تنحسر مياه البحر الميت جنوب العاصمة الأردنية عمان بنحو متر مكعب سنويا مخلفة وراءها أكواما متراكمة من الملح كالتلال البيضاء، وسط تحذيرات متواصلة حول خطر تراجع منسوب المياه في أخفض بقعة على سطح الأرض.
والبحر الميت عبارة عن بحيرة ملحية مغلقة تقع في أخدود وادي الأردن.
وهو أخفض نقطة على سطح الكرة الأرضية، كما يُعرف بشدة ملوحته، إذ تبلغ نسبة الأملاح فيه حوالي 34 بالمئة وهي واحدة من أعلى نسب الملوحة بالمسطحات المائية في العالم.
يقول زيد السوالقة الرئيس التنفيذي لجمعية أصدقاء البحر الميت لرويترز "وسط التغير المناخي الذي يشهده العالم من جهة، والعوامل البشرية التي تؤثر على البيئة من جهة أخرى، بدأ خطر جفاف البحر الميت منذ عام 1967 عندما حولت اسرائيل مصبات نهر الأردن المغذي للبحر إلى مشاريعها الزراعية" مؤكدا أن البحر خسر ثلث مساحته السطحية منذ ذلك الوقت.
ويضيف أن تقريرا دوليا أدرج البحر الميت ضمن قائمة خمس بحيرات في منطقة الشرق الأوسط مهددة بخطر الجفاف بسبب ارتفاع درجات الحرارة وسوء الإدارة المؤدية لانعدام الأمن المائي.
ويؤكد السوالقة أن ارتفاع درجات الحرارة لنحو 50 درجة مئوية في فصل الصيف وانخفاض كميات الهطول المطري في المنطقة أدى إلى صعوبة تعويض عملية التبخر الذي يحدث للبحر الأمر الذي زاد من حجم المشكلة.
ويبين أن انخفاض البحر الميت كان في عام 2000 نحو 390 مترا تحت مستوى سطح البحر الأحمر ليسجل الآن نحو 436 مترا.
ويؤكد السوالقة أن العوامل البشرية أثرت بشكل كبير في انحسار مياه البحر الميت وخاصة على الجانب الإسرائيلي حيث تتم عمليات التجفيف للحصول على الأملاح وتحديدا البوتاس.
وبحسب دائرة الأرصاد الجوية الأردنية تتراوح كمية هطول الأمطار في فصل الشتاء في منطقة الأغوار الجنوبية التي يقع فيها البحر الميت بين 50 إلى 100 مليمتر يوميا، في حين أن المعدل يبلع 73 مليمترا يوميا.
ويرى السوالقة أن "مشروع ناقل البحرين كان من أحد الحلول لمشكلة انحسار مياه البحر الميت ولكن المشروع قد توقف للأسف".
ووقع الأردن وإسرائيل في فبراير شباط عام 2015 اتفاقية تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع ناقل البحرين الذي يهدف إلى تحلية مياه البحر الأحمر وضخ جزء منها إلى البحر الميت.
ويتضمن المشروع مدّ أربعة أنابيب بين البحرين يصل طولها إلى 180 كيلومترا، وتنقل هذه الأنابيب 100 مليون متر مكعب من المياه سنويا من البحر الأحمر إلى البحر الميت، فضلا عن توليد 500 مليون ميجاوات من الكهرباء.
ولكن قام البنك الدولي بحذف المشروع من قائمة المشاريع التي كان من المقرر تنفيذها، معللا ذلك بعدم اتفاق الأطراف على معايير المشروع، لأسباب سياسية واقتصادية.
بدوره يرى المهندس سعد أبوحمور، رئيس هيئة مديري شركة مياهنا وأمين عام سلطة وادي الأردن الأسبق، أن التغيرات المناخية التي تعصف بالمنطقة لها تأثير واضح في انحسار مياه البحر الميت ولكن العوامل البشرية تلعب دورا خطيرا أيضا.
ويبين أبوحمور أن مياه البحر تخسر سنويا ما بين متر مكعب إلى 1.3 متر مكعب الأمر الذي ينذر بانهيار النظام البيئي في أكثر مناطق العالم ندرة.
ويتفق أبوحمور مع السوالقة في تأثير العوامل المناخية على البحر الميت ولكنه يرى أن الصناعات القائمة لاستخراج المعادن وخاصة على الجانب الإسرائيلي تستنزف الجزء الأكبر من المياه.
ويبين أن بناء السدود على جميع الأطراف المحيطة بالبحر ساهم في وقف تدفق المياه مما خلف مساحات شاسعة من الأراضي القاحلة التي كانت مغمورة بالمياه فيما سبق.
ويرى أن على الحكومة الإسراع في تنفيذ مشروع التحلية الوطني "إذ يهدف إلى نقل مياه البحر الأحمر بعد تحليتها للعاصمة عمان لغايات توفير مياه الشرب" للملكة.
بحسب الموقع الرسمي لوزارة المياه الأردنية قال محمد النجار وزير المياه، إن بدء إنجاز مشروع الناقل الوطني سيكون في نهاية عام 2023، معلقا أن "حاجتنا لمشروع الناقل الوطني ملحة وكان من المفترض أن يكون في عام 2019 وخاصة أن الأردن يستنزف المياه الجوفية بشكل كبير جدا فوق الحد الآمن من الاستخراج".
وبين النجار أن المشروع سيمد المملكة بنحو 300 مليون متر مكعب من المياه.