تستعد الإمارات لانطلاق النسخة الخامسة من انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التي تعزز من خلالها تجربة التمكين السياسي بما يواكب مسيرة التنمية والتطور التي تشهدها الدولة في المجالات كافة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
ومع بدء العد التنازلي للنسخة الخامسة من الانتخابات تبرز الخصوصية التي استطاعت الإمارات أن تعكسها على تجربتها في التمكين السياسي التي تتسم بمجموعة من الخصائص أبرزها أنها تعبر عن خصوصية الدولة الحضارية والمجتمعية، وتستفيد من موروث هائل من الخبرة المتراكمة على مدار سنوات من التجربة الاتحادية التي وضعت بذور التشاور والحوار واتخذت منه منهجاً للتواصل والنقاش، لهذا فإن الانتخابات السابقة والمقبلة تمثل نموذجاً للتمكين السياسي الناجح الذي يعبر عن موروث المجتمع الحضاري والمعرفي والثقافي.
وكانت اللجنة الوطنية للانتخابات قد أصدرت قرارها رقم 25 لسنة 2023 في شأن التعليمات التنفيذية لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي، وذلك في إطار الاستعدادات لتنظيم الدورة الخامسة للانتخابات، وبما يضمن تنفيذها بأعلى درجات الدقة والشفافية والنزاهة.
وتشكل التعليمات التنفيذية للانتخابات الإطار التنظيمي للعملية الانتخابية في جميع مراحلها وإجراءاتها، وتشتمل على 69 مادة مقسمة على 9 فصول، تتضمن كل ما يتعلق بتحديد اللجان التي ستقوم على تنفيذ الانتخابات، وقواعد الانتخاب، وبيان حقوق وواجبات الناخبين والمرشحين، والمخالفات الانتخابية والجزاءات المقررة لها، والطعون الانتخابية، وإجراءات الفرز وإعلان النتائج.
وتضمنت التعليمات التنفيذية لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2023 عدة تعديلات وإضافات جديدة، بناء على دراسة وتقييم الدورات الانتخابية السابقة، وأهمها إضافة نظام التصويت عن بُعد وهو نظام تصويت ذكي يتيح للناخب الإدلاء بصوته من أي مكان يتواجد فيه سواء داخل الدولة أو خارجها بواسطة التطبيقات الرقمية التي تقررها اللجنة الوطنية للانتخابات.
ووفقا للتعليمات فإنه لن يكون هناك مراكز انتخاب في البعثات الدبلوماسية وسيتمكن الناخب المتواجد خارج الإمارات من الإدلاء بصوته عن بُعد، ابتداء من أول أيام فترة التصويت المبكر وحتى انتهاء يوم الانتخاب الرئيس، كما تم استحداث نظام التصويت الهجين، وهو نظام تصويت مختلط يجمع بين نظام التصويت عن بُعد، ونظام التصويت الإلكتروني في مقار مراكز الانتخاب التي تحددها اللجنة الوطنية للانتخابات.
وبالعودة إلى مسيرة انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، فإن خطاب التمكين للمغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان "رحمه الله"، عام 2005، قد شكل نقطة تحول رئيسية في هذه المسيرة، حيث أرسى القواعد المنهجية لعملية تمكين المجلس وتعزيز دوره، وزيادة صلاحياته للقيام بالواجبات المنوطة به على أتم وجه.
2006
وأجريت الانتخابات الأولى للمجلس الوطني الاتحادي في ديسمبر 2006 بموجب القرار رقم 3 لسنة 2006 الذي أصدره المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، بناءً على قرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم 4 لسنة 2006 في شأن تحديد طريقة اختيار ممثلي الإمارات في المجلس الوطني الاتحادي، والذي نص على أن يتم انتخاب نصف الأعضاء، وتعيين النصف الآخر من ممثلي كل إمارة عن طريق الحاكم، وتم تشكيل جهة مشرفة برئاسة وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي.
واعتمدت اللجنة الوطنية للانتخابات عملية التصويت الإلكتروني بدل الاقتراع التقليدي، من خلال استخدام تقنيات الحاسب الآلي لتسجيل وتخزين بيانات المرشحين والناخبين، والتحقق من هوية الناخبين لمباشرة التصويت إلكترونياً، ثم فرز وعد الأصوات لكل مرشح، وهي عملية تتميز بالدقة والسرعة، وأجريت الانتخابات وفق الجدول الزمني المعتمد من قبل اللجنة الوطنية للانتخابات في المراكز الانتخابية المحددة في كل إمارة.
وشهدت انتخابات 2006 انضمام المرأة الإماراتية للمرة الأولى للمجلس الوطني الاتحادي عبر فوز الدكتورة أمل القبيسي بأحد مقاعد المجلس الوطني الاتحادي بالانتخاب، فيما تم تعيين 8 نساء أخريات ليصل عدد المقاعد التي شغلتها المرأة في هذا المجلس إلى 9 مقاعد، بنسبة 22.5 % وهي نسبة عالية إذا ما قورنت ببرلمانات بعض الدول الأخرى.
2011
ومثلت التجربة الثانية لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي عام 2011 مرحلة جديدة ومتقدمة في برنامج التمكين السياسي ليتحول معها المجلس إلى سلطة مساندة وداعمة للمؤسسة التنفيذية وأكثر قدرة وفعالية والتصاقاً بقضايا الوطن، وهموم المواطنين.
واكتسبت انتخابات عام 2011 أهمية خاصة من ناحية توسيع نطاق المشاركة السياسية للمواطنين، حيث تم تعديل قرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم 4 لسنة 2006، وتعديل قرار رئيس الدولة رقم 3 لسنة 2006 المشار إليهما بحيث أصبح الحد الأدنى لعدد أعضاء الهيئات الانتخابية لا يقل عن ثلاثمائة مضاعف عدد ممثلي كل إمارة في المجلس الوطني الاتحادي دون وجود سقف أعلى لعدد أعضاء هذه الهيئات في كل إمارة.
وبلغ عدد أعضاء الهيئات الانتخابية 135308 أعضاء، ما أتاح الفرصة لشريحة كبيرة من المواطنين لاختيار ممثليهم في المجلس الوطني الاتحادي في ظل ظروف تم تهيئتها بشكل يتناسب مع وزن الحدث في الحياة السياسية، وطبقت اللجنة الوطنية للانتخابات نظام التصويت الإلكتروني في 13 مركزاً انتخابياً على مستوى الدولة.
وعززت المرأة الإماراتية من حضورها في انتخابات عام 2011 حيث بلغ عدد الناخبات على مستوى الدولة نحو 60 ألف ناخبة بنسبة 46% من إجمالي أعضاء الهيئات الانتخابية، واستحوذت على نسبة أكثر من 22% من مجموع أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، أما على مستوى الترشح فقد تقدمت 85 سيدة للترشح لعضوية المجلس الوطني الاتحادي.
2015
ومثلت انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2015 المرحلة الرابعة من برنامج تمكين المجلس الوطني الاتحادي، والتي تخللها تطبيق مبادرات مبتكرة كان لها الأثر الإيجابي في زيادة المشاركة الشعبية في الاستحقاق الانتخابي من 35 ألف إلى أكثر من 79 ألف ناخب وناخبة.
وتم تطبيق نظام التصويت المبكر من خلال فتح باب التصويت أمام أعضاء الهيئات الانتخابية للإدلاء بأصواتهم قبل اليوم المحدد للانتخابات، أما فيما يتعلق بأعضاء الهيئات الانتخابية في الخارج فقد تم تحديد 94 مركزاً انتخابياً بمقار البعثات الدبلوماسية والتي مكنت المواطنين من التصويت في هذه الانتخابات.
وحققت انتخابات 2015 زيادة ملحوظة في نسب الاقبال على التصويت، جاءت مواكبة للارتفاع الكبير في أعضاء الهيئات الانتخابية (والبالغ عددهم 224,281 ناخباً)، وقد بلغ عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات (79,157) ناخباً، بنسبة (35.29%) من مجموع أعضاء الهيئات الانتخابية، في حين كانت هذه النسبة (27%) في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي عام 2011.
وتمت الرقابة على انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2015 محليا عن طريق ممثلي بعض الجمعيات ذات النفع العام في الدولة من جهة، ووكلاء المرشحين من جهة أخرى انطلاقاً من أهمية الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في تدعيم مسيرة التنمية الشاملة والتطوير التي تنتهجها دولة الإمارات العربية المتحدة.
2019
وشهدت الدورة الانتخابية الرابعة من انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2019 إقبالاً كبيراً بزيادة بلغت (48.5%) في نسبة التصويت مقارنة مع الدورة الانتخابية الثالثة لعام 2015، حيث صوت في الدورة الانتخابية الرابعة (117592) ناخباً، مقارنة مع 79157 ناخباً في انتخابات 2015 من إجمالي عدد أعضاء الهيئات الانتخابية الذي وصل إلى 224281 ناخباً.
وكانت المحطة الأبرز في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2019، هي قرار المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان "رحمه الله" برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50%، والتي تأتي انطلاقاً من سعي دولة الإمارات المستمر لتمكين المرأة الإماراتية.
ووصل عدد المراكز الانتخابية إلى 39 مركزاً موزعة على جميع مناطق الدولة والتي فتحت أبوابها في اليوم الرئيس للانتخابات في 5 أكتوبر 2019، والتي استقبلت الناخبين من الساعة الثامنة صباحاً في جميع الإمارات، فيما بلغ عدد المراكز الانتخابية للتصويت خارج الدولة 118 مركزاً انتخابياً، وبلغ عدد المراكز الانتخابية للتصويت المبكر 9 مراكز في كافة الإمارات.