أكد الدكتور تيدروس غيبريسوس مدير عام منظمة الصحة العالمية، خلال جلسة ضمن فعاليات اليوم الأول من القمة العالمية للحكومات 2024، بعنوان: «هل مستقبل البشرية مرهون باتفاق الأوبئة؟»، أن الإمارات لعبت دوراً هاماً في استجابة المنظمة للأزمات حول العالم.

وقال غيبريسوس: إن العالم ما زال غير مستعد لمواجهة أزمات طارئة، وأن تداعيات جائحة «كوفيد 19»، لم تنتهِ حتى الآن، مشيراً إلى أن العديد من بنود اتفاق تعزيز الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها، الذي تم توقيعه في جنيف عام 2021، لم يتم تنفيذه حتى الآن من قبل الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية.

أزمة المناخ

وأشار إلى جهود دولة الإمارات، ودورها الريادي في منح الصحة أولوية ضمن أجندة العمل المناخي، وذلك خلال استضافتها المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28، نهاية العام الماضي، حيث جاء في الوثيقة الختامية للمؤتمر، أن أزمة المناخ هي أزمة صحية بالأساس.

الاستجابة للأزمات

وأوضح غيبريسوس: «أشكر الإمارات على دعمها اللوجستي في إنشاء مقر عام لمنظمة الصحة العالمية هنا في الإمارات، والذي أصبح مقراً مركزياً لتزويد التبرعات والمعدات الطبية خلال العديد من الأزمات الطارئة حول العالم، حيث تمكنا العام الماضي من تزويد 50 مليون نسمة بمعدات طبية في 81 دولة، منها: أفغانستان، وتشاد، وفيجي، وهاييتي، وسريلانكا، وأوكرانيا، وفنزويلا، واليمن وغيرها».

وأضاف: «لعبت الإمارات دوراً مهماً في استجابتنا للأزمات حول العالم، بما فيها الأزمة القائمة إثر الحرب في غزة، حيث تمكنا حتى الآن من تزويد غزة بـ 447 طناً من المواد الطبية، والتي قد تكون بمثابة قطرة في المحيط، في ظل الحاجة الملحة لدى سكان القطاع، فهنالك 15 مستشفى من أصل 36 مستشفى تعمل بطريقة بدائية جداً في غزة، فضلاً عن عمل الكوادر الطبية بظروف مخيفة وغير آمنة، كما أنني متخوف حول الهجوم الأخير على رفح، خاصة أن غالبية سكان قطاع غزة في رفح الآن، لذلك نطالب بالوصول الآمن للمساعدات الإنسانية والطبية للقطاع الطبي، ونطالب حماس بإطلاق المحتجزين، ونستمر بالمطالبة بإيقاف إطلاق النار».

دروس الجائحة

ولفت مدير عام منظمة الصحة العالمية، إلى تنبؤه منذ ست سنوات، بحدوث وباء على العالم، وأن العالم غير جاهز لذلك، وحلّ فعلاً وباء فيروس كوفيد 19 بعدها بأقل من عامين تقريباً، والعالم لم يكن جاهزاً لذلك.

وقال: «اليوم أقف أمامكم بعد مرور الجائحة، وبعدما تكبّد العالم خسائر وضحايا بالملايين، وصدمات وأزمات اجتماعية واقتصادية وصحية كثيرة، وبالرغم من إحرازنا لبعض الإنجازات، مثل التقدم برصد الجائحة، وزيادة إنتاجية اللقاح بفترة قصيرة وغيرها، إلا أن العالم ما زال غير جاهز لوباء آخر قادم، كما أن هناك دروساً كثيرة مستفادة من الجائحة، ولكننا قد ننساها، وإن فشلنا من أخذ العظة والعبرة من تلك الدروس، ستكون المرة القادمة قاضية، فالأمر لا يتعلق بموعد حلول أزمة قادمة، بقدر تعلقه بمستوى الاستعداد لها».

وأضاف: «انتشرت تنبيهات عديدة حول مرض (X)، لكنها بالواقع ليست المرة الأولى التي نسمع فيها عن هذا المرض أو الفيروس، وسواءً كان هذا المرض أو غيره، فإن العالم سيواجه جائحة جديدة، يصحبها التحديات نفسها التي واجهها خلال جائحة كوفيد 19، فقد اجتمعت الدول الأعضاء في ديسمبر 2021 في جنيف، للاستجابة والتصدي للجائحة، ضمن اتفاق الأوبئة الدولي لحماية أنفسهم والأعضاء، وإنهاء ما ينص عليه الاتفاق خلال وقت محدد، أي مايو 2024، ومع ذلك لم تتمكن مجموعة من الدول من إنهاء ما جاء في هذه الاتفاقية».

وأوضح تيدروس غيبريسوس أن اتفاق الأوبئة الدولي يشمل مجموعة من اللوائح لتعزيز قدرة العالم على الدفاع ومواجهة الأوبئة من عدة نواحٍ، منها: الأمراض الأحادية، وتقديم الرعاية الصحية، والقيام بالدراسات والبحوث، وصلاحية الحصول على اللقاحات والمواد الطبية، ومشاركة التقنيات والمعلومات المتعلقة بالقطاع الصحي والطبي.

ولفت إلى أن «الالتزام باتفاق الأوبئة، بمثابة التزام للأمن القومي لجميع دول العالم، خاصةً أن الفيروسات لا تبالي بالحدود الموجودة على الخريطة بين الدول، ولا ضخامة اقتصاد الدول أو قوة جيوشها وغيرها».

نظرية المؤامرة

وحول الشائعات المنتشرة حول منظمة الصحة العالمية، ورغبتها بالسيطرة على العالم، وتقييد حريات الشعوب، وفرض إغلاق جديد على العالم وغيرها، أشار غيبريسوس، إلى إنها لا تمتّ للواقع بصلة.

وقال: «نحن لن نسمح لأكاذيب وأقاويل نظرية المؤامرة من هدم هذا الصرح التاريخي للمنظمة، لا سيما أن مهمتنا في المنظمة تقتصر على دعم الحكومات بالنصح والإرشاد، بناءً على الأدلة والبراهين التي نتوصل إليها علمياً، أما القرارات، فهي تعود إلى تلك الحكومات بشكل تام، فنحن لم نلزمها بفرض ارتداء الكمامات، ولا الإغلاق ولا غيرها».

واختتم مدير عام منظمة الصحة العالمية، خطابه بالقول: «لا للمعلومات المضللة والأكاذيب، ونعم للتعاون الدولي والمساواة والتضامن الإنساني».