اتسعت رقعة الأزمة السياسية في تونس، ما بات ينذر باستحالة رتقها، إلا ضمن حل أحلاهما مر، بالنسبة لرئيس الحكومة هشام المشيشي: إما استبعاد الوزراء المرفوضين من قبل الرئيس قيس سعيد، أو الاستقالة من منصبه.

وفي ظل استمرار الحزام السياسي الداعم للحكومة، بزعامة حركة النهضة، في الدفع نحو تحدي قرار رفض الرئيس سعيد، دعوة الوزراء الجدد الحاصلين على ثقة البرلمان في 26 يناير الماضي، والبحث عن آلية أخرى لتسليمهم مهامهم، وفي الوقت الذي أكد فيه خبراء القانون الدستوري مجتمعين في ضيافة رئاسة الحكومة، أن الأزمة سياسية قبل أن تكون دستورية، قطع الرئيس سعيد الطريق أمام الجميع، بقوله «إن كان البعض يريد المبارزة بالقانون، فليعلم أن موقفنا هو النص بالنص، والفصل بالفصل، والفصل بين الفصول هو لرئيس الدولة»، مضيفاً «أقول لهؤلاء إن الشعب أمامكم، وأنا واحد منهم، والدستور وراءكم، وأنا حريص على تطبيقه، فأين المفر؟».

وخلال اجتماعه أول أمس، بعدد من أعضاء مجلس نواب الشعب، اعتبر أن أداء اليمين الدستورية، ليست مجرد إجراء شكلي، مبيناً أن التحوير الوزاري الأخير الذي أجراه المشيشي، تضمن العديد من الخروقات، ومتهماً الطرف الثاني من الصراع، بالالتجاء إلى جهات أجنبية للتأثير في موقفه.

ووفق رئيس الكتلة الديمقراطية بالبرلمان، محمد عمار، فإن سعيد أكد أنه سيطلب من رئيس الحكومة، الاستغناء عن الوزراء الذين تحوم حولهم شبهات فساد، أو تقديم استقالته.

وبدوره، أكد النائب حاتم المليكي، أن رئيس الحكومة، هشام مشيشي، انقلب على الرئيس سعيّد، الذي كلّفه برئاسة الحكومة، وأوضح أنه تم التطرق خلال لقاء النواب بالرئيس للأزمة السياسية المتعلقة بالتحوير الوزاري من الجانب الأخلاقي، حيث إن المشيشي تعمّد إبرام اتفاقات (مع حركة النهضة وحلفائها)، خارج الإطار الأخلاقي الذي انبنت عليه فكرة الحكومة المستقلة، التي كلفه بها رئيس الدولة.

المشيشي يتجه للتهدئة

وقالت مصادر عليمة إن المشيشي وجه مراسلة إلى مؤسسة الرئاسة، يدعوها فيها إلى تمكينه من قائمة الوزراء المرفوضين من قبل الرئيس الرئيس قيس سعيد، بسبب ما يلاحقهم من شبهات فساد وتضارب مصالح.

ويرى المراقبون أن هذه الخطوة، تأتي كمحاولة للتهدئة بين الطرفين، بعد أن أكد الخبراء الدستوريون لرئيس الحكومة، أن الأزمة سياسية بالأساس، وتحتاج إلى حل سياسي،

وبيّن أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس، هيكل بن محفوظ، أنه تمّ الاستماع خلال الاجتماع مع المشيشي، لمختلف الآراء والمواقف في علاقته بالتحوير الوزاري، معتبراً أن الأزمة سياسية بالأساس، وتحتاج إلى حلول سياسية، إضافة لحلول قانونية، في إطار الدستور.

وتابع بن محفوظ أنه شخصياً، اعتبر أن الحلول التقنية، لا تضمن سيرورة هياكل الدولة وسلاسة العلاقة بين رأسي السلطة التنفيذية، مضيفاً أنه تمّ النظر في بعض الخيارات، ضماناً للحدّ الأدنى من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

النهضة تصعّد

في المقابل، اختارت حركة النهضة الإخوانية، التصعيد في مواجهة مؤسسة الرئاسة، وقال زعيمها راشد الغنوشي، الذي يتولى رئاسة البرلمان، في تصريحات صحافية، إنّ «الدستور يفرض على رئيس الجمهوريّة، تحديد موعد لقبول أداء اليمين الدّستوريّة للوزراء الحاصلين على تصويت الأغلبية في البرلمان»، وتابع أن «استقالة الحكومة مستبعدة، وليست في مصلحة البلاد في شيء، خاصة ونحن في قلب أزمة صحية واقتصادية غير مسبوقة»، وفق تعبيره.