بعد عام على تعطّل عملها بشأن وقف إطلاق النار في الحديدة، وشهور من المناقشات، أقدمت بعثة الأمم المتحدة على خطوة فردية، بدون التشاور مع الفريق الحكومي، وبحثت مقترحاً لإنشاء منطقة منزوعة السلاح في خطوط التماس بين مواقع القوات الحكومية، ومواقع تمركز ميليشيا الحوثي داخل المدينة التي تضم أيضاً ميناء الحديدة ثاني أكبر موانئ اليمن.

وذكرت البعثة الأممية الخاصة بمحافظة الحديدة، أنّه وإزاء تصاعد الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، وتوقف أعمالها بعد قيام الميليشيا بقتل ضابط ارتباط عن الجانب الحكومي، أنّ المقترح الذي قدمته الميليشيا ينص على إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين مواقع تمركز القوات الحكومية ومواقع تمركز الميليشيا في جنوب المدينة.

وأثار موقف البعثة الأممية غضب الحكومة التي أكدت أن قواتها لن تنسحب من مواقعها الحالية، وقالت إن ما صدر عن بعثة الأمم المتحدة عمل أحادي مرفوض جملةً وتفصيلاً. وقال اللواء محمد عيضة رئيس الجانب الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة إنهم ما زالوا معلقين عمله مع البعثة حتى تلبية مطالبهم، منتقداً بشدة أداء الجنرال الهندي أبهيجيت جوها، ووصف الرجل بأنه لم يعد وسيطاً نزيهاً وقد فشل في مهمته وأفشل البعثة.

وقبل صدور الموقف الحكومي، أفادت البعثة بأنّ المقترح كان تتويجاً للاجتماعات التي عُقدت في صنعاء مع ميليشيا الحوثي. ولم يتبيّن على الفور، مساء أول من أمس، ما إذا كانت البعثة قد ناقشت المقترح مع الجانب الحكومي الذي سبق له رفض إعادة ممثليه إلى اللجنة المعنية بالإشراف على إعادة تنسيق انتشار القوات في مدينة الحديدة ومراقبة وقف إطلاق النار.

وتمسك بمطالبه بمعاقبة عناصر الميليشيا المتورطين في قتل ضابط الارتباط محمد الصليحي، ونسف مركز المراقبة في جنوب مدينة الحديدة قبل نحو عام من الآن، ونقل مقر البعثة الأممية لمنطقة بعيدة عن سيطرة الميليشيا للتمكن من العمل بحرية، باعتبارها محاصرة الآن من المسلحين الحوثيين داخل سفينة ترسو في ميناء الحديدة.

وفيما شددت البعثة الأممية، على ضرورة تمكنها من الوصول إلى مواقع النشاط العسكري الأخير في الحُديدة، للتأكد من الوضع وتنفيذ أفضل لاتفاق الحديدة لصالح السكان المحليين، أشارت إلى أنّ هذه القضايا كانت أحد الموضوعات التي جرت مناقشتها في الاجتماع بين رئيسها ورئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار، الفريق أبهيجيت جوها، وممثل الميليشيا في لجنة تنسيق إعادة الانتشار، علي حمود الموشكي، لأنّ حماية المدنيين ذات أهمية قصوى ويتعين أن تتخذ جميع الخطوات لتنفيذ اتفاق الحديدة.

تنصل الميليشيا

وتحدث إعلام الميليشيا عن أنّ المنطقة العازلة المقترحة ستكون بمساحة ثمانية كيلومترات على جانبي منطقة مجمع إخوان ثابت الصناعي، الذي سبق وأن اختير مقراً لبعثة المراقبين الدوليين قبل أن تقوم الميليشيا باستهدافه وقصفه وقتلت خمسة من العاملين فيه.

وبما أنّ اتفاق السويد الخاص بالحديدة، نصّ على إعادة انتشار قوات الطرفين خارج المدينة، بعد انسحاب الميليشيا من موانئ الحديدة الثلاثة، فإنّ استمرار تنصل الميليشيا من هذه الالتزامات، والمراوغة في تفسير بنود الاتفاق، حالا دون تنفيذه رغم انقضاء عامين على إبرامه برعاية الأمم المتحدة، وهو السلوك الذي لا يشجع على التفاؤل بإمكانية نجاح المسار التفاوضي، لأنّها محاولة للقفز على بنود اتفاق استوكهولم وإفساح المجال أمام ميليشيا الحوثي لابتزاز الشرعية والمجتمع الدولي معاً.