في سنوات مضت كان شهر رمضان حافلاً بالإثارة من ناحية الأغنيات والألعاب والاحتفالات المختلفة والعادات الجميلة التي كان يحييها الأهالي في أزقة البلدة القديمة في نابلس شمالي الضفة الغربية حتى ساعات الصباح، وتحديداً في باب الساحة بما يعرف بـ«السوق نازل» كما يقول الحاج الثمانيني موسى الشنتير أبو عبدالله من سكان البلدة القديمة.

يستذكر الثمانيني أبو عبدالله في تصريح لـ«البيان»، كيف كان يذهب وهو طفل برفقة أقرانه إلى «السوق نازل»، وكان كبار تجار المدينة يقدمون لهم الهدايا والحلويات والمال عطية لقدوم شهر رمضان المبارك، حتى تصل مسيرة الأطفال عند باب الساحة بالسوق عند جامع النصر.

ويضيف كانت الأجواء الرمضانية مختلفة جداً، كنا ننتظر رمضان بلهفة وشوق، فهو الشهر الوحيد الذي كان يسمح لنا أن نتأخر فيه طيلة ساعات الليل نلهو ونلعب وننشد على عكس بقية أيام السنة التي كان يحظر علينا فيها أن نتأخر خارج المنزل إلى ما بعد ساعات الغروب، وكنا ننفق ما جمعناه في النهار من نقود في شراء عصير الخروب والسوس والذرة والفستق وكل ما يحلو لنا بـ«السوق نازل»، وبعد إثبات رؤية الهلال كان يعلن عن حلول شهر رمضان بإطلاق سبع طلقات مدفعية فنخرج مع أطفال الحارة فرحين مستبشرين متوجهين إلى السوق وفي أيدينا الفوانيس وتتقدمنا الفتيات مرددات مدائح رمضان ونحن نردد وراءهن.

وردد أبو عبدالله لـ«البيان» بعض تلك المدائح التي كانوا يهتفون بها في السوق نازل: «ونزلت عالسوق نازل ولقيت لي تفاحة، حمرا حمرا لفاحة، حلفت ما أذوقها لييجي خيي وبيي، وأجا خيي وبيي وأطلعني عالعلية، ولقيت شب نايم، غزيته غزيته وشربت من زيته، زيته تمر حنا معلق باب الجنة، يا جنة ما أحلاكي، رب السما حلاكي».

ويتابع «كلما التقينا بمجموعة مماثلة من الأطفال يعلو صوتنا بالمديح، وعندما نصل إلى باب الساحة نشتري ما يعرضه الباعة المتجولون من أصناف الحلوى وفي الليالي الممطرة كنا نتجمع في دكان بائع السحلب ونحتسي كؤوس السحلب يزينها القرفة والزنجبيل، ونستمر بالنزول إلى السوق نازل طيلة أيام الشهر الفضيل باستثناء تلك الليالي التي تكون فيها الأمطار غزيرة ولا تحتمل».