حج بيت الله الحرام ركن من أركان الإسلام الخمسة، وشعيرة من شعائر الله العظيمة، تهفو  إليها قلوب المسلمين جميعاً ، راجين من الله العفو والمغفرة .

وكم من عبرة ذرفتها عيون لم ترزق أداء فريضة الحج وهي ترى وفود الحجيج تصل تباعاً إلى مكة المكرمة ، وكم من زفرة خرجت من أفئدة مكلومة حرقة وألماً على عدم مشاركتها في ذلك المشهد المهيب.

 قال تعالى: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" ، وقال صلى الله عليه وسلم: (بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا)،وقال  صلى الله عليه وسلم "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه".

متى فرض الحج؟

فُرض الحج في السنة التاسعة للهجرة.

والحج لا يجب على المكلف إلا إذا توفّرت فيه شروط معينة؛ هي:

1 – الإسلام، حيث إن غير المسلم لا يجب عليه الحج، ولو أتى به لم يصح.

2 – التكليف، وهو أن يكون المسلم بالغًا عاقلًا.

3 – الحرية حيث إنه لا يجب الحج على العبد المملوك لأنه غير مستطيع، لكن لو حج صح منه، ويلزمه أن يحج حجة الإسلام بعد حريته.

4 ـ الاستطاعة، وتكون في المال والبدن، بأن يكونَ عنده مال يتمكن به من الحج، ويكون أيضًا صحيح البدن غير عاجز عن أداء المناسك، فإن كان المكلف غير قادرٍ لا ببدنه ولا بماله؛ ففي هذه الحال لا يجب الحج عليه، لعدم تحقق شرط الاستطاعة.

5 ـ وجود المحرم للمرأة.

وللحج أركان أربعة، وواجبات سبعة، وما عدا الأركان والواجبات فسنة.

أركان الحج الأربعة؛ فهي:

الإحرام

الوقوف بعرفة

وطواف الإفاضة

السعي

بينما واجبات الحج السبعة؛فهي:

 الإحرام من الميقات المعتبر للحاج

 الوقوف بعرفة إلى الغروب على من وقف نهارًا

 المبيت بمزدلفة إلى بعد منتصف الليل

 المبيت بمنى ليالي أيام التشريق

 رمي الجمار مرتبًا

 الحلق أو التقصير

طواف الوداع

 وإذا كان الحاج متمتعًا أو قارنًا؛ فعليه هدي واجب (ذبح شاة).

والباقي من أفعال الحج وأقواله سنن، كطواف القدوم، والمبيت بمنى ليلة عرفة، والاضطباع والرمل في موضعهما، وتقبيل الحجر، والأذكار والأدعية، وصعود الصفا والمروة.

الفرق بين الركن والواجب والسنة

والفرق بين الركن والواجب والسنة: أن الركن لا يصح الحج إلا به، والواجب يصح الحج مع تركه، غير أنه يجب على من تركه دم (ذبح شاة)، أما السنة فمن تركها فلا شيء عليه.

مواقيت الحج

قسم أهل العلم مواقيت الحج إلى زمانية ومكانية، فالزمانية هي الشهور المحددة للحج، وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجة، وتحديدًا من أول شهر شوال إلى العاشر من ذي الحجة.

أما المواقيت المكانية فهي كما حددها نبينا محمد- عليه أفضل الصلاة والتسليم- كما يلي:

1- ذو الحليفة: وتسمى الآن آبار علي وهي أبعد المواقيت عن مكة، وهي الميقات المخصص لأهل المدينة المنورة وكل من أتى عليها من غير أهلها، وتبعد عن المدينة المنورة حوالي 18 كم وعن مكة المكرمة 428 كم.

2ـ الجحفة: وهي ميقات أهل الشام ومصر وكل بلاد المغرب العربي وما وراء ذلك.

3ـ قرن المنازل: وتسمى أيضًا ميقات السيل الكبير، وهي لأهل نجد ودول الخليج العربي ومن سلك طريقهم.

4ـ يلملم: وهو ميقات لأهل اليمن وكل من يمر من طريقهم، ويلملم وادي على طريق اليمن يبعد 120 كم عن مكة وسمي بهذا الاسم نسبة لجبل يلملم في تهامة، ويحرم الناس الآن من قرية السعدية.

5ـ ذات عرق: وهو ميقات أهل العراق وكل من يمر من ذلك الطريق إلى أن يحرموا للعمرة، فعليهم أن يخرجوا إلى التنعيم أو عرفة، ويسمى الضَريبة، وهو يبعد 100 كم عن مكة، وهو مهجور الآن.

6ـ وادي محرم: وهو الميقات الذي يحرم منه أهل الطائف والمارون من شرف بالهدا.

7ـ التنعيم: وهو مسجد في مكة واحد مواقيت الإحرام لأهل مكة.

8ـ الجعرانة: مسجد يقع في الجهة الشرقية لمكة المكرمة ومنه يعتمر أهل مكة.

وإذا وصل الحاج إلى الميقات؛ فإنه مخير بين ثلاثة أنواع من النسك، وهي:

1 ـ التمتع: وصفته أن يُحرم بالعمرة وحدها من الميقات في أشهر الحج قائلًا عند نية الدخول في الإحرام: “لبيك عمرة”، ثم يقوم بأداء مناسك العمرة من طواف وسعي وحلق أو تقصير ليحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام، إلى اليوم الثامن من ذي الحجة، وهو يوم التروية، فإذا كان يوم الثامن أحرم بالحج وحده، وأتى بجميع أعماله.

2 – القِران: وصفته أن يحرم بالعمرة والحج معًا، فيقول: "لبيك عمرة وحجًا"، أو يُحرم بالعمرة من الميقات ثم يُدخل عليها الحج قبل أن يشرع في الطواف، فإذا وصل إلى مكة طاف طواف القدوم، وإن أراد أن يقدم سعي الحج؛ فإنه يسعى بين الصفا والمروة، وإلا أخره إلى ما بعد طواف الإفاضة، ولا يحلق ولا يقصر ولا يحل من إحرامه، بل يبقى محرمًا إلى أن يحل منه يوم النحر.

3 ـ الإفراد: وصورته أن يحرم بالحج وحده، فيقول: "لبيك حجًا"؛ فإذا وصل إلى مكة طاف طواف القدوم وسعى للحج إن أراد، وإلا أخره إلى ما بعد طواف الإفاضة كالقارن، واستمر على إحرامه حتى يحلَّ منه يوم العيد.

وأعمال المفرد والقارن سواء، إلا أن القارن عليه الهدي لحصول النسكين له، بخلاف المفرد فلا يلزمه الهدي؛ لأنه لم يحصل له إلا نسك واحد وهو الحج.