نعى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، محمد سعيد الملا الوزير الأسبق وأحد رجال الاقتصاد المؤثرين الذي وافته المنية أمس.
وقال سموه أمس في تغريدة عبر«تويتر»: «حط اليوم الأخ محمد سعيد الملا رحاله عند ربه.. رحمه الله رحمةً واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله الصبر والسلوان».
وأضاف سموه: «أسهم محمد الملا مع جيله في بناء دولة الاتحاد وخدم أبناء وطنه في جميع مناصبه ووضع بصمته في مسيرة بلده الاقتصادية.. له منا الدعاء، ومن ربه الرحمة والمغفرة».
وأدى صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، وسمو الشيخ محمد بن سعود بن صقر القاسمي، ولي عهد رأس الخيمة، في مسجد مقبرة القوز، عصر أمس، صلاة الجنازة على جثمان المغفور له محمد سعيد الملا، الذي انتقل إلى جوار ربه أمس.
وأعرب صاحب السمو حاكم رأس الخيمة، وسمو ولي عهد رأس الخيمة، عن خالص تعازيهما لذوي الفقيد، داعين الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
نموذج إماراتي
وقال سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي عبر حسابه في «تويتر»: «رحم الله محمد سعيد الملا.. نموذجاً وطنياً من رجال الإمارات الأوائل، واكب قيام الاتحاد وخدم وطنه بإخلاص، ترك بصمته في قطاع المال والأعمال وكان أحد رجال الاقتصاد المؤثرين في دبي».
وفي حسابه عبر «تويتر» قال سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية: «فقدت الإمارات ودبي اليوم محمد سعيد الملا، الذي كان مثالاً للوطنية والإخلاص. قدّم إسهامات كبيرة في العمل الحكومي، وحقق إنجازات عديدة في المجال الاقتصادي وقطاع الأعمال. نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته».
وقال معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة عبر «تويتر»: «غادرنا اليوم المرحوم محمد سعيد الملا، الوزير الأسبق ورجل الأعمال البارز وأحد الرجال الذين عملوا بإخلاص لتحقيق رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان وإخوانه حكام الاتحاد، برحيله فقدنا قامة وطنية خدمت بلادها بكل صدق ووفاء.. خالص التعازي لأسرة الفقيد سائلين الله أن يتغمده بواسع رحمته».
قامة وطنية
ويعد المغفور له محمد سعيد الملا الوزير الأسبق، أحد رجال الإمارات المخلصين، وقامة وطنية خدمت بلادها بكل صدق ووفاء، وكانت حياته حافلة بالعطاء، عاصر فيها تحولات دولة الإمارات العربية المتحدة.
وكان الملا أحد رجال الاقتصاد المؤثرين في دبي وترك بصمته في قطاع المال والأعمال وكان من بين رجالات الإمارات الأوائل الذين عاصروا تحولات إمارة دبي، وشاهداً على تطوراتها وتحولها لمركز جذب ومقصداً يجذب أنظار العالم.
ولد الملا في مدينة دبي، ويعد أول رئيس لمجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، ولعب دوراً بارزاً في تأسيس أول مصرف وطني بالمشاركة مع عدد من تجار دبي البازين، فضلاً عن شغله منصب وزير المواصلات، كما حرص على دعم العديد من الشباب خلال مسيرتهم بمجال المال والأعمال، وذلك من منطلق خدمة وحب الوطن.
وأسهم الملا في عام 1963، بدور بارز في تأسيس أول مصرف وطني بالمشاركة مع عدد من تجار الإمارة البارزين آنذاك، لينطلق (بنك دبي الوطني) الذي لم يكن قد سبقه لجهة العمل المصرفي في دبي سوى فرع للبنك البريطاني كان قد بدأ نشاطه في عام 1946.
مناصب ومهام
وشغل الملا منصب أول رئيس لمجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي عام 1965، التي تأسست في تلك السنة من أجل لعب دور حيوي في تحسين مناخ الأعمال ودعم وحماية مصالح مجتمع الأعمال في الإمارة.
كما يعتبر الملا من مؤسسي «بريد دبي»، الذي قام بإصدار أول مجموعة طوابع بريدية باسم الإمارات المتصالحة في يناير 1961 ومن مؤسسي شركة الإمارات للاتصالات (اتصالات) التي أنشئت في 30 أغسطس 1976 وشغل منصب أول رئيس لمجلس إدارتها.
وتسلم الملا حقيبة وزارة الدولة لشؤون الاتحاد والخليج وحقيبة الكهرباء بالوكالة، في أول تشكيل وزاري في دولة الإمارات برئاسة المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، رحمه الله،
وفي التشكيل الوزاري الثاني في عام 1973 أسندت إليه حقيبة المواصلات. وحينما أعاد المغفور له الشيخ مكتوم تشكيل الحكومة الاتحادية للمرة الثالثة في عام 1977 أبقى على الملا وزيراً للمواصلات، وكذا فعل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، في عام 1979 حينما ترأس الحكومة الاتحادية الرابعة.
واحتفظ الملا بالحقيبة الوزارية ذاتها في التشكيل الخامس سنة 1990 برئاسة الشيخ مكتوم، وظل حاملاً لمسؤوليات حقيبة المواصلات من عام 1973 إلى عام 1997 كما ظل رئيساً لمجلس إدارة مواصلات الإمارات من عام 1981 وحتى 1997.
دستور الإمارات
وأصدر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان بصفته رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة القرار رقم 2 لسنة 1975، في الثاني من مايو من العام نفسه والقاضي بتشكيل لجنة تأسيسية لإعداد مشروع الدستور الدائم للدولة.
وجاءت في المادة الأولى من القرار أسماء أعضاء اللجنة التأسيسية وضمت 28 شخصية من شخصيات البلاد ذات المكانة الرفيعة والكفاءة المشهودة والتاريخ الوطني الناصع، وكان اسم محمد سعيد الملا بين تلك الأسماء. وبذلك، أسهم الملا في صياغة تشريعات الدولة من خلال إعداد دستور يليق بها وبطموحاتها بالاشتراك مع آخرين من رجالات دولة الإمارات.
وبدأ الراحل محمد سعيد الملا حياته العملية في الاتجار بالذهب مع الهند، على عادة الكثيرين من أبناء الخليج العربي في حقب الثلاثينات والأربعينات والخمسينات، ثم عمل مقاولاً في قطاع البناء والتشييد والإنشاءات من خلال شركة أنشأها في أبوظبي منتصف ستينات القرن العشرين، وبفضل جهوده وإتقان العاملين معه لجهة تنفيذ المشاريع الموكلة إليهم بدقة وجودة عالية، وذاع صيته وتحسنت أحواله المادية وصار مقرباً من القيادة الرشيدة بدليل إسناد مهمة بناء أول قصر للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان في مدينة العين إلى شركته.
وفي عام 1978 قرّر الملا أن يتفرغ لأعماله الخاصة بمشاركة أبنائه، فصدر في 1 فبراير 1978 مرسوم من المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، بالموافقة على تأسيس شركة مساهمة محدودة المسؤولية باسم «شركة محمد سعيد الملا وأولاده الخصوصية المحدودة» برأس مال 500 مليون درهم، مقسمة إلى 500 ألف سهم قيمة كل منها 1000 درهم.
وكانت الأغراض الرئيسة لها «القيام بتملك الحصص والأسهم في الشركات الأخرى والاشتغال بأي تجارة أو أعمال أخرى مهما كان نوعها».