تحتفي المؤسسات المعنية بالتوحد في جميع أنحاء العالم باليوم العالمي للتوعية بالتوحد من خلال تنظيم عدد من الأنشطة والفعاليات ودعوة المؤسسات العامة والخاصة إلى إضاءة أهم معالم المدن والمباني باللون الأزرق للمشاركة في الاحتفاء بهذا اليوم، وقد بادرت عدد من الجهات الحكومية والخاصة بإضاءة المباني والمنشآت التابعة لها والتي كان أبرزها برج خليفة، وبرج العرب، وبرواز دبي، ومكتبة محمد بن راشد، والقرية العالمية، وعين دبي.

ويعد التوحُّد أحد أكثر الاضطرابات النمائية شيوعاً ويظهر تحديداً خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل ويصاحب المصاب به طوال مراحل حياته، ويؤثر التوحُّد على قدرات الفرد التواصلية والاجتماعية مما يؤدي إلى عزله عن المحيطين به. إن النمو السريع لهذا الاضطراب ملفت للنظر فمعظم الدراسات تقدّر نسبة المصابين به اعتماداً على تقرير مركز التحكم بالأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية (CDC) الصادر عام 2021 والذي يشير إلى وجود إصابة واحدة لكل 36 طفل، كما يلاحظ أن نسبة الانتشار متقاربة في معظم دول العالم. 

وانعكاساً للجهود الكبيرة التي توليها دولة الإمارات العربية المتحدة تجاه أصحاب الهمم و توجيهات القيادة الرشيدة لتعزيز فرص تأهيلهم وتمكينهم من أداء دورهم في بناء وتنمية الوطن، تحتفي وزارة تنمية المجتمع بشهر التوعية بالتوحد «أبريل 2024»، من خلال تنظيم مراكز أصحاب الهمم العديد من الأنشطة والفعاليات، التي تستهدف الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين، بمشاركة طلبة المدارس والمتخصصين، للتعريف بحقوقهم و الخدمات الرعائية والتأهيلية المقدمة لهم، التي تساعد في دمجهم بشكل كامل وإيجابي و الاستفادة من قدراتهم.

والتوحد هو اضطراب في الجهاز العصبي المركزي يعرف علمياً بأنه خلل وظيفي في المخ يؤثر على وظائف الدماغ، فيؤدي إلى حدوث ضعف في التفاعل الاجتماعي، والتواصل اللفظي والغير اللفظي، ووجود سلوكيات نمطية متكررة واهتمامات بأنشطة محدودة تختلف وتتفاوت الأعراض من طفل إلى آخر، ويظهر التوحد عادة قبل عمر الثلاث سنوات الأولى. وقد تظهر بعض الأعراض على بعض الاطفال خلال الأشهر الــ 12 الأولى، أو لا تظهر حتى عمر 24 شهراً.

وتظهر الأبحاث أن الزيادة الظاهرة في أعداد الأشخاص ذوي التوحد، ترجع إلى زيادة الوعي المجتمعي بأعراض التوحد وتطور وسائل التشخيص والتعرف المبكر في السنوات الأولى من العمر، إضافة إلى انضمام فئات أخرى من الاضطرابات التي تصيب الأطفال تحت مظلة اضطراب طيف التوحد، والتي لم تكن تحسب مسبقاً ضمن هذا الاضطراب. 

كما تظهر الدراسات أن اضطراب طيف التوحد أكثر شيوعاً بين الأولاد عن البنات، حيث يصاب الأولاد بنسبة 4 أضعاف.

وبحسب منظمة الصحة العالمية؛ تتباين قدرات الأشخاص ذوي التوحد واحتياجاتهم ويمكن أن تتطور مع مرور الوقت. وقد يتمكن بعض الأشخاص ذوو التوحد من التمتع بحياة مستقلة غير أن بعضهم الآخر يعاني من إعاقات تحتاج إلى الرعاية والدعم المستمر. ويمكن أن تحسن التدخلات النفسية والاجتماعية مهارات التواصل والسلوك الاجتماعي إلى جانب تأثيرها الإيجابي في الأشخاص ذوي التوحد والقائمين على رعايتهم ونوعية حياتهم. ومن الضروري أن تكون الرعاية التي تستهدف الأشخاص ذوي التوحد مصحوبة بإجراءات اجتماعية ومجتمعية لمزيد من التيسير والشمول والدعم.

ويقول الدكتور جيمسون صموئيل مؤسس مركز جويل للتوحد في ولاية كيرالا الهندية وممثل سابق لمنظمة الصحة العالمية، إن «اضطراب طيف التوحد، آخذ في الارتفاع، ويؤثر على واحد من كل 100 طفل على مستوى العالم، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يمكن للوالدين اكتشاف الأعراض قبل أن يبلغ الطفل عامين. تشمل الأعراض الكلاسيكية ضعف مهارات الاتصال، وصعوبة الانتقال بين الأنشطة، وعدم القدرة على الحفاظ على التواصل البصري، والسلوك أو الحركات المتكررة، والحساسيات الحسية».

وأضاف: «يعد الاكتشاف المبكر والتدخل أمراً بالغ الأهمية، ومع ذلك غالباً ما يحدث التشخيص لاحقاً، مما يعيق الوصول في الوقت المناسب إلى العلاجات المناسبة».

وأشار إلى أن العلاج بالتكامل الحسي يعد أمراً أساسياً، وهو طريقة رائدة مصممة لمعالجة صعوبات المعالجة الحسية التي يتم ملاحظتها بشكل شائع لدى الأفراد المصابين بالتوحد. ويهدف هذا العلاج، الذي يديره معالجون مدربون تدريباً عالياً باستخدام اللعب والأنشطة الشخصية، إلى تنظيم المعالجة الحسية وتقليل الحمل الزائد وتعزيز الاسترخاء، وبالتالي تعزيز الانتباه والتواصل والتنظيم العاطفي.

وقال:«يعد علاج التكامل الحسي تحويلياً للأفراد المصابين بالتوحد، إذ يقدم أنشطة منظمة تعمل على تحسين نوعية حياتهم بشكل كبير».