بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة، «التحالف العالمي للحد من انبعاثات الحرائق»، والذي يضم 8 منظمات دفاع مدني تخصصية عالمية، بهدف خفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن الحرائق 80% عالمياً بحلول 2050.

وألقى الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، كلمة رئيسة في المنتدى الوزاري الذي انعقد برئاسته على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، تناول فيها دور قوى إنفاذ القانون في حماية التنوع البيولوجي وضمان التعافي المناخي.

وقال سموه: «أنشأنا شراكة مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ممثلة بالدكتورة غادة والي، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، والمديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والتي نتج عنها إطلاق «المبادرة المناخية الدولية لإنفاذ القانون I2LEC»، الخاصة بالتغيرات المناخية لمؤسسات إنفاذ القانون، ضمن جهود متواصلة ومشاريع ومبادرات متلاحقة ستستمر خلال الفترة 2023-2025 وما بعدها.

وأضاف سموه: جاء إطلاق «نداء أبوظبي للعمل»، بهدف تعزيز وتوسيع دور أجهزة إنفاذ القانون في مكافحة الجرائم البيئية والمتعلقة بالمناخ، ولقد حصل بعد 3 أشهر من المفاوضات، على ترحيب ودعم واسع، تجلى بدعم 5 منظمات شرطية إقليمية، و50 جهة إنفاذ قانون حول العالم.

وتابع سموه: كان من المهم لدينا عند إنشاء الشراكة أن يكون هناك تمثيل واضح للدول من مختلف القارات، لنعكس وجهات النظر، ونعمل على إيجاد نتائج حيوية بناءً على معلومات وبيانات واقعية.

وأضاف سموه: «وعلى مدى 9 أشهر، بذلت فرق العمل من مختلف المنظمات الدولية، جهوداً استثنائية، وأثمر تعاونها الوثيق عن مخرجات واضحة لـ 7 مبادرات رئيسة، بالشراكة مع منظمات دولية وإقليمية، شرطية وبحثية».

وأوضح سموه أن العمل جرى مع الشريك في القطاع الخاص، معهد بحوث النظم البيئية «إسري ESRI» على مسارين مهمين: أولهما: «نموذج تقييم الاستعداد العالمي»، الذي يوضح مدى استعداد الدول والمجتمعات لمواجهة الجرائم البيئية وآثارها عبر الاستبيانات وجمع البيانات، وذلك لرسم خريطة طريق لبناء القدرات بشكل منهجي، والثاني: إنشاء «الخريطة الحرارية للجرائم البيئية»، التي تعرض للمرة الأولى تأثيرات الجرائم البيئية على تغير المناخ بنطاقه العالمي. وشارك سموه الحضور بعض النتائج المبدئية المثيرة للقلق، أولاً: وجود أدلة واضحة على أن الجرائم البيئية ترتبط بجرائم متنوعة، مثل غسل الأموال، والاتجار بالبشر، والاتجار بالمخدرات، ثانياً: عائدات الجرائم البيئية تشكل مصدر تمويل لمرتكبي الجرائم المنظمة، والإرهابيين، والجماعات المتمردة، مؤثرة بذلك سلباً على تطور المجتمعات ونهضتها.

برامج تدريبية

وتابع الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان: وأما ثالثاً، فخلال الفترة الماضية كانت جريمة الاتجار بالبشر المرتبطة بالتغير المناخي بسبب نزوح المجتمعات؛ الأكثر شيوعاً في كل من إفريقيا، وأمريكا الجنوبية، وجنوب شرق آسيا، ورابعاً، فتم على إثرها عقد برامج تدريبية تخصصية بالتعاون مع الشركاء ضمن مشروع بناء القدرات العالمي، واستفاد منها أكثر من أربعين دولة حول العالم، وخامساً، فقد كشفت الخريطة أن الأنهار الألف في مختلف أنحاء العالم، والمسؤولة عن نحو 80% سنوياً من التلوث البلاستيكي في بحار الكرة الأرضية، تكشف واقعاً مؤلماً، وقصة معكوسة ومأساوية حول سلبية التأثير البيئي لإنتاج الدول المتقدمة صناعياً ونفاياتها، ودوره في زيادة ثقل الضغط البيئي على كاهل الدول الفقيرة المستهلكة، وهو ما توضحه النقاط الساخنة على الخريطة الحرارية حول المناطق في جنوب شرق آسيا وشرق إفريقيا.

جهود دولية

وتحدثت في المنتدى، غادة والي، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وبنامين أبالوس جونيور، وزير الداخلية والحكومة المحلية في الفلبين، وسونيا جواجاجارا، وزيرة الشعوب الأصلية في البرازيل، وإيفا بزابيا، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزيرة البيئة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، واللواء الدكتور أحمد ناصر الريسي، رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول»، وألكسندر زويف، الأمين العام المساعد لسيادة القانون والمؤسسات الأمنية بالأمم المتحدة.

وتناول المتحدثون سبل تعزيز قدرات وكالات إنفاذ القانون في مواجهة الجرائم البيئية، والمبادرات الدولية الريادية التي قدمتها الدول، وفي مقدمتها المبادرة المناخية الدولية لمؤسسات إنفاذ القانون «I2LEC»، والتي حظيت بدعم الدول حول العالم في الاجتماعات والمحافل الأممية.

واستعرض المتحدثون الجهود الدولية في ملاحقة مهربي وعصابات الاتجار بالبشر، وتجارب عدد من الدول من بينها الفلبين ودول شرق آسيا في مواجهة الجرائم البيئية، وتأثيراتها المناخية مثل التصحر والجفاف، ودور وكالات إنفاذ القانون في مواجهتها.

وقالت غادة والي، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة: «لم يعد تأثير تغير المناخ كابوساً محتملاً للمستقبل.. إنه موجود بالفعل، ويؤذي الناس والكوكب، وعلى مدى العقدين الماضيين، تزايدت وتيرة الكوارث المرتبطة بالمناخ بمعدل الضعف تقريباً».

وقالت: إن المستقبل الأكثر خضرة ليس مجرد طموح نبيل، بل هو طريق البشرية الوحيد نحو البقاء والازدهار، وذلك بالانسجام مع بيئتنا، وهو الطريق الذي يجب أن نختاره، إذا كنا نعتزم الوفاء بوعود خطة عام (2030)، ولتحقيق مثل هذا المستقبل، نحتاج إلى العمل عبر القطاعات والتخصصات المختلفة والمعنية، وهنا يأتي الدور الحاسم لقوى إنفاذ القانون.

مسؤولية مشتركة

وأكد اللواء الدكتور أحمد ناصر الريسي، رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول»، في كلمته، أن المنظمة تفتخر بكونها أحد الشركاء الأساسيين في مبادرة (I2LEC)، مكرسة جهودها في زيادة الوعي، وتعزيز قدرتنا على الاستجابة للجريمة البيئية، فضلاً عن التنسيق ودعم وكالات إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم لمواجهة التحديات الناجمة عن تغير المناخ.

وفي كلمة ألكسندر زويف، الأمين العام المساعد، في المنتدى، قال: ليس هناك شك في أن أزمة المناخ موجودة، وأن المجتمعات الضعيفة، التي ساهمت تاريخياً بأقل قدر من المساهمة في تغير المناخ، تتأثر بها بشكل غير متناسب مع حجم مساهمتها، علاوة على ذلك، ليس من قبيل الصدفة أن العديد من المناطق الأكثر تأثراً بتغير المناخ معرضة أيضاً لعدم الاستقرار والصراع. ومن بين الـ 16 بلداً الأكثر عرضة لتغير المناخ، تستضيف تسع دول عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة.

ترحيب وشكر

وأكدت إيفا بزابيا، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزيرة البيئة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ترحيب بلادها بإطلاق دولة الإمارات المبادرة الدولية لتعزيز المناخ، مقدمة الشكر للفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، على دعوتها لإلقاء كلمة في هذا الحدث حول إطلاق «I2LEC».

مذكرات تفاهم

وقد وقعت (6) منظمات عالمية مرموقة معنية بالإطفاء ومكافحة الحرائق، مذكرات تفاهم مع وزارة الداخلية ممثلة بالإدارة العامة للدفاع المدني بدبي، إلى جانب توقيع «إعلانَي نوايا» مع منظمتين أُخريين، وجميعها متعلق بتعزيز العمل والتنسيق الدولي المشترك في سبيل تشكيل تحالف دولي تحت مظلة المبادرة المناخية الدولية لمؤسسات إنفاذ القانون I2LEC، ومنظومة عمل موحدة.

وتهدف تلك المذكرات إلى خفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن الحرائق في العالم، والمساهمة بذلك في الجهود العالمية للتخفيف من الآثار السلبية والتحديات الناشئة عن التغير المناخي، وضمن جهود تحقيق أهداف (COP28) الإنسانية. وقع مذكرات التفاهم عن الجانب الإماراتي، الفريق خبير راشد ثاني المطروشي، المدير العام للدفاع المدني بدبي، فيما وقع أوتو دروزد عن الجمعية الوطنية للحماية من الحرائق في الولايات المتحدة الأمريكية (NFPA) وبيل لي عن الوكالة الوطنية لمكافحة الحرائق في كوريا الجنوبية (KNFA)، مذكرتي «إعلان نوايا» مع الجانب الإماراتي.