم خلال السنوات الخمس المقبلة.

مدرسة رقمية عربية

وتسعى مبادرة "المدرسة الرقمية"، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، في نوفمبر 2020، تمكين الطلبة بخيارات التعلم الرقمي في المناطق النائية والنامية والأقاليم التي لا تتوفر فيها الظروف الملائمة أو المقومات التي يحتاجها الطلبة لمتابعة تعليمهم، كما توفر خياراً نوعياً معتمداً للتعلم عن بُعد، مستهدفة بالدرجة الأولى الفئات المجتمعية الأكثر هشاشة والأقل حظا واللاجئين والنازحين، عبر مواد ومناهج تعليمية عصرية تستفيد من التكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعي للتكيف مع الاحتياجات المختلفة والمستويات التعليمية المتباينة للطلبة.