استنفدت ميليشيا الحوثي كل تكتيكاتها القتالية في مأرب، وعادت بعد خمسة أشهر من بداية الهجوم الجديد على المحافظة، لتواجه هجمات مباغته ودقيقة للقوات الحكومية في عمق مواقع تمركزها في جبهات مديريات صرواح، ومديريتي مدغل ورغوان القتالية، التي تتمركز فيها منذ بداية الهجوم، وذهبت نحو فتح المدارس لتجنيد المزيد من الطلاب، لتعويض الخسائر الكبيرة التي منيت بها في هذه المغامرة. 

القوات الحكومية التي امتصت الهجمات المتتالية، والحشود الضخمة من المقاتلين الذين دفعت بهم الميليشيا إلى هذه الجبهات، تحولت إلى موقع الهجوم، واستهدفت تجمعات ميليشيا الحوثي باتجاه البلق والزور، وأحبطت كل محاولات التقدم في منطقة الطبعة الحمراء، وفي جبهتي الكسارة والمشجح، وهما أقرب جبهتين إلى مدينة مأرب، وكبدت ميليشيا الحوثي خسائر كبيرة، ما دفع قادتها إلى تغيير قادة الهجوم، بعد أن فقدوا ثلاثة من قادة الجبهات خلال شهرين. 

هذا التحول في مسار المعركة، جاء خلافاً لما كانت تتوقعه قيادة الميليشيا، والتي استندت على رهان تحقيق تقدم حاسم في معركة مأرب، يجعلها صاحبة الكلمة العليا في طاولة الحوار، ولهذا، رفضت الخطة التي اقترحتها الأمم المتحدة لوقف الحرب، والذهاب إلى طاولة المحادثات، وظنت أن بمقدورها تنفيذ عملية خاطفة، والوصول إلى منابع النفط والغاز، ومحطة توليد الكهرباء.

وطبقاً لهذه التوقعات المستندة على خطة قتالية محكمة، فإن القوات الحكومية التي تساندها مقاتلات ومدفعية تحالف دعم الشرعية، تعمل على اتجاهين، الأول هو امتصاص ضربات الميليشيا، والثانية استهداف وتدمير أي تعزيزات قادمة إليه من اتجاه مديريتي نهم وخولان، ومع هذين المسارين، تنفذ الوحدات الخاصة هجمات مركزة في قلب مواقع الميليشيا، لتفتح الطريق أمام تقدم القوات مرة أخرى نحو محافظة صنعاء، حيث لا يبعد خط المواجهة سوى بضعة كيلو مترات عن حدود هذه المحافظة مع مأرب. 

هذه التحولات في سير المعركة، رافقها مباحثات يجريها وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جيمس كليفرلي، مع القيادة السياسية في اليمن، يبحث خلالها الجهود التي بذلت في الآونة الأخيرة لوقف إطلاق النار، تمهيداً لإحلال سلام شامل ودائم، وعرقلة ميليشيا الحوثي لتلك الجهود. حيث جدد كليفرلي تقدير حكومة بلاده لموقف الحكومة اليمنية الإيجابي تجاه عملية السلام، والمبادرات الأممية والإقليمية لوقف إطلاق النار، مؤكداً التزام بريطانيا بالمساعدة على تحقيق السلام في اليمن، بحكم العلاقات التاريخية بين البلدين الصديقين، ووقوفها إلى جانب وحدة اليمن وسيادته واستقراره.

من جهتها، أعادت الحكومة اليمنية التحذير من النتائج المترتبة على استمرار هجوم ميليشيا الحوثي على مأرب، التي تضم ملايين النازحين، ونبهت إلى أهمية توجيه رسائل من المجتمع الدولي، بضرورة وقف العدوان الحوثي العبثي على المحافظة، والذي لن تجني منه الميليشيا سوى إزهاق الأرواح، وإطالة أمد الحرب، ومضاعفة المعاناة الإنسانية. كما طالبت بتكثيف الجهود لحل قضية الخزان النفطي العائم (صافر)، وإلزام ميليشيا الحوثي بالسماح للفريق الفني الأممي بالوصول للخزان، لتقييم حالته، لافتاً إلى الخطر البيئي والإنساني الذي يشكله على اليمن والمنطقة، ودعت إلى تضافر الجهود، لإنهاء تلاعب الميليشيا بهذا الملف الحساس.