أكد عبدالله محمد المعينة، مصمم علم دولة الإمارات، أن تدوين اسمه في التاريخ بهذا الإنجاز الوطني العظيم يعد وسام الشرف الأهم الذي ناله في حياته، في حين أشار د.عارف الشيخ، مؤلف النشيد الوطني الإماراتي إلى أن سماعه كلمات «عيشي بلادي عاش اتحاد إماراتنا» على الألسنة بمثابة ميلاد جديد له. جاء ذلك خلال استضافة مجلس د.إبراهيم كلداري للمبدعين، اللذين سجلا اسميهما في تاريخ الدولة عبر رموزها الوطنية، وذلك في لقاء تزامن مع احتفالات الدولة بـ«يوم العلم»، واقتراب اليوم الوطني الـ51 لقيام دولة الاتحاد.وتحدث المبدعان، في اللقاء الذي أداره رشاد محمد بو خش، رئيس فرع الإمارات للمجلس الدولي للمتاحف «إيكوم الإمارات»، عن تجربتيهما الخالدتين، بحضور عدد من الشخصيات الوطنية.
رمزية الإبداع
وأعاد المعينة الحضور إلى البواكير الأولى لقيام الاتحاد، وتحديداً إلى الربع الأخير من عام 1971، عندما شاهد إعلاناً لمسابقة خاصة بتصميم علم للدولة، حيث كانت هناك لجنة مختصة لاختيار العلم الذي يطابق المواصفات المطلوبة، مشيراً إلى أنه فوجئ بضيق الوقت المتاح للتصميم، وكان بقي من المهلة ثلاثة أيام فقط، وكان عمره آنذاك 19 عاماً.
وأوضح أنه سهر ليلة كاملة نفّذ خلالها 6 نماذج مختلفة، وتوجه في الصباح الباكر إلى مقر البريد لإرسال النماذج إلى العنوان المدون في الإعلان، لافتاً إلى أنه اختار الألوان: الأخضر للدلالة على الازدهار والخير والتطور، والأبيض رمزاً للسلام وفعل الخير المتأصل في أبناء الإمارات، والأسود رمزاً للوقار والهيبة، والأحمر رمزاً للتضحية.
وطن التحديات
وأشار إلى أنه بعد تسليم النماذج انتظر على أحرّ من الجمر إعلان النتيجة، خاصة أن المسابقة استقطبت نحو 1700 مشاركة، وكان منوطاً باللجنة المختصة اختيار 6 نماذج، ترفعها إلى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ليختار واحداً منها. وأضاف المعينة أنه بوصول النماذج إلى الأب المؤسس، وقع اختياره على التصميم الذي أعده، وقال: «كانت فرحتي عظيمة حينما وقع الاختيار على النموذج الذي قمت بتصميمه، حيث اعتمده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ليُرفع للمرة الأولى في دبي علم رسمي للدولة، وذلك بحضور أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، وكان هذا اليوم الأول، الذي يرفع فيه العلم إعلاناً على قيام الدولة، وكان التصميم الذي وضعته رايتها الرسمية الواحدة».
وختم حديثه بالتطرق إلى طبيعة عمله في السلك الدبلوماسي، وملازمة العلم له في كل المناسبات، وقال: «خدمت 49 عاماً في السلك الدبلوماسي، وكان العلم ملازماً لي، ودائماً أنظر إليه، وأتمعن فيه، فأراه مظلة للجميع، ورمزاً للعلاقة الأزلية التي تربط الإماراتي بدولته، وعنواناً لمحبة الوطن وقيادته، وراية ولاء وانتماء بأيدي الأجيال».
ولفت د.عارف الشيخ إلى أنه جرى تكليفه بكتابة كلمات النشيد الوطني في عام 1986، موضحاً أن الفترة التي سبقت اعتماد النشيد الوطني كانت تصدح في المدارس شبه النظامية أناشيد مدرسية حماسية، وكانت تلك الأناشيد تختلف من إمارة لأخرى. وبعد قيام الاتحاد تم تكليف الفنان سعد عبدالوهاب بإعداد موسيقى السلام الوطني. وخلال الفترة من عام 1972 وحتى عام 1986، كانت موسيقى السلام الوطني تُعزف دون كلمات.
مهمة جسيمة
وعن اختياره هذه المهمة الوطنية، قال: كنت في عام 1977 مدرساً في المعهد الديني، وكلفت وقتها بتأليف نشيد وطني ليلحن ويردد في المعهد، وقمت بذلك، وكان الطلبة يرددون النشيد: «إمارات يا غالية». وأضاف: في عام 1986، وبينما كنت أعمل في إدارة التقويم والامتحانات بوزارة التربية والتعليم، فوجئت برسالة من معالي أحمد حميد الطاير، وزير التربية والتعليم بالإنابة آنذاك، يطلب مني فيها تأليف نشيد للسلام الوطني، بشرط أن يتماشى مع اللحن الموجود، ومنحني مهلة 3 أيام عمل لإنجازه، وتم تزويدي بشريط «كاسيت» مسجلة عليه موسيقى السلام الوطني. وتابع الشيخ: بداية، شعرت بصعوبة الأمر، فرحت أستمع لموسيقى السلام الوطني، وقد استمعت خلال تلك الفترة للشريط نحو ستين مرة، وأخيراً نظمت أفكاري لإنجاز المطلوب، ووضعت نصب عيني إنجاز نشيد يعبر عن الاتحاد وقيم الولاء والفداء والتضحية. وعند الساعة الرابعة والنصف عصراً، أدرت شريط الموسيقى، وبدأت أردد معها كلمات: «عيشي بلادي عاش اتحاد إماراتنا»، ووجدت أنها تتناغم مع اللحن، فأكملت مسترسلاً حتى إتمام النشيد.
فخر واعتزاز
عبّر عارف الشيخ عن فخره بما أنجزه، مؤكداً أنه كلما سمع الطلبة يرددون النشيد يشعر بالفخر والاعتزاز، وتتجدد فيه المشاعر الفياضة تجاه المعاني السامية التي عبّر عنها في كلمات النشيد، ويشعر وكأنه يعيش اللحظة مجدداً، وقال: عندما تتردد كلمات «عيشي بلادي» على لسان الأطفال أشعر أنني أولد من جديد. أدعو الله دوماً أن يظل علمنا خفاقاً وشامخاً، ونقف في ظله مرددين: نفديك بالأرواح يا وطن.
وثمّن د.إبراهيم كلداري للحضور وجودهم، وقال إنه من دواعي فخر جميع الإماراتيين أن يكون من صمم علم دولتهم، ومن نظم كلمات نشيد وطنهم، هم من أبناء الدولة المخلصين، الذين هم اليوم قامات وطنية.