أكد الكاتب والباحث بلال البدور، رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم في دبي، أن مسيرة الثقافة الإماراتية أصبحت نابضة بالحيوية وتحفل بصنوف الإنجاز في شتى حقول الإبداع، إذ حققت نجاحات متميزة باتت معها دولتنا نموذجاً متميزاً عالمياً على صعيد الفكر والدبلوماسية والثقافة ودور المعرفة في التنمية المجتمعية.

وأوضح البدور في حواره مع «البيان»، أن هذا المنجز والحصاد الثري الذي راكمناه خلال سنوات تخطينا فيها الكثير من التحديات، يأتي ثمرة خلاقة لرؤى وزرع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وكذا نتيجة لدعم وتحفيز قادتنا الذين لا يألون جهداً أو يدخرون إمكانات في سبيل دعم الإبداع وأهله في دولة الإمارات التي باتت تمثل واحة فكرية عالمية غنّاء.

وأوضح البدور أن «إكسبو 2020 دبي»، يعد من بين أهم المنجزات الثقافية للدولة، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن النجاح والتفرد الفكري والمعرفي النوعي المحقق في الإمارات، يحتاج منا كبير الحرص والتخطيط الدقيق في المراحل المقبلة، كي نحفظه براقاً ومتطوراً ومؤثراً ننهض معه بكل متطلبات واحتياجات مجتمعنا الثقافية، وذلك من خلال استراتيجيات مدروسة نستعد في ضوئها جيداً للخمسين عاماً المقبلة تكون مبنية على مناهج عمل علمية شاملة تكفل الارتقاء بميادين العمل الفكري كافة، مشيراً في هذا السياق إلى ضرورة أن تشتمل تلك الاستراتيجية على ركائز ومحاور تفي بغرض تعزيز ارتباط أبناء دولتنا بهويتهم وبقيم وثقافة أمتهم العربية، إضافة إلى حفظ الموروث والإعداد السليم لأجيالنا الشابة.

2021 عام متميز لدولة الإمارات، لأنه يصادف الذكرى الخمسين لاتحادنا ولتكاتف وتنسيق جميع هيئاتنا ومؤسساتنا الوطنية في مشوار التنمية والازدهار. في ضوء تجربتكم ومتابعتكم للحراك الفكري: كيف تُقَيّمُون وتلخصون تجربة الإمارات في الخمسين عاماً الماضية على المستوى الثقافي؟

التجربة الثقافية مرت بحالات ومحطات متنوعة خلال الخمسين عاماً الماضية، إذ بدأت بحماس واندفاع أبناء الإمارات عند بداية قيام الدولة في العطاء، مثلها مثل باقي الأنشطة، وكان لاهتمام القيادة وإيمانها بالثقافة الدور البارز، إذ كان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، الأساس والجوهر الحقيقي لذلك، ومثلت عودة القادمين من الدراسة بالخارج محملين بالتجارب التي لاحظوها في البلدان التي درسوا فيها، رصيداً نوعياً لمشوار الحراك الثقافي المحلي، إذ سارع هؤلاء إلى الإسهام الفاعل في المجال حرصاً على إحداث الفارق في أنماط الحياة، وبادروا إلى تأسيس جمعيات النفع العام، التي من خلالها يستطيعون خدمة الوطن في جميع الحقول، كما أن المؤسسات الرسمية أسهمت في دعم هذا التوجه.

ولعبت «وزارة الإعلام والثقافة» دوراً بارزاً من خلال فتح المكتبات العامة وتسيير القوافل الثقافية وتنظيم المواسم الثقافية ودعم النشر، والإسهام في دعم إنشاء فرق الفنون الشعبية والحركة المسرحية من خلال المسرح القومي، ودعم مجالس الشعر الشعبي، واستقدام الخبراء والاستشاريين لتطوير العمل الثقافي. وكان للمؤسسات الصحافية دور مهم من خلال ملاحقها الثقافية التي على صفحاتها برزت بعض الأقلام التي تسهم في الثقافة.

استمر ذلك الوضع حتى منتصف الثمانينيات، لتبدأ مرحلة جديدة بدأت معها تجارب بالعمل الثقافي المحلي في إمارات الدولة تنشط بشكل نوعي، فتشكل بمبادراتها وزخمها إثراء فريداً ونوعياً للحراك الثقافي على صعيد الدولة بوجه عام، وفي هذا الصدد بدأت كل إمارة تنشئ دائرة أو هيئة للثقافة خاصة بها، وذلك ضمن اختصاص كل إمارة، وقد تكاملت إسهاماتها وأدوارها جميعاً لتصب في صالح الثقافة والحراك الفكري الوطني بوجهه العام.

إن هذه المؤسسات قدمت أفعالاً وبرامج ثقافية متميزة، ولكن بصيغة محلية، وكان في ذلك فائدة كبيرة للمجتمع الثقافي، فاكتسبت الشارقة بدعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لقب العاصمة الثقافية العربية، وكان لمعرضها للكتاب الحضور المتميز بين معارض الكتب، وكذلك بينالي الفنون، وأيامها المسرحية، واهتمامها بالتراث، وغير ذلك مما هو بارز على الخريطة الثقافية.

وقدمت أبوظبي من خلال المجمع الثقافي أنشطة متميزة مثل الموسوعة الشعرية، والكتاب المسموع، ومعرض الكتاب، وأنشطة الفنون، وأنشطة الطفولة، ومكتبة عامة.

ومن بعد ذلك جاءت هيئة أبوظبي للثقافة والفنون لتواصل العمل الثقافي، لتصل إلى افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، وتعد لمتحف الشيخ زايد، ومتحف جوجنهايم. وكذلك أطلقت إمارات الدولة الأخرى باقات مشروعات ومبادرات ثقافية غنية، كان لها أثر ودور كبيرين على الساحة الثقافية.

ومن المؤكد أن كافة هذه المبادرات الثقافية في إمارات الدولة صاغت وشكلت نسيجاً ولوحة بانورامية ثرية أذكت وأغنت بتكاملها وتعاضدها، مشروع الحراك الثقافي الوطني بالمجمل. ويستطرد البدور: بطبيعة الحال، ركزت «وزارة الثقافة» حتى منتصف التسعينيات، على بعض الميادين أكثر.

ولا بد أن أشير هنا أنه كان بارزاً في ظل هذا الحراك، غياب دور المثقف المتطوع، ثم دخلت الحكومات المحلية في الدولة بقوة بوصفها لاعباً أساسياً في الفعل الثقافي، وأسهمت في توفير الدعم الذي أغنى مسارات تطوير البنية التحتية في بعض الإمارات، وقد قامت دبي بنشر مكتبات الأحياء وأنشأت مجلس دبي الثقافي، ومن بعده هيئة الثقافة والفنون، وأصدرت الاستراتيجية الثقافية للإمارة، وصولاً إلى إنشاء دار الأوبرا.

وأذكى مثل هذه المبادرات المحلية في النهاية دعم الدولة بهيئاتها الاتحادية. وعادت «وزارة الثقافة» بتسمياتها المتنوعة المتعاقبة، لممارسة المهام المنوطة بها، ووازى ذلك وأغناه دور المؤسسات المحلية التي حرصت على التوسع في قيمة الدعم المخصص للعمل الثقافي والدعم المعتمد للوزارة. واللافت هنا أنه تعدى دور الدوائر المحلية دائرة العمل الداخلي لتنظم برامج وأنشطة خارجية باسم كل إمارة.

توجهات

2 المحركات الأساسية للنمو الثقافي في الدولة تشكلت وترسخت بعد اتساع وتعزز النمو المذهل للاقتصاد، والذي لمسنا منعكساته ونتائجه في المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية. برأيك اليوم، كيف يجب أن تكون ركائز ومضامين الارتقاء بالاستراتيجية المعتمدة في حقول التنمية الثقافية تحديداً؟

حينما نتحدث عن الاستراتيجية لا بد أن ينصب حديثنا ونحن بصدد الخمسين عاماً المقبلة على استراتيجية اتحادية شاملة تسهم في وضعها الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية والقطاعات الأهلية. لتحدد توجهات الدولة وأهدافها الثقافية: ماذا نريد؟ وماذا نقدم؟ وما السبل والوسائل لإبراز رسالة الدولة؟ ثم تقوم كل إمارة وكل هيئة بوضع برامجها التنفيذية انطلاقاً من هذه الاستراتيجية.

حاجة ماسة

3 النشاط الثقافي في الدولة يبدو حيوياً ونوعياً في مساراته وزخمه ضمن غالبية الحقول، من خلال الخط العربي، والفنون التشكيلية، وثقافة الطفل، والعمل المسرحي، وملتقيات السرد الأدبي، ومهرجانات الشعر، إلى آخره، ولكن بعض المتخصصين يشيرون إلى أن آثارنا ومواقعنا التاريخية والتراثية لا تزال تحتاج برامج عمل أوسع وأثرى ترقى إلى مستوى الطموح المنشود لتعرّف بعراقة دولتنا وتُطلع الأجيال على تاريخنا المهم وتسلط الضوء على أركيولوجيا الإمارات دولياً وبشكل أوفى، فما الاقتراح الذي تراه مجدياً في الصدد؟

أعتقد أن إشراك المؤسسات التعليمية والإعلامية في هذه المهمة ضرورة، فالمناهج لا تتضمن تعريفاً مفصلاً بهذه المواقع، ولا يتم تدريسها للطلبة، ولا تنظم رحلات طلابية إليها، ولا يكلف الطلبة بإعداد بحوث حولها، كما أن الإعلام بوسائله المختلفة لا بد أن يتوسع في خطط عمله ليلقي الضوء الكافي عليها، يضاف إلى ذلك مسؤوليات وواجبات الجهات المعنية بهذه المواقع، إذ إن تجهيزها بشكل لافت يزيد من قدراتها على استقطاب الزوار ويجعلها حيوية في أساليب تعريفها بتراثنا وتاريخنا، أمر غاية في الأهمية، وعلى مؤسساتنا المتخصصة الاهتمام به.

كما أننا بحاجة إلى إعداد دراسات حول هذه الآثار والمواقع للتمكن من تسجيلها على قائمة التراث العالمي لدى يونسكو للتعريف بها داخلياً وخارجياً. وإذا لم يتم تسجيلها لبعض الضوابط، المهم أننا نحفظ ذلك للأجيال.

إكسبو دبي

4 كيف تنظر إلى إكسبو 2020 دبي، بوصفه حدثاً ثقافياً نوعياً.. ما أهميته وماذا عن طبيعة الدور الذي يؤديه في مسار الحراك والرصيد الثقافيين للدولة؟

لعل من أهم المنجزات الثقافية المحققة في الدولة، معرض إكسبو 2020 دبي، الذي أضاف إلى المشهد الثقافي بعداً جميلاً لما تتضمنه برامجه من فعل ثقافي لافت ونوعي. وأشير هنا بشكل خاص، إلى ما قدم في حفل الافتتاح الرائع للحدث، وما يقدم من أنشطة فنية إبداعية و حفلات موسيقية، بجانب العروض التي تقدمها أجنحة الدول المشاركة والتي تنقل صوراً خلاقة عن ثقافتها.

إن هذا التثاقف الحقيقي بين الشعوب عبر منصات إكسبو في أرض الإبداع والتسامح، دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، يتناغم بتأثير كبير مع ما يقدم من اختراعات ومبتكرات علمية عالمية حيوية في هذا المعرض، الذي يمثل، وعلاوة على تعبيره عن تواصل العقول وصناعة المستقبل، رحلات مكوكية يطوف عبرها مواطنو الإمارات والمقيمون على أرضها وزائروها، دول العالم، فيكتسبوا جرعات معرفية عن تاريخ وثقافات الشعوب ومنجزاتها عبر ما تعرضه الدول المشاركة في أجنحتها.

البنية الثقافية

5 كيف يرى بلال البدور البنية الثقافية لدولة الإمارات حتى اليوم؟ هل نحتاج إلى مقومات وعناصر إضافية لإثرائها وتعزيزها؟

هناك الكثير من الجوانب والخطط التطويرية التي تفيد في تعزيز مقومات قوة البنية الثقافية في دولة الإمارات.

فمثلاً، بناءً على بعد المسافة بين بعض إمارات الدولة واتساع الرقعة الجغرافية، هناك حاجة ملحة إلى وجود مراكز ثقافية مجهزة لكل الأنشطة في كل مدينة، وكذلك الأمر بخصوص المسارح، والمراسم، وصالات الفنون، وبناء مقار للمسارح، وجمعيات الفنون الشعبية، وذلك بهدف منح الفرصة لجميع المواطنين، أينما وجدوا، لممارسة الأنشطة الثقافية بتنوعاتها كافة، وحسب اهتماماتهم.

فرص وظيفية

6 لم يكن ميدان العمل الثقافي، في منتصف القرن الماضي وما تلاه من عقود في القرن الـ20، مغرياً وجاذباً لشريحة كبيرة، نتيجة ضعف أو انعدام المردود المادي، وبذا لم يكن بإمكانهم الاعتماد والتعويل عليه في معيشتهم وتأمين متطلبات حياتهم.

أما اليوم فقد تغير الحال بالدولة وبات طموح الشباب كبيراً للعمل في القطاع الثقافي مقارنةً بالقطاعات الأخرى، فما حجم وطبيعة الفرص التي يجب تقديمها لهم في خططنا المستقبلية الطموحة في الدولة، لاستقطابهم بحقول العمل الوظيفي بميدان الثقافة؟

أعتقد أن الفرص متاحة للشباب للعمل في الحقول الثقافية المختلفة، وبإمكانهم البدء بالانضمام إلى الجمعيات الأهلية، وممارسة العمل الثقافي من خلالها، وأخذ الخبرات، وكذلك حضور الفعاليات الثقافية. ليس المهم أن تمارس الثقافة من خلال العمل والوظيفة في المؤسسات الثقافية، وأعتقد أن الحاجة إلى المثقف الواعي الذي يمارس الثقافة بحب أهم من الموظف في الحقل الثقافي الذي يمارس الثقافة بوصفه موظفاً، وهذا لا ينفي ضرورة أن تقوم المؤسسات الثقافية بمنح المثقف فرصة العمل والتخطيط للعمل الثقافي، فهو جدير بتقديم خدمة ثقافية ناضجة.

الاهتمام بالتراث

7 كيف لنا أن نوجه الشباب في عصرنا الحالي، والذين تحيط بهم عوالم التقنيات والتكنولوجيا، نحو الاهتمام بمفردات تراثهم والتشبع بالهوية الحضارية العربية والحفاظ عليها، والتصدي لمحاولات الاستلاب الثقافي في الـ50 عاماً المقبلة؟

لا بد من إعادة توجيه الخطاب العربي في هذا الصدد، بحيث نركز على لفت انتباه الأجيال إلى أهمية الاعتزاز بالهوية العربية، وإرشادها إلى النماذج العربية التي تمثل القدوة، بمعنى دراسة تاريخنا العربي دراسة واعية وتضمين ذلك في مناهجنا الدراسية التي يجب أن تخدم هذا التوجه، بالإضافة إلى نشر القيم الإيجابية، من خلال وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، ونشر الثقافة العربية على الشبكة العنكبوتية، لكي يجد شبابنا جميع ما يثري معارفهم ويلبي متطلباتهم.

مراكز البحوث

8 هل استطاعت مراكز البحوث مواكبة طموحات وخطط وتطلعات دولتنا بما تؤديه من إسهامات وتقدمه من برامج عمل؟

إن هذه المراكز لا تألو جهداً في محاولة دراسة مجتمع الإمارات، وذلك ضمن المتوافر من إمكانات مالية وبشرية ليدها، ولكن الأمر يستدعي إعداد الباحثين الجيدين، وتأهيلهم لإجادة أساليب البحث وفق المناهج العلمية للبحث والتوثيق. ورغم ذلك هناك جهود مقدرة، لكن الطموح أكثر مما تحقق.

تعزيز الانتماء

9 كيف لنا، كمؤسسات ثقافية وكآباء وأمهات، إغناء شخصية المواطن وبناء وعيه وتمكينه في مشوار مواكبة التطور الإنساني في المستقبل؟

بإمكاننا ضمان ربط المواطن بقيم أمته العربية، وإبراز دور وطنه في الحفاظ على موروثه التاريخي والإنساني، والمنجز الرائد الذي تحقق على صعد مختلفة، والتعريف بالشخصيات الوطنية عبر الإعلام والتعريف بجهودها في بناء الوطن والتضحية التي قدمتها من أجله، وتأكيد ارتباط أجيالنا بالأسرة والمجتمع، وإعدادها الإعداد السليم، وتوفير احتياجاتها من تعليم متميز وحياة صحية جيدة، وإتاحة فرص الوظائف، وكل سبل الحياة الكريمة. إن هذه الأمور ستعزز في نفوسهم روح الولاء وستدفعهم إلى رفع مستوى الوعي لديهم وتنمية قدراتهم.

الإنتاج الموسيقي

10 كيف ترون آفاق طموحات ومساعي الدولة إلى الإنتاج الموسيقي الإبداعي ودراسته سواء في المنهج المدرسي، أو تأسيس معاهد وكليات؟

هناك جهود فردية لإنتاج موسيقي منذ فترة، ولكن لا بد من رصد ميزانيات دعم مادي جيدة في هذا الصدد، لنستطيع تحقيق ما نصبو إليه.

ومن المؤكد أن وجود حاضنات رسمية في هذا المسعى هو الحل الأجدى والرافعة الأنسب للنجاح، فالمدارس لا تُعنى عناية جيدة بتدريس الموسيقى، كما أن عدم تنوع وكثرة المؤسسات التعليمية التي تهتم بتدريس الموسيقى، وتطور الذائقة الموسيقية لدى الأجيال له دور في ذلك، إذ مرت مرحلة منع فيها تدريس الفنون، ولما عادت الأمور إلى طبيعتها، وتم اعتماد تدريس الموسيقى، لم توفر الآلات والأدوات التي تساعد المعلمين على القيام بأدوارهم في تدريس الموسيقى.

المشروع الثقافي

11 بين النشاط الثقافي والمشروع الثقافي، لأيهما كانت الأفضلية برأيك في العقود الماضية؟ وما اقتراحك في الصدد، من أجل استقبال خمسين سنة مقبلة وطموحة؟

هناك منجز مهم تحقق، ولكن هذا لا يعني أننا لا نحتاج خطط عمل نوعية جديدة تنهض بركائز مشروع ثقافي جمعي يعزز الحراك الثقافي في الدولة.

قد توجد مشاريع محلية لدى بعض الإمارات، ولكن على المستوى الاتحادي لا بد وأن نُعنى بتنويع وتكثيف استراتيجيات العمل المؤسسي الثقافي الرسمي، وأن نخطط للثقافة عبر مساقات عمل رسمية اتحادية، بشكل منهجي يواكب شتى التطورات، بحيث تحدد ملامح رؤية واضحة تثري مشروع بناء وصقل فكر الشخصية الثقافية الوطنية في الإمارات، وهذا يعيدنا إلى ما سبق أن ذكرناه حول الاستراتيجية.

أما النشاط الثقافي فإنه جيد بوصفه فعلاً متنوعاً، ولكن علينا أن نعزز ونغني أوجه التنسيق والتناغم بين ما تقدمه دائرة وأخرى.

الموسوعة الإماراتية

12 لماذا لم يتم تنفيذ مشروع الموسوعة الإماراتية حتى اليوم؟

أعتقد أن هذا المشروع ينضوي في إطار البرامج التي يجب أن توكل إلى المؤسسة الثقافية الاتحادية، فمشروع مثل الموسوعة الإماراتية يعد اختصاصاً اتحادياً، لأنه يتناول قضايا عديدة تاريخية، سياسية، اجتماعية، ثقافية، وغير ذلك من قضايا المجتمع.

ستحتاج الجهة التي ستشرف على الموسوعة إلى التعاون مع جهات أخرى، وجهود الجميع، وتشكيل لجان فنية متخصصة، ولذا لا بد أن تكون ضمن المشروع الثقافي للدولة.

المهرجان الدولي للملصق

13 كيف تقيم نجاح وطبيعة مضمون «الإمارات الدولي للملصق» في هذا دورة العام؟

حمل مهرجان الإمارات الدولي للملصق بدورته الـ3، شعار وأهداف إكسبو 2020 دبي: «تواصل العقول وصنع المستقبل»، ولهذا أبعاد مهمة نفخر بها. وقد استقطب المهرجان مشاركات ثرية من 52 دولة في العالم، مضتمناً 192 عملاُ، حيث استشرفت هذه المشاركات أجدى رؤى التواصل والتلاقح الثقافي الفني الخلاق بين الشعوب لصوغ ركائز مستقبل مشرق يكفل سعادة وأمان ورفاه البشر.

إن ندوة الثقافة والعلوم حريصة على تنظيم هذا الحدث وإغناء موضوعاته ومحتواه، كونه مساقاً فكرياً إبداعياً حيوياً. ففن الملصق من أبرز صنوف الفن الراقي ويلقى اهتماماً واسعاً لدى كثير من المبدعين حول العالم كما انه يؤدي دوراً ثقافياً واجتماعياً جوهرياً.

لذا، وانطلاقاً من النجاحات المحققة في الدورتين السابقتين للمهرجان، وما أدخلناه من تطوير وتنويع في أوجه قوته وتميزه، أتت دورة هذا العام لتقارب وترسم مسارات إسهام الفن، بوجه خلاق، في تقديم الحلول المثالية للتحديات أمام البشرية متناغمة بهذا مع توجهات وجوهر إكسبو دبي.

وقد أثمرت الفعاليات نجاحات مهمة إذ حظي المهرجان بإقبال نوعي وبإشادات من أبرز المتخصصين والمهتمين. وأريد ان أشير هنا إلى أن جميع الأعمال المشاركة في الدورة الثالثة، اتسمت بملامحها الإبداعية النوعية التي أضفت نكهة وقيمة خاصتين على المهرجان.

آفاق الثقافة

14 كيف ترى وتقيم مستوى دعم الثقافة في الإمارات وما هي آفاقها المستقبلية؟

حظيت الثقافة في الإمارات بدعم حكومي مهم، مادياً ومعنوياً، بالإضافة إلى دعم بعض المخلصين من رجال الأعمال، وقد أهلها هذا لتحقيق مكانة مهمة على الساحة العربية، إلا أنني أؤكد، وغاية تعزيز دورنا في الساحة الثقافية العربية والعالمية مستقبلاً، على ضرورة تبني برامج مشروعات عمل ثقافي تتكامل فيه جهود كامل مؤسساتنا، المحلية والاتحادية، الرسمية والمدنية، لصوغ وإنتاج مشروع ثقافي نوعي ورائد متفرد يجعلنا نحقق ما نصبو إليه على هذا الصعيد، بجدارة وتمكن.