بدأ العد التنازلي للملء الثاني لخزان سد النهضة الإثيوبي، مع تجديد أديس أبابا التزامها بالملء في الموعد المُحدد سابقاً، في شهر يوليو المقبل، وهو ما يضع مهمة الاتحاد الأفريقي لإنقاذ المفاوضات «في مأزق»، في خطٍ متوازٍ مع محاولات ومساعي أطراف أخرى، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية للدخول على خط الأزمة لرعاية اتفاق ملزم بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا).
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه نبرة التصريحات المتبادلة من الأطراف الثلاثة، والاتهامات المتكررة بعرقلة المحادثات، يختلف محللون حول مدى إمكانية الرهان على دور الاتحاد الأفريقي، الذي تتمسك أديس أبابا بوساطته. فيما يُعول آخرون بشكل مباشر على الدور الأمريكي الذي من الممكن أن يدفع جميع الأطراف للاتفاق على رؤية ملزمة قبيل الملء الثاني.
وفي سبيل مساعي إنقاذ المفاوضات، قدم رئيس الاتحاد للدورة الحالية رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، خلال زيارته الدول الثلاث أخيراً، مقترحات لإعادة إحياء المفاوضات والتوصل لاتفاق. في الوقت الذي أكدت فيه الولايات المتحدة التزامها بتقديم الدعم الفني والسياسي لتسهيل التوصل لاتفاق، وذلك عقب زيارة المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان للدول الثلاث.
يعتقد المحلل السياسي السوداني، محمد علي فزاري، بأن «خطورة الملء الثاني لخزان سد النهضة الإثيوبي تكمن في كونها تضرب جدار الثقة بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، وكذلك يعطل من المشروعات التنموية المستقبلية»، مشدداً على أهمية «التوصل لاتفاق ملزم بين الأطراف كافة».
ويشير في تصريحات خاصة لـ «البيان» إلى أنه «من المتوقع أن يحدث الكثير من الشد والجذب قبل الـ 39 يوماً المتبقية من الموعد الذي أعلنته إثيوبيا بخصوص ملء بحيرة السد»، لكنه في الوقت ذلك يعتقد بأنه «لا يزال هنالك وقت أمام الاتحاد الأفريقي من أجل أن يقول كلمته؛ خاصةً بعد أن اتفقت كل من السودان وإثيوبيا على إعطاء دور أكبر للاتحاد من أجل تقريب وجهات النظر والوصول إلى اتفاق ملزم بشأن تقاسم حصة المياه وكذلك عملية تشغيل وملء السد».
ويرى المحلل السياسي السوداني أن «هذه القضية إذا لم تحل فستكون أزمة مستديمة تؤثر على أمن واستقرار القرن الأفريقي لأن كلاً من الدول الثلاث هي دول محورية واستراتيجية».