أثار موقف الرئيس التونسي قيس سعيد من التعديل الوزاري الجديد، وتلويحه برفضه استقبال عدد من الوزراء الجدد لأداء اليمين أمامه، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والقانونية، في ظل تعدد الاجتهادات والقراءات والتأويلات للمواد الدستورية مع استمرار افتقار البلاد للمحكمة المتخصصة التي نص عليها دستور 2014، وعجزت القوى السياسية المهيمنة على البرلمان عن تشكيلها نتيجة التجاذبات الحادة فيما بينها.
وهدد النائب عن حزب قلب تونس عياض اللومي بأنه سيتم البدء في إجراءات عزل سعيد عبر تفعيل الفصل 88 من الدستور لتجاوزه مقتضيات النص الدستوري.
ووصف اللومي تهديد الرئيس التونسي بعدم قبول وزراء لأداء اليمين الدستورية بالتصرف غير المسؤول وبضوضاء قائلاً: «الفصل واضح.. والأمر إلزامي، وفي حالة عدم تطبيقه يعني الرئيس قد رفض ختم القوانين».
وينص الفصل 88 من الدستور على أنه «يمكن لأغلبية أعضاء مجلس نواب الشعب المبادرة بلائحة معلّلة لإعفاء رئيس الجمهورية من أجل الخرق الجسيم للدستور، ويوافق عليها المجلس بأغلبية الثلثين من أعضائه، وفي هذه الصورة تقع الإحالة إلى المحكمة الدستورية للبت في ذلك بأغلبية الثلثين من أعضائها. ولا يمكن للمحكمة الدستورية أن تحكم في صورة الإدانة إلا بالعزل. ولا يُعفي ذلك من التتبّعات الجزائية عند الاقتضاء. ويترتب على الحكم بالعزل فقدانه لحق الترشح لأي انتخابات أخرى».
لكن ما يقف دون اللجوء إلى هذا الفصل هو غياب المحكمة الدستورية التي يعود إليها تأويل النصوص الدستورية، الأمر الذي رفع وتيرة الجدل حول موقف سعيد في مواجهته مع الحكومة والبرلمان.
واعتبر الخبير القانون الدستوري أمين محفوظ، أن «عدم أداء الوزراء لليمين حتى بعد منحهم الثقة في البرلمان يبطل أعمالهم ولا يمكنهم مباشرة مهامهم»، وأضاف «إن الوزير وحتى يعتبر وزيراً يجب أن يتم منحه الثقة ثم تتم تسميته بأمر رئاسي مع أدائه اليمين، وفي حال غاب أحد العناصر لا يمكن أن يكون وزيراً حتى لو تعنت رئيس الحكومة لأن أعمال الوزير تصبح باطلة»، وفق تعبيره.
وبالمقابل، قال خبير القانون الدستوري رافع بن عاشور، إنّه لا يمكن من حيث المبدأ لرئيس الجمهورية رفض استقبال الوزراء المقترحين في التعديل الوزاري لأداء اليمين الدستورية، وأضاف أنه للرئيس في هذه الحالة، اختصاص ضيّق، إذ إنّه يلعب دور الشاهد عندما تؤدي شخصية أمامه اليمين، لا غير ذلك، بمعنى أنّه لا يتمتع باختصاص تقديري، أي ليس من صلاحياته تقدير إذا كان يمكن للشخص تأدية اليمين أم لا، وفق قوله.
من جهتها، أوضحت أستاذة القانون الدستوري منى كريّم، اليوم، أنّ رئيس الجمهورية مجبر على قبول الوزراء المقترحين في حكومة هشام المشيشي لأداء اليمين.
وتابعت: «في علاقة بأداء اليمين، يعتبر اختصاص رئيس الجمهورية مقيداً. لم يترك له الدستور خياراً للرفض أو القبول. فهو إذاً مجبر على قبول أداء اليمين».
وكان الرئيس التونسي، عبّر عن اعتراضه على التعديل الحكومي، معتبراً أنه لم يحترم الإجراءات، التي نص عليها الدستور، ومن حيث بعض الوزراء المقترحين ممن تتعلق بهم شبهات فساد.
وقال إن «التعديل الحكومي لم يحترم الإجراءات التي نص عليها الدستور، وتحديداً ما نص عليه الفصل 92 أي ضرورة التداول في مجلس الوزراء إذا تعلق الأمر بإدخال تعديل على هيكلة الحكومة، هذا إلى جانب إخلالات إجرائية أخرى».