مع أن تجارة القهوة ظلت حكراً على الذكور في اليمن الذي يشتهر بزراعة أجود أنواع البن، إلا أن ريهام هاشم اقتحمت هذا المجال وبدأت منذ مطلع العام الجاري إدارة مشروع لتجارة القهوة، حيث تتولى بنفسها مهمة الإشراف على شراء البن من أفضل مزارعه، ومن ثم تحميصه وتعبئته قبل أن يتم توزيعه على محلات البيع وتطمح أن تعيد لهذا المنتج حضوره في العالم.



ريهام التي ولدت في المدينة المنورة وتنقلت بين المدينة ولندن وصنعاء كانت أسرتها تريدها الالتحاق بكلية الطب باعتبارها الابنة الكبرى لكن خوفها من الآلات الحادة دفعها لدراسة الترجمة، ومع أنها عملت مترجمة لعدة سنوات لصالح سفارات ومنظمات إلا أن ميولها التجارية، كانت تدفع بها إلى التفكير في امتلاك مشروعها الخاص، إذ قادها عشقها للقهوة أن تقتحم هذا المجال الذي ظل لفترة طويلة حكراً على الذكور. تقول ريهام: «أنا الابنة الكبيرة في الأسرة وأنجبتني والدتي بعد عناء سبع سنوات من الانتظار وحرص على أن يربيني والدي على القوة والشجاعة وكان يقوم بتدريبي فنوناً قتالية ودفاعاً عن النفس ولأنه كثير السفر كان يعتمد علي في أمور إخواني الصغار خاصة البنات، أحبت في طفولتها الرسم والألوان والعزف والهدوء، ولكنها لا تتمسك بهواية واحدة أو بشيء ما «لأني مزاجيه وسريعة الملل».



حصلت على الشهادة الثانوية العامة القسم العلمي بتفوق لأن الهدف كان دخولها كلية الطب البشري أو الأسنان ولكن تحولت ميولها تماماً إلى كلية الآداب، حيث درست الترجمة، وأنهت الجامعة بتفوق أيضاً، وبعد التخرج عملت كمترجمة ولكن من المنزل لدى سفارات ومنظمات تقوم بترجمة التقارير والمقالات وغيرها لفترة» ولكن كنت أشعر بأن ذلك لا يكفي لأن لدي طاقة وطموحاً وشغفاً وأفكاراً لكل شيء «ولكن ولأنها أم لطفلين فقد كرست كل وقتي لتربيتهما».



تتحدث ريهام اليوم بثقة بعد أن قطعت خطوات في مشروعها الخاص وتقول: «طوال الوقت كنت أفكر بشيء يطور ذاتي، ففكرت بمشروع وبدون دراسة أو تفكير ونفذته خلال أسبوع وهو مشغل خياطة، ولكن المشروع كان خطأ فادحاً «لأنه ليس لدي أي حب أو فهم لهذا العمل»، فحاولت المقاومة عامين لكن بدون أي فائدة وهذا ولد لدي خوفاً كبيراً من تكرار تجربة الدخول في عمل مشروع خاص آخر.



وتضيف: «لا أنكر أني اكتسبت خبرة كبيرة في التعامل والإدارة والهدوء والصبر، وكانت تحاول الهروب من التفكير بمشروع آخر حتى قررت الدخول في مجال تجارة القهوة اليمنية المختصة» وخاصة أني من عشاق البن اليمني ومن دولة تعتبر من أفضل الدول في إنتاج أجود أنواع البن». وتقول: «دخلت هذا المجال بهدوء وبخطوات مدروسة وحزت على ترحيب كبير من التجار والمزارعين وأسميته التاج البني واخترت الأسد شعاراً له لأنه يرمز إلى القوة».



وعن منتجها تقول: «أعمل في بيع قهوة يمنية مختصة والمختصة تعني أجود أنواع البن المنقى يدوياً والمزروع في مرتفعات ومجفف سرايري وخالٍ من أي شوائب أو عيوب ويتم حفظه في درجة رطوبة معينة، حيث تقوم بإنتاج البن اليمني المحمص في الداخل وتصدير حبوب البن الخضراء للخارج وفقاً للمقاييس العالمية للبن وبأسعار منافسة جداً».



تتحدث سيدة الأعمال عن عملها وتقول إنها تذهب إلى المزارع بعد أن تعرفت على مزارعين وأخذ عينات منهم وتقوم بشراء أفضل العينات، حيث تذهب مرة أو مرتين فقط في العام وبعد اختيار الأنواع تقوم بمتابعة إيصال الكميات عبر الهاتف، وما أن تصل الكميات يتم فرزها ثم تحميصها بدرجات مختلفة حسب رغبة الزبون إما فاتح أو غامق، يتم طحن الأنواع على درجات مختلفة ناعمة أو خشنة (مقطرة).



حصلت الشابة على تشجيع من جميع المحيطين بها كما دعمها في البداية تجار البن وأعطوها الكميات التي طلبتها بدون أن تدفع لهم مقدماً، وكانوا متعاونين جداً معها وانبهروا بحجم المبيعات التي حققتها خلال فترة بسيطة، وتقول إن حلمها هو تحميص وإنتاج بن يمني مختص كسلعة سهلة في الأسواق وتطوير المشروع وأقوم بتوظيف أشخاص شغوفين بالبن وتنمية هذا الجانب من جميع النواحي سواء الزراعية أو الصناعية، وتتطلع أن يعود البن اليمني إلى الصدارة كما كان في السابق على المستوى الدولي.



وخلافاً للصورة النمطية عن المجتمع الزراعي تجزم ريهام بأنها تستقبل بترحاب وتعاون في مناطق جلب البن سواء في حراز أو بني مطر أو برع وانس أو الحيمة أو شيعان.. وتعمل حالياً على توسيع مشروعها من خلال ضم شركاء آخرين.