توقفت عجلة السلام، التي كانت استأنفت الدوران مع دخول الإدارة الأمريكية الجديدة على خط الحرب في اليمن، وتبنيها الدعوة لوقف هذه الحرب وتعيين مبعوث خاص لذلك، لكن تصدي ميليشيا الحوثي لكل دعوات السلام، واستمرارها في التصعيد العسكري بتجاه محافظة مأرب، عرقل الجهود التي كان يبذلها مبعوثا الأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى اليمن. وبات الحديث عن المواجهة العسكرية سيد الموقف وإذا ما استمر التصعيد على هذه الوتيرة فإن آمال السلام التي تشكلت خلال الشهرين الأخيرين ستتلاشى، وستعود الأوضاع إلى المربع الأول للحرب.
إلى ما قبل الأسبوع الماضي كانت اللقاءات التي يجريها مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث، والأمريكي تيم ليندركينج تشكل بداية أمل بنجاح الجهود، التي يبذلها الرجلان ومعهما سلطنة عمان من أجل إقناع ممثلي ميليشيا الحوثي القبول بخطة وقف القتال المقترحة من الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية والانتقال نحو ترتيبات المحادثات الشاملة، لكن تعنت ممثلي ميليشيا الحوثي وتعمدها التصعيد العسكري في غرب مأرب، والدفع بكل إمكاناتها القتالية والبشرية نحو الهجوم على المدينة بدد تلك الآمال، وأظهر أن هذه الميليشيا لا تمتلك من قرارها شيئاً، وأنها تنفذ مخططاً إقليمياً، يستهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة ولا شيء غيره.
اشعال الجبهات
وما إن أنهى مجلس الأمن اجتماعه، وأصدر بياناً رحب فيه بالمبادرة السعودية ودعا أطراف الصراع إلى التعامل بإيجابية مع مساعي السلام، التي تقودها الأمم المتحدة حتى نفذت ميليشيا الحوثي أكبر هجوم على مأرب من جهة الغرب، وأشعلت الجبهات في معارك عنيفة لم يُشهد لها مثيل، وخلّفت المئات من القتلى خلال أيام، ما يرفع خسائر الميليشيا في الهجوم الأخير، الذي دخل شهره الثالث إلى ما يزيد على عشرة آلاف قتيل، وفق تقديرات مصادر عسكرية وطبية.
وتعتقد ميليشيا الحوثي التي باتت ورقة في مساومات مشاريع التسلح الإقليمية أن بمقدورها خداع اليمنيين والعالم عندما رفضت خطة الوقف الشامل للقتال، وطالبت بالتدرج في ذلك من خلال السعي لتحييد مقاتلات تحالف دعم الشرعية عن معركة مأرب، حتى تتمكن من السيطرة على المحافظة الغنية بالنفط والغاز، والتي يوجد بها محطة الكهرباء الأساسية في البلاد، لكن تلك الخدعة لم تنطل على أحد، وعادت أجواء الحرب لتفرض نفسها من جديد، فيما واصلت الدفع بالأطفال وصغار السن إلى هذه الجبهات أملاً في تحقيق أي تقدم بعد اقتراب هجومها من الشهر الرابع.