نجحت الإمارات خلال السنوات الماضية في قيادة وحشد الجهود الدولية من أجل حماية وتعزيز الأمن الغذائي العالمي عبر طرح الحلول وإطلاق المبادرات ودعم المشاريع التي تسهم في تحسين إنتاج الغذاء وتأمين استدامة سلاسل توريد المواد الغذائية ومكافحة الجوع في العالم.

وتنطلق الإمارات في اهتمامها والتزامها بقضية الأمن الغذائي العالمي من قناعة راسخة بأن المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم تتطلب تكثيف التعاون والشراكات الدولية في مجال تبني مفاهيم وممارسات الاستدامة على أوسع نطاق، وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة بين الحكومات والدول والقطاع الخاص فيما يتعلق بإيجاد حلول مبتكرة لتوفير مصادر جديدة للغذاء تقوم على التكنولوجيا الحديثة بما يضمن تلبية احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية.

مبادرات

وتعد مبادرة “الابتكار الزراعي للمناخ” التي تقودها دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، من أبرز الخطوات العملية التي شهدها العالم مؤخرا لتسريع التحول المنشود في النظم الغذائية وصولاً إلى تحقيق ثاني أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في القضاء التام على الجوع بحلول عام 2030.

وتركز المبادرة على تسريع ابتكار أنظمة زراعية وغذائية تدعم العمل المناخي، حيث يتحمل القطاع الزراعي المسؤولية عن 25% تقريباً من الانبعاثات الضارة بالبيئة عالمياً، كما تسعى المبادرة إلى تعزيز المساهمة الاقتصادية للقطاع الزراعي وتوفير فرص عمل أكبر في هذا القطاع الحيوي الذي يوفر أكثر من 2 مليار فرصة عمل ويوفر الغذاء لكافة سكان الكوكب.

وتضمنت المبادرة عند إطلاقها في نوفمبر 2021 تعهدا باستثمار 4 مليارات دولار في أنظمة ومشاريع الزراعية المبتكرة حول العالم، وفي مايو 2023 تم الإعلان عن زيادة الاستثمار لأكثر من 13 مليار دولار بالإضافة إلى نمو شركاء المبادرة إلى أكثر من 500 منظمة حكومية وغير حكومية حول العالم.

وفي سياق متصل.. انضمت الإمارات إلى "مبادرة التطور الزراعي" بقيادة المملكة المتحدة والتي تسعى بشكل أساسي إلى جعل الزراعة المستدامة المقاومة للمناخ الخيار الأكثر جاذبية واعتماداً لدى المزارعين في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030.

جاء ذلك خلال قمة "الابتكار الزراعي للمناخ" التي أقيمت في مايو الماضي بالعاصمة الأمريكية واشنطن وركزت على أهمية التعاون والتقدم في مواجهة تغير المناخ.

وقالت معالي مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة، إن انضمام الإمارات إلى المبادرة جاء إدراكاً منها لتوافقها الكبير مع أهداف مبادرة "الابتكار الزراعي للمناخ" إذ يشكل كلاهما منصة لتضافر الجهود وتبادل الخبرات والتجارب ما يدعم مساعينا لتطوير قطاع الزراعة وإزالة الكربون من مختلف عملياته، مع ضمان تعزيز إنتاجنا الزراعي في المستقبل.

الفاو

وتمثل الإمارات أحد أهم الشركاء الاستراتيجيين لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأم المتحدة "الفاو"، وهو ما تجلى في العديد من المساهمات التي قدمتها الدولة لدعم مساعي المنظمة في تعزيز الأمن الغذائي المستدام للمناطق الأكثر احتياجاً في المنطقة والعالم.

وتلتزم الإمارات بمواصلة الدعم المالي السنوي للمكتب الإقليمي الفرعي للمنظمة في المنطقة، بالإضافة إلى المساهمة في إنجاح مشروع "يدًا بيد زيمبابوي – مشروع استعادة وإدماج أعمال البستنة لأصحاب الحيازات الصغيرة".

وقدمت الإمارات في عام 2020 مبلغ مليون دولار أمريكي لدعم حملة السيطرة على الجراد الصحراوي في إريتريا التي نظمتها "الفاو"، كما وقعت الإمارات اتفاقية تعاون مع المنظمة لتنفيذ مشروع بقيمة 14.7 مليون درهم / 4 ملايين دولار أمريكي/ يهدف إلى رفع قدرة المرأة الريفية على مواجهة الأزمات وتعزيز فرص توليد الدخل المستدامة والأمن الغذائي والتغذية في جمهورية ليبيريا.

وفي عام 2019 قدمت الإمارات مبلغ مليوني دولار لدعم صندوق منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأم المتحدة "الفاو" الائتماني المعني بتنفيذ استراتيجية إطارية لاستئصال سوسة النخيل الحمراء.

“يونيتلايف”

في مارس الماضي أعلنت مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، عبر مبادرتها "مليار وجبة"؛ عن تقديم 5.5 مليون درهم، إلى صندوق الأمم المتحدة الاستئماني "يونيتلايف" الذي يتولى حوكمته كل من الحكومة الفرنسية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأغذية العالمي ومؤسسة "إيكوبنك"، وذلك من أجل دعم تطوير الحلول المبتكرة في مجال الزراعة، وتمكين النساء والأمهات، ومكافحة سوء التغذية، لا سيما لدى الأطفال، في السنغال، والنيجر، وجمهورية الكونغو الديموقراطية لفائدة أكثر من 300 ألف إنسان.

(كوب 28) 

يتطلع العالم إلى الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28) الذي تستضيفه الإمارات خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في "مدينة إكسبو دبي"، والذي سيسهم في دعم الجهود الدولية للحد من فقد وهدر الغذاء، وتطوير وتسريع المبادرات ذات الصلة لتعزيز الأمن الغذائي وضمان استدامته، إضافة إلى حض الحكومات والمؤسسات وقطاع الأعمال التجارية على قطع التزامات طوعية للحد من هدر الغذاء ولتسريع التقدم نحو تحقيق الهدف 3-12 من أهداف التنمية المستدامة، الذي يدعو إلى خفض هدر الأغذية للفرد إلى النصف على مستوى البيع بالتجزئة والاستهلاك والحد من الخسائر على طول سلاسل الإنتاج والتوريد، بما في ذلك خسائر ما بعد الحصاد.

ويمثل الحدث فرصة لإِبراز نموذج دولة الإمارات في تعزيز أمنها الغذائي بأكثر التقنيات والوسائل المستدامة والتي تساهم في الحد من المتغيرات المناخية والمحافظة على البيئة على المستوى الوطني والعالمي.

الجدير بالذكر أن دولة الإمارات تصدرت دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على المؤشر العالمي للأمن الغذائي 2022 – الصادر عن "إيكونوميست إيمباكت".