من جديد يظهر ملف المصالحة في المشهد السياسي الفلسطيني، وتقف قيادة القطبين فتح وحماس في كل من رام الله وغزة على تقاطع طرق، وهذه المرة ليس فقط لجهة مواجهة مخاطر الاستمرار في انفصال الجغرافيا الفلسطينية، وإنما أيضاً في التمثيل السياسي.
وعلى مدار اليومين الأخيرين، أفضت لقاءات رئيس جهاز المخابرات المصري عباس كامل، مع القيادة الفلسطينية في رام الله وقيادات من حركة حماس في قطاع غزة، إلى حقيقة وأهمية تحقيق المصالحة الفلسطينية، باعتبار أن كل نقاط التهدئة وإعادة إعمار القطاع وغيرها من القضايا، باتت مرتبطة بتحقيقها.
وكان كامل تقدم بمقترح للإسراع في تشكيل حكومة وفاق وطني، لم يجد الرئيس الفلسطيني محمود عباس سوى الموافقة عليها فوراً، فطلب من ضيفه المصري توجيه دعوة لكافة الفصائل الفلسطينية للحوار في القاهرة قريباً، ومن ثم عقد حوار ثنائي بين حركتي فتح وحماس، يتناول تشكيل حكومة وفاق وطني، تتولى الإشراف على إعادة الإعمار، ودخول حركة حماس في النظام السياسي، من بوابة منظمة التحرير الفلسطينية.
حركة حماس من جانبها تريد حصة وازنة في المنظمة، وترفض مشاركة شكلية في الحكومة، وكذلك شروط الرباعية الدولية، وفي حال استمر هذا الرفض، فالمرجّح طبقاً لمراقبين ومحللين، فإن الفلسطينيين ذاهبون إلى انفصال سياسي، بعد الانفصال الجغرافي، ولذا فإن فرص تحقيق تقدم في اللقاءات المرتقبة، تبدو ضعيفة للغاية.
ويرى المحلل السياسي هاني المصري، أن الانفصال في التمثيل السياسي بعد الجغرافي، أصبح من بين التحذيرات والمخاطر التي تتهدد المشروع الوطني الفلسطيني، مبيناً أن ما تناوله كامل من موضوعات كانت بمجملها مهمة وضرورية، لكن ما يعيبها أنها تناقش في ظل استمرار الانقسام، ودون حتى أي تباحث فلسطيني داخلي لإنهائه، والشروع في تشكيل حكومة وحدة وطنية، والاتفاق على إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، والاتفاق كذلك على برنامج سياسي.
وأضاف المصري الذي كان يتحدث لإذاعة «النجاح» المحلية، أنه على العكس من الأمور آنفة الذكر، نلاحظ العودة لتراشق الاتهامات بين حركتي فتح وحماس، مبيناً أن الأمور إذا بقيت على هذا الحال، وإذا ما استمرت جهود الوسطاء والأطراف العربية والدولية في ظل الانقسام، فإن هذا سيقود نحو انفصال سياسي.
ولفت المصري إلى أن إعمار قطاع غزة وفتح المعابر وإقامة المشاريع، في ظل عدم الشراكة ووجود سلطة واحدة، سيعزز الانقسام وسيدفع تحو الانفصال.
بدوره، يرى القيادي البارز في حركة فتح صبري صيدم، أن الشراكة الحقيقية في صناعة القرار السياسي الفلسطيني، تستوجب التغلب على كل القضايا الخلافية، مبيناً أن تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، يتطلب ترجمة حقيقية على الأرض، بعيداً عن لغة الشعارات.
ويعدّ تشكل حكومة وحدة وطنية، حجر الزاوية والركن الأساس بالنسبة للشارع الفلسطيني، لتحقيق تطلعاته في الحرية والاستقلال، ويُجمع الكل الفلسطيني على أن الانقسام المستمر منذ نحو 15 عاماً، قد أضر كثيراً بالقضية الفلسطينية على المستويات المحلية والعربية والدولية. ومنذ أن هدأت الحرب في قطاع غزة، عاد الحديث عن المصالحة بين حركتي فتح وحماس يخيم على المشهد، غير أن السواد الأعظم من الفلسطينيين، أصابه الإحباط نتيجة لكثرة اللقاءات والحوارات دون تحقيق نتائج ملموسة على الأرض.