يتجه المبعوث الأممي للأزمة السورية غير بيدرسون إلى مجلس الأمن الأسبوع المقبل، في التاسع من شهر فبراير الجاري لوضع المجلس في صورة المباحثات الأخيرة بين المعارضة والحكومة السورية في مشاورات اللجنة الدستورية المنعقدة في جنيف بنسختها الخامسة.

وعلى الرغم من خيبة الأمل التي عبر عنها المبعوث الأممي من نتائج هذه المباحثات الفاشلة، إلا أنه ما يزال يستمر في المساعي السياسية من أجل التوصل إلى مقاربة حول الحل السياسي، إذ من المتوقع أن يتجه بيدرسون إلى العاصمة السورية دمشق من أجل لقاء مسؤولين سوريين والدفع بالعملية السياسية، فيما يجري اتصالات مع الجانب الروسي للضغط على الحليف «دمشق».

وأيضاً اعتاد المبعوث الأممي أن يتنقل في أكثر من عاصمة في المنطقة معنية بالشأن السوري، من أجل الحصول على توافقات إقليمية تخدم العملية السياسية، إلا أن الواقع السياسي يذهب باتجاه آخر بحسب المعطيات الإقليمية والدولية حول الوضع السوري.

عملية سياسية

وبات واضحاً أن المسألة السورية لم تعد أولوية سياسية وأمنية بالنسبة للعديد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بل إن الوضع الراهن كما هو عليه، الأفضل بين جميع الخيارات، وبالتالي فإن أي عملية سياسية لن تكون إلا بوجود لاعب محلي واحد يتمتع بالقوة والنفوذ من أجل فرض الحل، بينما الواقع يشير إلى عدة لاعبين في إطار حالة من التوازن القاتل للحالة السورية.

ومن حيث الواقع، تبدو سوريا ثلاثة أقاليم، قسم تحت سيطرة الحكومة السورية وهو الأكبر، وقسم تحت سيطرة الفصائل المسلحة بالتعاون مع أنقرة، والقسم الأخير تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية الحليف الأساسي للولايات المتحدة الأمريكية، وفي ظل عدم القدرة على تغيير هذا المشهد، تبقى العملية السياسية معطلة بسبب غياب قوة التأثير، وعدم قدرة الدول اللاعبة على تغيير هذا الواقع، بينما تريد الحكومة السورية تثبيت نفوذها في مناطقها وإجراء انتخابات، باعتبارها السلطة الشرعية الوحيدة على الأرض وتبقى القوى الأخرى شكلاً من أشكال الأمر الواقع الخارج عن الشرعية الدولية.

فشل

ومن هنا يأتي رفض دمشق أي عملية سياسية على طريقة اللجنة الدستورية، إذ إنها تشكل اعترافاً بحالة الأمر الواقع السوري الأمر الذي ترى فيه دمشق مجحفاً بحقها ويغير شكل سوريا السياسي والجغرافي والاقتصادي، ومن هنا كان من المتوقع فشل مشاورات اللجنة الدستورية، على الرغم من كل الوعود والضغوط الروسية.

المعارضة اليوم في أضعف صورها وحالاتها، وهي تدرك هذا الأمر ولم يعد سراً، وبالتالي ليست هناك مقومات لنجاح عملية سياسية بهذه الطريقة، إذ إن الكل غير قادر على الحسم، وهي أشبه بعملية يقودها ضعفاء لن تفضي إلى شيء من التسوية، بل إن القيادة في دمشق ما زالت تفكر في عملية عسكرية جديدة تمكنها من استعادة مناطق في إدلب، ومدعومة بشكل واسع من قبل روسيا. أما المعارضة السورية، فهناك جزء كبير منها ما يزال يؤمن بالحل العسكري ومن بينها القوى الإسلامية المسلحة، التي ما زالت تمتلك جيوشاً كبيرة في الشمال السوري، فيما تفرض قوات سوريا الديموقراطية في شمال شرقي البلاد حالة عسكرية أخرى، وبين هذه الخطوط العسكرية يظهر المشهد السوري على الأرض مستعصياً على الحل، وهذا ينطبق على الحالة السياسية. والنتيجة أن أي عملية سياسية في جنيف هي مرتبطة بالحالة السورية الميدانية وليس بالمفاوضات خارج البلاد.