لم تتوقّف عجلة البناء والإعمار في مصر طوال سبع سنوات كانت فيها البلاد أشبه ما تكون بـ «خلية نحل»، مشروعات تنموية عملاقة انتشرت على طول البلاد وعرضها، لاسيّما في مجال البنية التحتية التي غيّرت من معالم البلاد وألحقتها ركب التطوّر، والتقدّم المذهل في تنفيذ مشاريع الإسكان.
ولعل من أبرز المشروعات العملاقة التي شكلت فارقاً لا تخطئه عين، مشروع العاصمة الإدارية الذي أعلنت عنه الحكومة أول مرةّ خلال مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري في 13 مارس 2015، ومضت فيه بخطوات ثابتة تسابق الزمن من أجل إنجازه حتى أوشك الآن على الاكتمال. يقع المشروع الاستراتيجي على مساحة إجمالية 170 ألف فدان، بين إقليمي القاهرة الكبرى وقناة السويس، بالقرب من الطريق الدائري الإقليمي وطريق القاهرة السويس، والذي من المنتظر أن يضم المؤسسات المصرية الرسمية مثل الرئاسة والبرلمان والوزارات، فضلاً عن السفارات الأجنبية ومطار دولي ومتنزه رئيسي. ويصل مجمل سكان العاصمة الإدارية التي من المقرر أن ينتقل إليها من 40 إلى 50 ألف موظف حكومي إلى ستة ملايين ونصف المليون نسمة فور اكتمالها، فيما من المنتظر أن تخلق نحو مليوني فرصة عمل.
ويأتي إناء العاصمة الإدارية في إطار تطوير القاهرة إلى مركز سياسي وثقافي واقتصادي رائد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عبر بيئة اقتصادية مزدهرة تدعمها الأنشطة الاقتصادية المتنوعة وتحقيق التنمية المستدامة لضمان الحفاظ على الأصول التاريخية والطبيعية المميزة التي تمتلكها القاهرة، وتسهيل المعيشة فيها من خلال بنية تحتية تتميز بالكفاءة. ويتضمن المشروع الاستراتيجي رفع عدد الموظفين بها إلى 100 ألف موظف بعد الأعوام الثلاثة الأولى يتم نقلهم إلى المدينة، فيما تضم العاصمة الإدارية الجديدة مراكز مؤتمرات، وأحياء رئيسية، من بينها الحي الحكومي الذي يضم 18 مبنى وزارياً ومباني للبرلمان والرئاسة ومجلس الوزراء، فضلاً عن الحي السكني، والمدينة الطبية والرياضية والحديقة المركزية على مساحة ثمانية كم 2، ومدينة ذكية وترفيهية، ومشروعات عقارية، إلى جانب استهداف بناء محطة توليد للكهرباء، بطاقة إنتاجية 4800 ميغاوات.
وتضم العاصمة الإدارية الجديدة، عدة أحياء على رأسها حي المال والأعمال والذي تتوسطه أكبر ناطحة سحاب في أفريقيا «385 متراً» من تنفيذ شركة «سي إس سي إي سي» الصينية، كما يضم الحي 12 مجمعاً تجارياً، وخمسة مبانٍ سكنية وفندقين.
وتمثّل العاصمة الإدارية الجديدة نموذجاً حقيقياً لتطوّر مستويات التخطيط العمراني على المستوى الدولي والمحلي، وفق ما يقول رئيس الجمعية المصرية للتخطيط العمراني، د. محمود غيث، مشيراً إلى أن العاصمة الجديدة ستستوعب كل الأعباء التي تقع على العاصمة القاهرة. تمّ إنجاز 70 في المئة من إجمالي مشروعات المرحلة الأولى، و95 في المئة من مشروع حي الوزارات، تمهيداً لنقل الموظفين إليه أواخر العام. وتجري الحكومة المصرية، استعدادات مبكرة لحفل افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة، أواخر العام الجاري. واعتبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة يمثل ميلاداً للجمهورية الجديدة.
وتستهدف العاصمة الإدارية الجديدة، تحقيق سبعة أهداف رئيسية، أولها «مدينة خضراء»، إذ إن نصيب الفرد من المسطحات الخضراء والمفتوحة وفق المعايير العالمية لجودة الحياة 15 متراً مربعاً للفرد، و«مدينة مستدامة»، إذ تستخدم محددات الاستدامة في الطاقة وتدوير المخلفات 70 في المئة من أسطح المباني تغطى بوحدات الطاقة الشمسية، و«مدينة متصلة» يراعى بها تدرج جميع شبكات النقل والمواصلات «قطار، مترو، ترام، باص وتاكسي».
كما يستهدف المشروع «مدينة ذكية» تقدم جميع خدمات المدينة إلكترونياً، و«مدينة للمشاة»، حيث تواصل أحياء المدينة من خلال ممرات للمشاة والدراجات، كما أن 40 في المئة من شبكة الطرق تخصص للمشاة والدراجات، فضلاً عن «مدينة الأعمال»، لتكون مركزاً للمال والأعمال يخدم إقليم القاهرة الكبرى وإقليم قناة السويس، فضلاً عن مدينة للسكن والحياة، باعتبار أن 35 في المئة إسكان عالي الكثافة، و50 في المئة إسكان متوسط الكثافة، و15 في المئة إسكان منخفض الكثافة، و30 في المئة من مساحة المدينة مخصص للسكن والحياة، عبر 1.5 مليون وحدة سكنية.