تتسم العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وبريطانيا، بروح الود والاحترام المتبادل المتواصل، عبر سنوات طويلة من التعاون المثمر والبناء، لتحقيق مصلحة الشعبين في مستقبل زاهر، يقوم على أسس صلبة، وقاعدة متينة في البناء والنماء، ويتوج الميراث التاريخي من العلاقات بين البلدين، روابط وثيقة، وتوافقاً في الرؤى تجاه مختلف قضايا المنطقة والعالم، وترتبط الإمارات بعلاقات تاريخية وثيقة مع بريطانيا، على الصعيدين الاقتصادي والتجاري.
ويعود تاريخ العلاقة بين الإمارات وبريطانيا إلى القرن التاسع عشر، إذ تمتد لأكثر من قرن ونصف، وتشتمل على الروابط الثقافية، والشخصية، وقطاع الأعمال، وشكلت الزيارة الأولى للملكة إليزابيث الثانية لدولة الإمارات في فبراير 1979، علامة فارقة في مسيرة علاقات التعاون بين البلدين الصديقين.
وخلال زيارتها إلى الدولة، زارت الملكة إليزابيث الثانية دبي، وكانت شاهدة على انطلاق النهضة الحضارية والتنموية في دبي، حيث افتتحت ميناء جبل علي ومجمع الألومنيوم، ومركز دبي التجاري الدولي، والحوض الجاف.
وقبل وصولها إلى دبي، اكتست الإمارة حلة من الزينات، ورفرفت أعلام الدولة وأعلام بريطانيا في كل مكان، ورفعت عبارات الترحيب، وأنوار الزينة، وشهدت المدينة احتفالات رسمية وشعبية رائعة، واحتفاء بزيارة الملكة إليزابيث للدولة، أصدر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، قراراً بالإفراج عن المسجونين المحكوم عليهم بالسجن لمدة تقل عن 3 أشهر، وشمل هذا القرار الذي نفذته قيادة شرطة دبي، 35 سجيناً، بينهم اثنان من البريطانيين.
وتم استقبال إليزابيث استقبالاً رسمياً، حيث توجهت، يرافقها الشيخ راشد، إلى المنصة الرسمية، وعزفت الموسيقى السلام الملكي البريطاني، والنشيد الوطني لدولة الإمارات، استقلت والشيخ راشد سيارة خاصة، تتقدم الموكب الرسمي، متجهة عبر شارع المكتوم، واصطف على جانبيه آلاف من المواطنين والوافدين، لتحية الموكب، ووصلت إلى بلدية دبي، حيث ازدحم الآلاف لتحية ضيفة البلاد، وهم يلوحون بأعلام البلدين، رمزاً للصداقة العميقة التي تربط بينهما.
وكان في استقبال موكب الملكة أمام المبنى الجديد لبلدية دبي، المغفور له، الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، وكان رحمه الله يشغل منصبي وزير المالية والصناعة، رئيس البلدية، وكمال حمزة مدير البلدية آنذاك، ورؤساء الأقسام في المدينة.
وقام الشيخ حمدان بن راشد، بتقديم مفتاح مدينة دبي للملكة، ثم قامت بإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية للمبنى، معلنة افتتاحه.
وبعدها غادر موكب الشيخ راشد والملكة المكان، ماراً بشارع الكورنيش ونفق الشندغة ومنطقة الكرامة الجديدة، إلى كنيسة الثالوث المقدس، حيث ودعها الشيخ راشد، بينما حضرت وزوجها الأمير فيليب وعدد من المرافقين الصلاة.
وقام الشيخ راشد بن سعيد والملكة، بتبادل الهدايا التذكارية، حيث قدم لها رمزاً من الذهب الخالص لشجرتي نخيل، وأمامهما ناقة وحوار. وقلدت الملكة الشيخ راشد وسام الفارس الأعظم من الطبقة الأولى، للقديس ميشيل والقديس جورج. كما قلدت نفس الوسام من الطبقة الثانية، للمغفور له، الشيخ مكتوم بن راشد.
افتتاح ميناء جبل علي
وخلال اليوم الثالث لزيارة الملكة إليزابيث، خرج الآلاف من الجمهور، خاصة من أبناء الجاليات الأجنبية مع أولادهم، لأداء التحية لموكب الملكة، كما حضر المئات منهم احتفالات عدد من المشاريع الصناعية الضخمة، التي تعتبر من أهم صروح النهضة الاقتصادية بالدولة، إذ افتتحت الملكة رسمياً ميناء جبل علي، الذي بلغت تكاليف إنشائه 6 مليارات درهم، وتجولت في المنطقة الصناعية، التي تضم عدداً من المصانع، من أبرزها: مصنع الغاز ومصنع الأسمنت، وورشة تصنيع هياكل الفولاذ الإنشائية، ومحطة توليد الطاقة الكهربائية، ومصنع كوابل الأسلاك الكهربائية، كما افتتحت مجمع الألومنيوم، ومركز دبي التجاري الدولي، والحوض الجاف.
وافتتحت الملكة إليزابيث، يصحبها الشيخ راشد، ميناء جبل علي، الذي ضم 72 رصيفاً، واستغرق العمل فيه 4 سنوات، وضم ترسانة خاصة لإصلاح السفن، وأرصفة خاصة مجهزة برافعات حمولة 6 آلاف طن، وحوض جاف، يضم مرابط للسفن التي تبلغ حمولتها 30 ألف طن، ثم قام الموكب بجولة في أنحاء المنطقة الصناعية في جبل علي، حيث كان يجري استكمال إنشاء معمل ومصنع الألومنيوم، الذي بدأ إنتاجه في شهر أكتوبر 1980، كما كان العمل يجري آنذاك في إنشاء مصنع غاز النفط السائل، الذي سيقوم بتكرير كل الغاز الطبيعي الناتج من حقول «فتح». إضافة إلى مصنع للإسمنت، تبلغ طاقته الإنتاجية نصف مليون طن سنوياً، وورشة تصنيع هياكل الفولاذ الإنشائية، ومحطة توليد الطاقة البخارية، ومصنع كوابل الأسلاك الكهربائية.
وبعدها توجه الموكب الملكي إلى مجمع ومصهر الألومنيوم، ومشروع تحلية المياه. حيث كان في استقباله آنذاك الشيخ حمدان بن راشد وزير المالية والصناعة، ورئيس مجلس إدارة شركة دبي للألومنيوم المحدودة «دوبال» آنذاك، ودعا الشيخ حمدان الملكة إليزابيث الثانية لتلقي كلمة موجزة، ومن بعدها تقوم بتدشين مشروع تحلية المياه، التابع لشركة ألومنيوم دبي المحدودة. ثم قدم المسؤولون عن الشركة هدية للملكة ونائب رئيس الدولة، عبارة عن أوعية فضية دقيقة الصنع.