طالب أكاديميون بإدراج علم البرمجة ضمن المناهج الدراسية المعتمدة في المدارس الحكومية والخاصة في دولة الإمارات، مؤكدين أن تلك الخطوة تمثل ضرورة حتمية في ظل التطورات المتلاحقة التي يشهدها عالمنا الرقمي يوماً بعد يوم، وهو ما أسهم بدوره في استحداث وظائف جديدة لم تكن مدرجة بسوق العمل من قبل.
وأكدوا أن التكنولوجيا باتت ضرورة في ظل التطور الرقمي الهائل الذي يحيط بنا من كل جانب، خصوصاً وأنها لم تعد قاصرة على تعلم لغة الحاسوب، بل تمثل عملية تطوير المهارات التحليلية والقدرة على حل المشكلات، وتساعد الطلاب على التفكير بشكل منطقي وهيكلي.
وأفادوا بأنه من خلال إتقان البرمجة، سيصبح الطلبة أكثر استقلالية تكنولوجياً، ما يمكنهم من تحقيق أهدافهم الشخصية والاحترافية، وتحويل أفكارهم إلى واقع ملموس، سواء في صورة تطبيقات، أو ألعاب، أو مواقع ويب، أو حلول تكنولوجية.
تطبيق
وطالب الأكاديميون الجامعات بأن تزود الطلبة بتجارب عملية تسهم في ربط الفجوة بين المعرفة النظرية، والتطبيق العملي.
وذلك عن طريق توفير فرص التدريب العملي لهم في شركات تكنولوجيا المعلومات وتطوير البرمجيات، ما يوفر فرصة لهم للعمل على تطبيقات واقعية، إضافة إلى طرح مساقات مختصة بتقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي كمتطلبات اختيارية أو إجبارية تزود الطلبة بالكفاءة والمعرفة التقنية المطلوبة.
واقترحوا تنظيم مسابقات سنوية للبرمجة، حتى تعزز من قدرات الطلبة فيها، وتشجعهم على العمل الجماعي، والتفكير النقدي، الأمر الذي يسهم في إيجاد جيل إماراتي قادر على التعامل مع مشكلات العالم الحقيقي من خلال حلول إبداعية.
كما طالبوا الجامعات بتوفير برامج تعليمية تغطي مختلف جوانب علوم البرمجيات والحاسوب بمختلف مستوياتها، إضافة إلى الاستمرار في تحديث المناهج والخطط الدراسية دورياً، وذلك لمواكبة التطورات السريعة في مجال التكنولوجيا.
حلول
وأكد الدكتور حميد مجول النعيمي، مدير جامعة الشارقة، لـ«البيان»، أن الجامعات تؤدي دوراً حيوياً في تشكيل مستقبل أي دولة من خلال صياغة عقول الشباب وتجهيزهم لمواجهة تحديات عالم متغير بسرعة.
ولفت إلى أن جامعة الشارقة أنشأت مراكز للأبحاث تسعى إلى دعم البحث والتطوير في مجالات مختلفة تتعلق بالبرمجة، وتشجيع الاستفادة من التقنيات الحديثة، لتحسين الحياة اليومية وتطوير حلول جديدة.
كما دشنت جامعة الشارقة أندية علمية متخصصة في مجال البرمجة، تمكن الطلاب من التعاون والتبادل فيما بينهم، إضافة إلى تنظيم فعاليات وورش عمل تسهم في تعزيز المعرفة والمهارات في مجال البرمجة.
مهام
من جانبه، أكد الدكتور جلال حاتم، مدير جامعة أم القيوين، أن للبرمجيات أهمية كبيرة، فهي مجموعة برامج وتعليمات تتمكن من خلالها مختلف الأجهزة التقنية والإلكترونية من أداء مهام محددة ومختلفة، تتراوح ما بين تطبيقات بسيطة تشبه محرر نصوص إلى أجهزة معقدة كأنظمة التشغيل.
وتابع: تسهل البرمجة العديد من الأعمال، سواء إدارية أو تعليمية أو تقنية، إضافة إلى المساعدة في ميدان الابتكار والتطوير، وتجهيز كميات كبيرة من البيانات، ما يعد أمراً ضرورياً في العديد من الميادين، كالطب والعلوم والتجارة.
وذكر أنه سابقاً كانت المعارف تتضاعف كل 25 عاماً، أما حالياً فقد أضحت تتضاعف كل 6 أشهر، كما أنه قريباً ستتضاعف تلك المعارف كل 12 ساعة، ما يشكل تحدياً كبيراً على الجامعات التي يجب أن تحدث من برامجها ومناهجها لمواكبة ذلك التطور المتسارع.
دمج
وقال إنه يمكن اتباع العديد من الاستراتيجيات لإيجاد مبرمجين شباب إماراتيين يتولون زمام المبادرة في البرمجة، وذلك من خلال تعزيز التعليم العام، ودمج البرمجة في المناهج التعليمية بالمدارس، وتشجيع الطلبة على تعلمها من خلال خطط وأنشطة تفاعلية وألعاب.
ولفت إلى أهمية تنظيم برامج متخصصة في التعليم المستمر، وهي مسؤولية تقع على عاتق المؤسسات والمراكز التعليمية، من خلال عقد شراكات مع الشركات التكنولوجية المختلفة حتى توفر فرص تدريب عملية وتطوير مهارات الشباب في بيئات عمل حقيقية.
مهن
وفي سياق متصل أكد الدكتور محمد سعيد عميرة، مدير جامعة المدينة في عجمان، أنه لا بد من تدريس مبادئ البرمجة في المدارس، من خلال مدخل بسيط يمكن الطلبة من الاستمرارية في الجامعات، وحتى نجد جيلاً إماراتياً مؤهلاً في مجال البرمجيات، وهو ما يدعم بدوره توجه الإمارات نحو دعم قطاع الذكاء الاصطناعي، ومجالات البرمجة بصورة غير مسبوقة من خلال تشجيع المهن المرتبطة بالبرمجة وتحليل البيانات.
وأوضح أن الثورة الصناعية الرابعة، وما يتصل بها من تطبيقات بحاجة إلى تخصصات تواكب تلك الثورة، وتتمكن من تحليل البيانات الكبيرة والصغيرة عبر الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال تأهيل مبرمجين ومحللين للنظم وقواعد البيانات للتحليل واستنتاج المعلومات، لأن من يمتلك المعلومات يصبح القائد.
مساقات
وكشف الدكتور عاصم صغيرون، أستاذ هندسة الحاسوب والعميد المشارك في كلية الهندسة بالجامعة الأمريكية في الشارقة، عن طرح الكلية مساقات دراسية تمهيدية تتطلبها جميع تخصصات الكلية في ظل التحديثات التي أجرتها ضمن برنامج كلية الهندسة الجيل الثاني، التي تهدف إلى تزويد الطلبة بتعليم يتماشى مع التطور المستمر في الصناعات.
كما تسهم تلك الخطوة في تعزيز متطلبات سوق العمل اليوم وفي المستقبل، فضلاً عن تعريف تلك المساقات الطلبة بأساسيات البرمجة، عبر استخدام لغة بايثون، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات.
البرمجة تسهّل العديد من الأعمال الإدارية والتعليمية والتقنية وتساعد في ميدان الابتكار والتطوير